أخبار وتقارير

صدام حسين معتقل في سجن الأمن السياسي بتهمة سفره إلى أبين بطريقة غير مشروعة

المستقلة خاص ليمنات
يبدو حلياً أن الأجهزة الأمنية العامة والسياسية قد أدمنت ما تعودت عليه من ممارسات تغطي بها عجزها وفشلها الذريع في حفظ الأمن وحماية المواطنين والمصالح العامة، ووضع حدٍ للانفلات الأمني غير المسبوق، والمتمثلة بمسرحيتها المثيرة للسخرية والاستهجان معاً، والقائمة على اعتقال واحتجاز الأبرياء والأحداث الذين لم يبلغوا السن القانونية، من أجل الادعاء بأنها حققت انتصارات عظيمة في القبض على مطلوبين خطرين زعزعوا أمن واستقرار البلد ويقفون وراء العمليات الإرهابية، وجرائم الاغتيال، بينما هم مجرد كباش فداء وضحايا أبرياء، وعلى الأكثر ليسوا مذنبين ولا علاقة لهم بما حدث من جرائم أمنية جنائية أو إرهابية.
للأمن السياسي سجل حافل في ارتكاب مثل هذه المخالفات ضد الدستور والقانون، وممارسة الاعتقالات القسرية والتعسفية بدوافع غير مشروعة، لكن الأخطر من ذلك أن تشارك بعض الجهات القضائية المفترض استقلاليتها ونزاهتها، في ارتكاب هذه المخالفات، بمنح ممارسات الأجهزة الأمنية مشروعية قضائية.
قبل عامين ونصف اعتقل جهاز الأمن السياسي الحدث “صدام حسين المنادي”، والذي كان حينها وفقاً للقانون حدثاً في سن الطفولة، بعد أن ادعى الجهاز أمام أسرته أنه يريد “التحفظ عليه” لا أكثر، لذلك قامت الأسرة وبطريقة حضارية واعية بتسليم ابنها “صدام” بطواعية واختيار، ولم تكن أسرته تعلم أنه سيظل لعامين معتقلاً بشكل تعسفي غير مشروع في سجون الأمن السياسي وعلى مدار عامين، ظل يتعرض خلالهما للتحقيق والضرب والإكراه على الإدلاء باعترافات وأقوال غير صحيحة، ليتم إحالته بعدها إلى محكمة جزائية مخالفة للدستور والتي تصدر حكمها استناداً على ملاحظات واستنتاجات واستدلالات التحقيق لدى جهاز الأمن السياسي من أقوال انتزعت بالإكراه.
أصدرت المحكمة حكماً قاسياً على الحدث صدام المنادي بسجنه ست سنوات تشمل فترة سجنه قبل الحكم، وبالرغم من كونه حدثاً، وأنه لم يرتكب أية جريمة جنائية أو إرهابية سوى أنه سافر إلى أبين بنية الانضمام لمجموعة جهادية، وكأن الأمر وصل حد محاكمة النوايا.. والأغرب أن الحكم الابتدائي تعزز بحكم استئنافي.
ومع أن المحامية- تطوعاً- عن الحدث صدام، نادية الخليفي رفعت التماساً لوزير العدل طالبته فيها بتوفير الحماية للأحداث من تعسف الأمن السياسي عبر اعتقالهم بطريقة غير مشروعة، وتقديم الحدث صدام للقضاء بالمخالفة للدستور الذي نص على عدم جواز إنشاء محاكم استثنائية، وطالبت بتشكيل لجنة لتحديد سن الحدث ومعرفة الأدلة التي استند عليها الحكم بحبسه ست سنوات، وإخراجه من سجن الأمن السياسي إلى حجز رسمي مثل السجن المركزي، كما طالبت بالإفراج عنه بضمانة كونه محبوساً لأكثر من سنتين ونصف، ومع ذلك تهرب الوزير من المسئولية ووجه بعرض الشكوى على النائب العام باعتباره معنياً بتنفيذ الأحكام، مع أن النائب العام يعتبر مدعياً ليس حاكماً أو مسؤولاً على العدل كالوزير.
كما أن مسئولي سجن الأمن السياسي لم يسمحوا للمحامية بزيارة الحدث السجين ورفضوا مقابلتها له رغم أن لديها إذناً من النيابة الجزائية المتخصصة، والمفترض مساءلة هؤلاء المسئولين ومحاسبتهم.
إن أمن اليمن واستقراره وسكينة المواطنين والمصالح العامة والخاصة هي مسئولية مشتركة في ضمير كل مواطن يمني وليس المسؤولين فحسب، لكن لا يجوز- بتاتاً- انتهاك حرية المواطنين وحقوقهم وكرامتهم والقيام باحتجازهم تعسفياً وإصدار أحكام بدون أدلة جنائية واضحة خصوصاً ضد الأحداث المفترض قانوناً- إحالتهم إلى دور رعاية اجتماعية حال ارتكابهم مخالفات، وليس اعتقالهم في سجون الأمن السياسي سيئة السمعة والصيت، والمفترض أن يدخلها القتلة والمفسدون وناهبو أقوات الناس، وليس الأحداث وكباش الفداء بهدف ستر عورات فشل الأجهزة الأمنية.
والسؤال المهم هو ما رأي رئيس الجمهورية في مثل هذه الحادثة، التي تقع عليه مسؤولية التدخل لمنح هذا الحدث حقوقه القانونية وحمايته من سطوة أجهزة أمنية أثبتت فشلها الذريع في حماية الناس ومصالح الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى