فضاء حر

شوارعنا مليئة بالكثير من المأسي

يمنات

ماجد زايد

في شارع خولان، وشارع تعز، وبعض شوارع العاصمة صنعاء، هناك أسر كاملة مع أبناءها وأطفالها يفترشون الأرصفة بمنتصف الطرق الأسفلتية، يضعون على الأرض كراتين عادية، ويربطون شوايل ممزقة من شجرة الى شجرة مقابلة في كلا الجانبين، يصنعون لأنفسهم بيوتًا عابرة كأنهم مغادرون وعابرون وغير أبهين بفكرة الحياة لأنهم لم يملكوا من مادياتها شيئًا، كنت قبل قليل أسير بجوارهم، وأشاهدهم، وأفكر في أحوالهم وأجسادهم المنهكة من برد الأرصفة الباردة، وأتساءل في داخلي عن هؤلاء البشر الذين يسيرون بسياراتهم من جوارهم في الجانبين، الآ يفكرون في غيرهم وكيف يعيشون حياتهم، الم يتخيلوا أنفسهم في هذا البرد مشردين بين شوايل وكراتين؟!

البرد على أشده في صنعاء ومحافظات الشمال اليمني، وبعض الناس يسكنون الشوارع مع أطفالهم في البرد، هؤلاء الناس يظنون الشوايل جدران والكراتين أفرشة، يظنون الحياة مجرد برد ومعاناة، كيف يستطيع هؤلاء المساكين مجابهة البرد القارس؟! تساءلت في نفسي، بينما أهرب سريعًا من خيالهم في رأسي، كيف يعيشون في شوارع لا تقيهم شيئًا من مشقات التشرد؟! ربما هم مهمشين بالمصطلح الشعبي، لكنهم بشر، وأجسامهم مثلنا، خصوصًا الأطفال الصغار، هذه المشاهد في شوارعنا مخيفة، وبردها النفسي أكثر ضراوة من برد الأرصفة..

شوارعنا مليئة بالكثير من المأسي والمساكين، وأموال الزكاة تذهب لتزويج الشباب المعدمين، الشباب الذين سيخلفون لاحقًا أبناءً أخرين ليفترشون الشوارع والأرصفة، لا يوجد زكاة للمشردين، لأنها صارت أموالًا سياسية وسلطوية، الفقراء في أرصفة الطرق والشوارع صنعوا لأنفسهم بيوتًا من الشوايل والكراتين، لقد تقبلوا الأمر، لكنهم يحتاجون شيئًا واحدًا، بطانيات وأفرشة، وسيتكفلون بأمورهم وحياتهم الباقية، أعطوهم من أموال الزكاة أيها السياسيون، إشتروا لهم بطانيات وأفرشة ووزعوها عليهم، علنا ننجوا بفضلهم، مالم فمصيرنا لن يرحم أحد..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى