الحل السياسي الشامل وأرض المعركة
يمنات
وضاح اليمن الحريري
يعتمد المبعوث الأممي الجديد السيد هانز، في تحركاته المكوكية التي انطلقت بعد تعيينه، على فلسفة الحل السياسي الشامل، الذي يضم ويضمن لجميع الأطراف التواجد فيه، حتى وإن بدا هذا الحل غير مكتمل الملامح حتى هذه اللحظة، وكأنه مازال يبحث عن أدوات الحل وخيوطه بين هذه الأطراف جميعا، وعلى مستوياتهم المختلفة المحلية والإقليمية ومن الوارد الدولية كذلك، حيث يبدو الحال وكأنه يبدأ من الصفر وليس من حيث انتهى الآخرون، لا بأس في ذلك، ولكن إعادة التموضع التي يحملها هذه، ستتطلب امرين رئيسين هما، ان تكون متوافقة مع سير الأحداث والمعركة على أرض الواقع ومتناسبة معها، وأن تكون حاصلة على دعم سياسي ومناخ للعمل التفاوضي، لخلق مناخات مناسبة لتحقيق هذا الحل السياسي الشامل.
تخضع فلسفة السيد هانز إذن الى شد عنيف في اتجاهين متعاكسين، اتجاه يرتبط بسرعة إيقاع المعركة، بعد ان انضمت جبهة الحديدة في اشتعالها (بعد انسحابات خصوم الحوثيين غير المفهومة من مواقعها خلال الأيام الماضية)، الى جبهة مأرب المشتعلة منذ عدة أشهر، واتجاه آخر معاكس هو الركود في العملية السياسية المهيمن على المشهد المحلي، سواء الركود السياسي الذي ينال من جبهة تحالفات الرئاسة الداخلية والخارجية ( الشرعية) او من الركود السياسي في جبهة الحوثيين فهذين المسارين المتعاكسين، لا شك يحتاجان الى إعادة ترتيب المعادلة، لتسمح تركيبتها الجديدة بحضور سياسي فاعل على حساب الخطاب العسكري ذو النبرة العالية لدى الأطراف صاحبة القوة العسكرية.
مقولة الحل السياسي الشامل التي ابتدات انطلاقتها حديثا هي في وضع متأرجح بين السقوط سريعا او المقاومة والثبات، الأمر لم يعد فيه متسع من الوقت، كي ينتظر الناس، عامة الناس في البلد من غير المتقاتلين، اللحظة المواتية التي ستنتصر فيها هذه النظرية، لأن الوضع ببساطة بالنسبة وبالمقارنة مع أوضاعهم المعيشية الصعبة، لا يحتمل تسويفا اضافيا، بعد انقضاء سبع سنوات من الحرب وثلاثة مبعوثين اميين.
الشروط الميدانية تشي بأن المتفوق عسكريا، على الأرجح لن يقبل بشمولية الحل، بمعنى إنه لن يقبل ان يكون طرفا تتساوى معه رؤؤس بقية الأطراف، بينما المتراجع عسكريا او المنهزم، لن يقبل بشمولية الحل السياسي الذي قد يقوده الى الاعتراف بهزيمة منكرة،اضطر على إثرها بالقبول بالحل السياسي الشامل الذي جاء بخصمه وجاء باخرين ليضعهم أمامه باعتبارهم شركاء في نهاية المعركة وشركاء في المستقبل.
الذي قد لا يستوعبه السيد هانز في المرحلة الأولى من مهمته، هو لماذا يرفض اليمنيون التنازل لبعضهم البعش، بل لماذا يرفضون إنهاء الحرب ووقفها في اللحظة المناسبة، على اساس ان لا طرف او اطراف منتصرة، ولا طرف او اطراف مهزومة، كيف يرفضون الحل السياسي الشامل في لحظة اتزان معينة، بينما يمضون في حرب بلا نهاية لها، والسؤال صحيح، لأن البعد السياسي الغائب او الراكد هو مربط الفرس في رأينا فالعلاقات السياسية وانعاش العملية السياسية في العلاقات البينية داخل كل جبهة على حدة وبين الجبهتين مع بعضهما يجب ان تعود إلى وضعها الطبيعي، وبأقل الحدود ان تعود إلى مستوى من القبول في الأداء بين الأطراف والمكونات السياسية وهذا لن يتم الا في ظل شرط واحد وهو ان يخفف ويخفت صوت العسكر قليلا ويعمل متزامنا معه صوت السياسيين وتأثيرهم وهنا يجب التفكير مليا في الضغط على العسكر او قادة المعارك قبل ان يتم التباحث والنقاش مع السياسيين، لأن كل ما يحتاجه السياسيون من مساحات عمل مازالت مقفلة..والا فإن الحرب ستظل مندلعة.