يمنات
كنتُ ولازلتُ أرفض استهداف الطائرات الأمريكية، بطيار أو بدون طيار، لعناصر تنظيم “القاعدة” في اليمن .. مع معرفتي أني لو وقعتُ بيد “القاعدة” لذبحوني على غير القبلة.
الأمر لا يتعلق، بالنسبة لي، بالسيادة، بل بأمرين اثنين: لأن مثل تلك العمليات هي عمليات إعدام خارج القانون، أولاً.
والأمر الآخر: أن الأجنبي لايستطيع حل أية مشكلة داخلية، بل يملك القدرة على تعقيدها فقط.
هل تريدون نماذج؟
حسنا من أين نبدأ؟ من أفغانستان؟ أم العراق؟ أم سوريا؟ أم ليبيا؟ أم…..؟؟؟!!!
ولم الذهاب بعيدا؟
هذه تجربتنا الدامية نحن اليمنيين وعمرها الذي يقترب من خمسين يوما..
كانت المظاهرات ضد تمدد أنصار الله قد بدأت تتصاعد وتخرج في كل مكان، في صنعاء وتعز وإب والحديدة، بل وفي مدينة مثل ذمار (كرسي الزيدية تاريخيا؛ كمايقال).
و لو استمر الأمر على هذا النحو الطبيعي لكان الحوثيون محاصرين الآن بالاحتجات في كل زاوية، حتى ولو كانوا قد وصلوا إلى سقطرى.
تماما كما حدث مع حكم”الإخوان” و “مرسي” في مصر.
مهما شرقوا أو غربوا بقوتهم فإن الجماهير ستعيدهم إلى حجمهم الطبيعي داخل “الشراكة الوطنية”، فنحن أصلا في مرحلة “ثورية” انتقالية وغير مستقرة؛ وخروج الناس إلى الشارع، وإسقاط الحكومات الفاشلة، أو التيارات المتسلطة، أمر وارد دوماً.
هذه الصيرورة الطبيعة للنضال الوطني تم خصيها كليا، وتدخل “الأجنبي”، ليحيل البلاد إلى جحيم وإلى مجموعة “بلدان” بهدف “استئصال” جماعة يستحيل استئصالها أصلا وخصوصا بالحرب.
السعودية واقعة في ورطة غرورها ومأزق التصورات الكاذبة المطروحة على طاولتها من قبل حلفائها اليمنيين، لكنها حتى لو لم تكن واقعة في حبال التظليلات، لن يكون بمستطاعها أبدا حل أية معضلة لليمنيين .. سواء معضلتهم مع قوة دينية شمولية صاعدة كأنصار الله، أو مع استفحال فساد الطبقة السياسية، أو حتى معضلتهم مع الوقوف المتكرر وغير المهذب لسائقي باصات الأجرة.
المعضلات “الوطنية” تتطلب حلولا “وطنية” ، أما التهرب عبر منفذ حرض أو منفذ شرورة، أو القصف السجادي وجرائم الحرب، فأمور تقضي على فرص الحل وتخلق ألف مشكلة إلى جوار المشكلة.
هذا دون الحديث طبعا عن النوايا “الخاصة” للمتطوع “الأجنبي”، وفي عرف السياسة لا أحد يتطوع بتقديم حلول لك ولبلدك هكذا لوجه الله.
من حائط الكاتب على الفيسبوك