صنعاء .. مجلس النواب يقر مشروع تعديل قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر بعد افراغه من محتواه “قراءة مفصلة”
يمنات – خاص
اقر مجلس النواب بصنعاء، الأحد ٠٣ أكتوبر/تشرين أول ٢٠٢١ تقرير اللجنة المشتركة المكلفة بدراسة مشروع قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، الصادر برقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦.
وتكونت اللجنة المشتركة من لجان الخدمات والعدل والاوقاف وتقنين أحكام الشريعة الاسلامية والدستورية والقانونية.
وبموجب التقرير الذي حصل “يمنات” على نسخة منه اعادت اللجنة صياغة بعض فقرات المادة ٩٩ مكرر١ وحذفت بعضها.
واقترحت اللجنة ان يعاد تسمية المادة برقم (٨٨) مكرر، وقضت بأن تظل عقود الايجارات سارية المفعول خلال الظروف الاستثنائية، على أن تمدد الفترة بفترة مماثلة وبذات الشروط ولمرة واحدة فقط، وبعد التمديد وعند طلب الإخلاء للعين المؤجرة تطبق احكام المادتين (٨٩، ٩٠) من القانون النافذ.
وتنص المادة ٨٩ على: ( إذا رغب المؤجر أو المستأجر في إنهاء عقد الإيجار فعلى الطرف الذي يرغب في ذلك إشعار الطرف الآخر قبل ثلاثة أشهر من انتهاء مدة العقد بالنسبة للمساكن وستة شهور بالنسبة لغيرها من المباني ما لم تكن مدة العقد أقل من المدة المحددة للتنبيه، فلا يكون المؤجر أو المستأجر ملزماً بالتنبيه، كل ذلك ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك او نص القانون على مدة أقل).
وتنص المادة ٩٠ على: (يتم إخلاء العين المؤجرة وتسليم المفتاح للمؤجر في نهاية آخر يوم من الأيام المدفوع عنها أجرة أو نهاية آخر يوم من مدة العقد، ولا يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر التخلية قبل هذا الوقت ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك، وإذا لم يقم المستأجر بإخلاء العين المؤجرة عُد غاصباً ويحكم عليه بالتخلية ودفع أجرة مدة الغصب والتعويض إذا كان له مقتضٍ).
كما حذفت اللجنة الفقرة ب من هذه المادة، واعادت صياغة البنود (٢، ٣، ٤، ٥، ٦) في بند واحد، قضى بأنه مع مراعاة احكام الفقرات (ب، ج، د) من المادة ٩١ وأحكام المادة ٩٣ من القانون النافذ، وفي حالة عدم الوفاء بأجرة العين المؤجرة، يجوز للمؤجر طلب اخلائها ، مالم يقدم المستأجر الضمانات الكافية للوفاء بالأجرة.
وتنص المادة ٩١ من القانون النافذ على: (يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر إخلاء العين المؤجرة قبل انتهاء فترة العقد وتحكم المحكمة به في الأحوال الآتية:
أ- إذا لم يف المستأجر بالأجرة المستحقة عليه لمدة ثلاثة شهور متتالية خلال (30) يوماً من تكليفه بالوفاء على أنه لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بوفاء الأجرة مع غرامة المرافعة التي تقدرها المحكمة والمصاريف الرسمية قبل إقفال باب المرافعة، فإذا تكرر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة أكثر من مرة في السنة الواحدة حكم عليه بالإخلاء ولا يكون غيابه أو إقفاله للعين المؤجرة مبرراً لتأخير دفع الأجرة.
ب- إذا أساء المستأجر استعمال العين المؤجرة بأن أحدث فيها ضرراً أو تخريباً غير ناشئ عن الاستعمال العادي أو استعملها بطريقة تتنافى مع شروط العقد أو طبيعة العين أو العرف الجاري.
ج- إذا أجر المستأجر العقار المؤجر أو جزءاً منه من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن ثابت صريح من المؤجر.
د- إذا ثبت ممارسة المستأجر في العين المؤجرة لعمل يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية أو القوانين أو النظام العام والآداب العامة).
وتنص المادة ٩٣ على: (يجوز طلب إخلاء المباني والمنشآت التي يخشى سقوطها، أو سقوط جزء منها مما يعرض الأرواح والأموال للخطر، وكذلك المنشآت التي تحتاج ضرورة إلى ترميم أو صيانة لتأمين سلامتها).
ومن تعديلات اللجنة البرلمانية على المادة ٩٩ مكرر١ الواردة في مشروع تعديل القانون المقدم من الحكومة يتضح ان المشروع افرغ من محتواه، ما يعني التخلي عن حماية المستأجر في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد، وانقطاع دفع المرتبات.
ويمكن القول ان الحكومة التي قدمت مشروع تعديل القانون كانت قد راعت ظروف المستأجر ووضعت حدا لجشع المستأجرين، فيما مجلس النواب وهو ممثل الشعب تخلى عن ذلك، وفتح الباب على مصراعيه لجشع المؤجرين.
ومشروع القانون المقدم من الحكومة في المادة ٩٩ مكرر١، أقر ان تظل عقود الايجارات سارية المفعول خلال الظروف الاستثنائية، وتمدد بقوة القانون بشروطها الأولى وبالأجرة السابقة، فيما اللجنة البرلمانية المشتركة حددت التمديد بفترة مماثلة، ولمرة واحدة فقط، مغفلة حتى التمديد بنفس الشروط الأولى والأجرة السابقة.
ضربة ثانية
وبخصوص المادة ٩٩ مكرر٢ أقرت اللجنة حذفها بمبرر انه “لا يمكن تحديد الايجارات التي تخضع لظروف المكان والزمان المتغيرة بشكل متسارع وتخضع للعرض والطلب واختلاف كل عقار من حيث البناء والتشطيب والمنطقة الجغرافية التي يقع فيها كل عقار من شقق وفلل وبيوت فارهة ومتوسطة في عدة مناطق ولا يمكن وضع معايير لائحية وانظمة مضبوطة لتحديد الايجارات، والقول بغير ذلك سيوجد الكثير من المشاكل والمنازعات”.
ويعني تبرير اللجنة ترك تحديد الايجارات للمؤجرين الذي يزداد جشعهم يوما عن أخر، بل انها ذهبت لاختلاق مبررات لهذا الجشع بحجة عدم القدرة على تنظيم معايير لائحية وغيرها من الضوابط، وان مشاكل ومنازعات ستنشأ بسبب ذلك، وهو مبرر غير منطقي بالامكان تشكيل لجان فرعية في كل مديرية وحي لتحديد الايجارات مكونة من ممثلين عن السلطات المحلية والعقال والمستأجرين.
وبذلك تكون اللجنة البرلمانية قد وجهت ضربة أخرى لمشروع تعديل القانون المقدم للحكومة، قضت بها على أي امل لوجود ما يمكن ان يحمي المستأجر من أسعار الايجارات التي تخضع لمزاج المؤجر وجشعه، والتي ترتفع بشكل جنوني في بداية عام او بتأجير العين المؤجرة لمستأجر جديد، بعد مغادرة السابق.
وكانت المادة ٩٩ مكرر٢ قد قضت بتشكيل لجنة فنية يصدر بها قرار جمهوري لتحديد القيمة الايجارية للمباني المعدة للايجار، واعداد لائحة تحدد العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ومن هناك فإن اللجنة البرلمانية تكون قد منعت السلطات المحلية من اصدار تعاميم في بداية كل عام بمنع المؤجرين من رفع الايجارات وتوجيه أقسام الشرطة بعدم الإخلاء، ما يعني ترك المستأجر فريسة للمؤجر، بل وتقنين كل ما يقوم به المؤجرين من تعسفات تجاه المستأجربن.
حذف
كما حذفت اللجنة البرلمانية المادة ٩٩ مكرر٣ بمبرر انها مستوعبة في المادة ١٠٢ من القانون النافذ، وبالتالي لا يجوز وضع عقوبتين في قانون واحد.
وتنص المادة ١٠٢ على: (يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائة ألف ريال كل مؤجر قام بعمل يقصد به مضايقة المستأجر والضغط عليه لإخلاء العين خلال مدة الإيجار أو زيادة الإيجار المحدد في العقد).
في حين ان المادة في مشروع تعديل القانون المقدم من الحكومة كانت قد وضعت عقوبات على المؤجر والمستأجر.
اعادة صياغة
واعادت اللجنة البرلمانية صياغة المادة ٩٩ مكرر٤ بحيث تعطى الولاية للمحاكم الابتدائية في أمانة العاصمة والمحافظات والمديريات للنظر في القضايا الايجارية على وجه الاستعجال، بعد ان كانت المادة في مشروع تعديل القانون قد خصصت قاضي في كل محكمة ابتدائية بأمانة العاصمة وعواصم المحافظات للنظر في قضايا الايجارات على وجه الاستعجال.
وبررت اللجنة ذلك بأن المحاكم الابتدائية ذات ولاية عامة للنظر في جميع القضايا.
وأقرت اللجنة اضافة مادتين بعد المادة ٩٩ مكرر٤، وقضت المادة المضافة١ بأن تسري أحكام المادتين ٨٨ مكرر و٩٩ مكرر٤ على جميع العقارات المعدة للسكن بما في ذلك المعدة للأوقاف وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية ووحدات القطاعين العام والمختلط والخاص. فيما قضت المادة المضافة٢ بأن ينتهي العمل بأحكام المادتين ٨٨ مكرر و٩٩ مكرر٤ بانتهاء الحرب.
ذر الرماد على العيون
والخلاصة ان ما تم اقراره من قبل مجلس النواب في هذا الجانب كان بمثابة ذر الرماد على العيون، ولم يحقق الهدف من التعديل وهو حماية المجتمع في ظل ظروف استثنائية تشهدها البلد لم يسبق ان شهدتها خلال الخمسين عام الأخيرة، بل ان هذه التعديلات اصبحت أكثر ضررا بالمجتمع، وكأن الاولى باللجنة البرلمانية ان تضع ضوابط لأسعار الايجارات التي تتسارع بشكل جنوني كنوع من الحماية للمجتمع، لكنها شرعنت للمؤجرين جشعهم، وكأن اللجنة تمثل المؤجرين وليس المجتمع الذي كان يتطلع لقانون يحميهم من التعسفات.
وتقرير اللجنة المشتركة الذي أقره مجلس النواب، هو ذاته التقرير الذي كانت اللجنة قد تقدمت به إلى المجلس في ١١ يوليو/تموز ٢٠٢١، وأقر اعادته إلى اللجنة لمزيد من الدراسة.
وهنا نتسأل مالذي اضافته اللجنة بعد اعادته إليها للدراسة بقرار المجلس، وكيف تم تمرير التصويت عليه في القاعة، وهو نسخة طبق الأصل من التقرير السابق، وهو ما يؤكد ان اقرار مشروع التعديل تم بضغوط من جهات نافذة.
وكان “يمنات” قد نشر حينها تقرير اللجنة المشتركة الذي أقر المجلس حينها اعادته الى اللجنة لمزيد من الدراسة.
للمزيد
وكان مجلس النواب بصنعاء قد أجل في ١٢ يوليو/تموز ٢٠٢١، نقاش مشروع تعديل القانون رقم (١) لسنة ٢٠٠٦، بشأن العلاقة بين المؤجر والمستأجر، على ان يبقى العمل بالقانون النافذ حتى يتم التعديل.
وجاء التأجيل بناء على تقرير جديد للجنة المشتركة التي أحيل إليها مشروع تعديل القانون، بعد أن أعاد المجلس إليها التقرير لاستكمال الدراسة.
وقدمت اللجنة في ١٢ يوليو/تموز ٢٠٢١ تقرير أخر إلى المجلس رأت فيه تأجيل النقاش حوله إلى اجل غير مسمى، وهو ما وافق عليه المجلس.
وبررت اللجنة التأجيل بأن مشروع تعديل القانون “يتعلق ويرتبط بمجموعة من القوانين النافذة، وان الاشكالية لا تكمن في التعديل فقط، وانما بمعالجة الموضوع من جذوره، ما يستوجب تلمس العديد من الجوانب العملية الأخرى المتعلقة بالحكومة التي يجب عليها التركيز بإنشاء مشاريع سكنية لكافة شرائح المجتمع، وبما يكفل زيادة العرض للمساكن، للقضاء على هذه الاشكالية. مؤكدة ان المشروع بحاجة إلى المزيد من الوقت للدراسة لتفادي أي تكرار او تناقض مع المنظومة التشريعية وبين ما قدمته الحكومة، خاصة ما تضمنه القانون المدني النافذ الذي نظم العلاقة العقدية وأثرها، والقانون النافذ الذي نظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وقانون المرافعات والتنفيذ المدني، ليتم التوصل إلى قانون منصف للعلاقة الايجارية”.
ومن هنا يتضح جليا حجم تناقض اللجنة مع نفسها، بعد تقديمها التقرير الذي تم اقراره في جلسة الأحد ٠٣ أكتوبر/تشرين اول ٢٠٢١، رغم انه نفسه تقرير ١١ يوليو/تموز ٢٠٢١، فكيف أقر المجلس هذا التقرير رغم رفضه قبل ٣ أشهر.
ومشروع تعديل القانون اضاف (4) مواد إلى القانون النافذ، بهدف حماية المستأجر في ظل الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن، وتوقف دفع المرتبات، وقلة فرص العمل.
ويعيد ذلك إلى الأذهان ما حصل في العام ٢٠٠٦ عند مناقشة القانون النافذ، والذي أفرغ من محتواه، وعدل لصالح المؤجر على حساب المستأجر، حتى ان الصحافة يومها علقت على ما يجري في البرلمان بأن اعضائه أصبحوا مؤجرين.