محگمة يمنية تفرج عن مصاب بالإيدز بضمانة محل إقامته
المستقلة خاص ليمنات
يقول مثلٌ صيني قديم: “إذا أغلقت كل المساكن أبوابها في وجهك، فتأكد أن السجن لن يتردد أبداً عن استضافتك، وهو المكان الذي لن يمل منك أبداً حتى لو مللت أنت منه”.. غير أن وديع حسان لا يرى هذا المثل صادقاً، فقد رفض السجن استضافته أو احتجازه خلف جدرانه العالية..
لا يتعلق الأمر بحق الحرية المكفول لوديع ولكل إنسان أيضاً، لكنه يتعلق بوديع ذاته حيث أصبح وجوده في السجن أو في أي مكان آخر غير مرحب به.. أما سر هذا الموقف فقد صار مكشوفاً.. “وديع مصاب بالإيدز”..
الغريب أن وزارة الصحة أيضاً المخولة بفتح مراكز خاصة لاستقبال المصابين ورعايتهم رفضت استقبال وديع حسان والذي يتحسر قائلاً: “قامت المحكمة بأخذي إلى وزارة الصحة لكن الوزارة رفضت قبولي، حتى السجن المركزي رفضوا احتجازي فيه”.. لكن، كيف وصل وديع إلى المحكمة؟!..
لم يكن الإيدز هو من قاد وديع إلى قفص الاتهام فقد كان هناك سبب آخر “قبضوا عليّ في قضية مخدرات، ولما شافوا أعراض المرض تظهر على جسدي قاموا بإجراء فحص، فعرفوا أني مصاب بهذا المرض، فتم سجني في أحد الأقسام.. وحولوني بعدها إلى محكمة غرب الأمانة”.. وبعد أن رفض كلٌ من السجن المركزي ووزارة الصحة استقبال وديع، تم احتجازه في (قفص المتهمين) داخل إحدى قاعات محكمة غرب الأمانة، “حتى يتم اتخاذ أي إجراء نحوي”، وفي اجراء غريب قررت المحكمة الإفراج عن وديع بضمانة محل اقامته وكما هو معروف أن وديع لا أسرة لديه في اليمن.. المستقلة ألتقت وديع واجرت معه حواراً شرح فيها تفاصيل مأساته وهذا مضمونها..
وقبل أن نستعرض معاً التفاصيل والأسرار المثيرة، وتفاصيل القصة الكاملة لطريقة إصابة وديع بالإيدز خارج اليمن وعلاقاته غير الشرعية الكثيرة، هناك سؤالٌ يضع نفسه في الواجهة وهو هل يعقل أن تتنصل الجهات الرسمية وفي طليعتها وزارة الصحة والجهات الأمنية عن مسؤولياتها، لتترك مصاباً بفيروس الإيدز طليقاً يذهب أينما أراد دون رقابة أو رعاية.. كيف يتم تعريض المجتمع لمثل هذه الأوبئة الخطيرة، والتساهل في اتخاذ كل إجراءات الحماية للمجتمع، من المسؤول حول مثل هذا التفريط الذي يحمل مخاطر جمة ويؤدي إلى عواقب وخيمة؟!
ما حدث بكل تأكيد يخالف الإجراءات المتبعة في كل بلدان العالم، حيث يكتسب المصابون بالإيدز وضعاً صحياً واجتماعياً خاصاً يجمع بين الرعاية والرقابة والحماية المجتمعية والمتابعة.. وغيرها من الإجراءات المتبعة عالمياً.. لكن لم يحدث ذلك مع حالة وديع، وبدت الجهات الرسمية وكأن الأمر لا يعنيها، ولولا المخدرات لما تم احتجاز المصاب أساساً.. والغريب أن القضاء على إطلاع بالقضية التي لا تمس وديع حسان فحسب بل تمس مجتمعاً بكل فئاته ومكوناته..
تفاصيل المأساة
الندم الذي يحتل قلب وديع تعجز الجبال الرواسي عن حمله، ولا يحتاج الأمر إلى تفسير، فقد أضاع حياته، وخسر نفسه، وفقد أجمل أيام شبابه، خسر كل شيء مقابل لحظات قصيرة من المتعة لم يعد لها أثر يتنهد وديع وبصوت نادم حزين يردد كلمات تشبه الآهات: “أنصح الجميع وأقول لهم لا تبحثوا عمَّا بحثتُ أنا عنه، فوجدت عقاباً كبيراً في انتظاري، وأقول لكن حصنوا أنفسكم بالعفة حتى لا تصابوا بهذا المرض الخبيث، وها أنا أمامكم أندم بشدة على ما فعلت، وياليت الذي كان ما كان، لكن لا ينفع الندم، ولا تفيد الحسرات بعد فوات الأوان، فلا تكونوا مثلي، واحذروا أن تقعوا في مصائد الشيطان”..
مصائد الشيطان.. هكذا كانت البداية، لقد بدأت قصة وديع بلحظات من المتعة كان يقضيها مع فتيات من جنسيات مختلفة مارس معهن الزنا وأشبع غريزته منهن لكن تلك اللحظات العابرة قادته إلى كارثة، تحولت دقائق المصيدة الممتعة ولذتها إلى حياة في جحيم الحزن والحسرة والندم، هشم الخوف كل تلك الصور التي بدأت وكأنها أجمل ما في الدنيا..
السعودية محطة انطلاق الرحلة المشئومة لوديع، فهو يقيم هناك مع اسرته التي تنتمي لمحافظة الحديدة، وديع في العشرينات من العمر كان يعمل سائقاً لسيارة نقل تابعة لشركة حلويات “سعد الدين”، شاب يتمتع بالصحة والحيوية والطاقة، لكنه كان يفتقد لقوة أخرى مهمة وضرورية لعدم سقوط أي شاب في عمره في مستنقع الانحراف ويتذكر وديع تلك البدايات ويقول للمستقلة“أنا شاب أغوتني رغبتي في الجنس الناعم لعدم قدرتي على مسك شهوتي الدنيئة التي أوقعتني في هذا المأزق والكارثة التي ليس لها حل لم أكن أتوقع أن يحدث لي هذا فقد استمتعت مع أولئك الفتيات دون حذر..
اقتنع وديع في نهاية المطاف بأن كارثة ليس لها حل قد حلت عليه بالفعل، بعد أن وقع فريسة في مصائد الشيطان، وضحية لأهوائه وشهواته ورغباته غير الشرعية، “لقد مارستُ علاقات جنسية غير مشروعة مع مجموعة من البنات”.. أو بالأحرى وفقاً للخلاصة النهائية التي خرج بها في نهاية المطاف “مجموعة من مصائد الشيطان”، كان غارقاً في بحر ملذاته وأهوائه لدرجة أنه لم يعد قادراً على تقدير حجم هذه العلاقات أو عددها ويتأوه معترفاً “بصراحة لا أستطيع حصر عدد المرات التي مارست فيها، ولكن كل ما أستطيع قوله لك إنها كثيرة جداً ومع فتيات مختلفة الاشكال والاجناس”..
وحول الطريقة التي يقيم بواسطتها علاقته بفتيات المتعة والإغواء يقول موضحاً: “الأسواق والمراكز التجارية هي الأماكن التي كنت أتعرف فيها على الفتيات ثم نتفق بعد ذلك على المكان الذي نمارس فيه الفاحشة”، لم تجعله شراهة رغباته واندفاع شهواته التي يقف أمامها ضعيفاً مستسلماً يكتفي بفتيات من جنسية واحدة، ولقد تجاوز الكثير من الجنسيات المختلفة حيث يقول:“البنات اللاتي مارست معهن أغلبهن من جنسيات مختلفة، ولكن أكثرهن من الاندونيسيات، فهن مغتربات وبعيدات عن أزواجهن، ومحرومات وأنا كنت عازباً ومحروماً، فكنا نقع في الفاحشة..”
لكن.. ما الذي جاء بوديع إلى اليمن طالما أن واحة الشيطان التي تقلب في خمائلها الوهمية كانت في السعودية، يقول موضحاً “تورطت في إحدى المرات بقضية حشيش ومخدرات فقبضت علينا الشرطة السعودية، وقبل أن يتم وضعي في السجن أجروا عليَّ فحوصات مثلما أجروا لغيري أيضاً من المقبوض عليهم، فاكتشفوا أني مصاب بمرض الأيدز، فقاموا مباشرة بترحيلي إلى اليمن.. قبل أربع سنوات”.. خلال تواجد وديع في اليمن طيلة أربع سنوات أقام في محافظته الحديدة، وعمل سائقاً لدراجة نارية لم يعرض نفسه على طبيب أو مركز مختص لأنه يعتقد أن “هذا المرض ليس له علاج”، وحول استمراره أو توقفه عن ممارسة الفاحشة بعد وصوله إلى اليمن يقول “ لا والله بعد عودتي من السعودية ومعرفتي بالمرض، لم أقم بعدها بأي علاقة جنسية مع أي واحدة..”، لكن يبدو أن علاقته بالمخدرات لم تنقطع حيث ألقي عليه القبض بسببها..
يؤكد وديع أن أسرته عرفت بمرضه الخطير لكنها لا تستطيع التصرف حيال ذلك “نعم عرفوا، وهم ليس بيدهم أي حيلة، وما زالوا في السعودية”.. ولا يستطيع وديع أن يحدد فتاة بذاتها من فتيات الهوى اللاتي أقام علاقات محرمة معهن كانت سبباً في نقل العدوى إليه، فهو لا يستطيع التفريق بينهن “كل من عرفتهن لم ألحظ فرقاً بينهن”
لقد تجاوز وديع فترة احتضان فيروس HIVالمسبب للإيدز، وبدأت آلام ومظاهر المرض تبدو واضحة عليه “أحس بآلامه، أشعر بحمى شديدة في جسدي.. وظهرت جبوب انتشرت على كل جسمي”، فهل يعقل بعد ذلك أن يترك وديع يواجه مصيره، ويختلط بالناس بشكل طبيعي مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر انتشار المرض المعدي الخطير..
تكشف مأساة وديع حسان أن الخطر الذي اقتصر قدومه على اليمن من بلدان القرن الأفريقي ولاجئيها صار لديه بوابة أخرى تأتي من السعودية خصوصاً عندما تأخذ في الحسبان تفشي زواج السعوديين بيمنيات بهدف المتعة، والزيارات السياحية المشبوهة لآلاف الشباب السعوديين إلى اليمن وما يتخلل كثير منها من سلوكيات سلبية” تتم بعض الأحيان بتواطؤ من نافذين وجهات يفترض بها حماية المجتمع..