فضاء حر

“إعتراف أخير، ورجاء وحيد”

يمنات

ماجد زايد

بإمكانكم أن لا تصدقوا هذا، لكنها حقيقة، وتكرار دائم لما أقول، أنا أحيانًا لا أكتب هذه المنشورات بصفحتيّ، لا أسردها بيدي، شيء ما بداخلي يكتبها ويسردها لكم، حالة غريبة تسيطر عليّ لتكتبها نيابة عن إرادتيّ، دون مراعاة لأيّ شيء بعالميّ، قضايا جريئة، أمور عامة، حكايات ليس ليّ بها علاقة، أحداث تسرد ذاتها بأصابع رأسي، تكتب كلماتها وتفاصيلها في لوحها المهيء من حائطيّ، قوة غريبة حقًا، تستحوذ عليّ وعلى تفكيريّ، وكثيرًا ما تتكرر في حياتي وصفحتي ومنشوراتي، ربما هي من يكتب إليكم الأن، وربما أنها من يسرد لكم هذا الإعتراف الأخير، أنا لا أعتقد أبدًا أن هذا البوح بيديّ، ولا أكاد أجزم أنني أعترف إليكم الأن بما يحدث معيّ، لكنها حقيقتي، عن الكتابة في حياتي، عن قوة جبارة تسيطر على تفاصيليّ، وتعيد ترتيب أولوياتيّ، وتتحكم بيّ الى ما لا نهاية، لتكتب الاف الكلمات والعبارات والمقالات بلحظات معدودة، في تناغم عجيب وإنسجام غريب، دون هفوات كثيرة، ودون حشوات دخيلة، ودون تكرار دفين، بل هي سلسلة متناهية من الموسيقى بينما تسرد أحداثها بخفة متناهية، أنا لا أمتدح ذاتيّ هنا، ولا أقول لكم أنني موهوب أخير أو كاتب عظيم، ليست هذه طريقتيّ، وليست هوايتيّ، بل هي حالة لا تحدث بإرادتيّ، وقوة لا تنبعث من رأسيّ، لكنها شغف مثير، ورغبة جامحة تخفف من وطأة ما يضج بداخليّ، هآنذا إعترف لكم، بل هي من يعترف أمامكم، يبدو أننيّ إستطعت أخيرًا إرغامها على قول هذا في وجوهكم..

لست هذا أنا، وهذه التفاصيل ليست ملامحي.. وهذا الإعتراف المتواري خلف الكلمات ليس ليّ، ليس عالمي، وهذا المصير لا يشبهني، ولا ينتابني فيه شعور الإنتماء، شيء ما حدث، نوع من الخداع المتعمد، أمر غريب جدًا، مازال يدور برأسي الأن، لكنني لست هنا..

يا من تحدق في كلماتي الآن.. ملامحي هذه ليست حقيقية، والكلمات هنا مثل الملامح، مثل العناوين، مثل العبارات، مثل الخيالات، مثل التكرار الدائم، ليست سوى عدة للتنكر في حفلة يملؤها الكثير من المتنكرين.. لست هذا أنا، وكل ما يحدث لي خطوط من الزمن يتلاشى مع الوقت، كذبة كبيرة أعيشها كالخيالات ويصدقها الجميع من حولي، تكرار متماهي لسرابية الأيام والأحداث، وزمن قصير جدًا من الوهم المتسارع كأنه حياة، أحداثه وتفاصيله وذكرياته من اللآشيء.. لا شيء هنا بالفعل..

هذه حقيقة الماضي والحاضر والكلمات المكتوبة، وكل ما يحيط بي تكرار عجيب لمسلسل زمني صنع بعناية فائقة، أنا ومشاعري وعواطفي فيه أشياء تظهر وتتلاشى في العدم، وفيه الحب والحقد والذكريات أساس من المجهول والقدر، عن المضمون الحقيقي حينما يصبح بلا قيمة بعد تكرار وتكرار لخطوطه في سياق الأيام اللاحقة، عقدة التفكير تتحول مع المعرفة الحقيقية لجنون حقيقي يزيد في غيِّه وفهمه البعيد، عن التفكير حينما يتجاوز العدمية المطلقة ليفقد سيطرته الفعليه على نفسه متعرضًا لأشياء لا يعرفها شخص سواه، لكنه وفي كل مرة يعجز عن توصيفها كلما حاول وحاول، هناك بالفعل قوة ما تمنعنا عن الإفصاح والإعتراف، وقوة أخرى ترغمنا على القول والأفعال، ومن يدري.. لكنني لست هنا، ولست هذا أنا.

لهذا، أرجوكم:
لا تلومونيّ ولا تشتمونيّ ولا تفكروا تجاهي بفكرة الإنتقام الدائم والتحريض المهين.. أنا أعلم جيدًا أنها تثير أوجاعكم وتدمي قلوبكم وتعيد رغبة الكراهية تجاهي في رؤوسكم، لكنني لا أستحق هذا، ولا أستحق مزيدًا من التحريض، لأنني لست وغدًا لعينًا، ولست شخصًا كاذبًا، ولست متملقًا يراوغ بمعطيات معقدة، أنا مجرد كائن من هؤلاء الناطقين بما يريده الضمير المسيطر عليهم، وهذا ما يجعلني شخصًا خارج إرادته، وكاتبًا لا يعيّ كثيرًا مما يكتبه القدر المسيطر عليه، وهنا تذكروا هذا، أنا أموت الف مرة من كل كلمة مهينة أو تعليقات لا تلقون لها بالًا بينما تقولونها أو تكتبونها في لحظاتكم العابرة هنا..
وأخيرًا، سامحوني الى أن نلتقي مجددًا..
محبتي لكم جميعًا.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى