حكومة ابن حبتور رسالة سياسية أكثر منها وظيفية
يمنات
محمد عايش
من الانطباع الأول يبدو بن حبتور كما لو كان الأخ غير البيولوجي لـ”بن دغر”، فكلاهما من ذلك النوع الذي يحتفظ في جيبه دائماً بتذكرةٍ من اتجاهين: ذهاب وإياب .. من صالح إلى هادي و من هادي إلى صالح و من صالح إلى هادي .. و هكذا.
مع ذلك، و بالتأكيد، يظل محسوباً لمن رفض العدوان السعودي موقفه مقابل من أيد العدوان و انخرط فيه و صار جزء منه، فليسوا سواءً على كل حال.
أما بالنسبة لقرار تشكيل الحكومة من قبل المجلس السياسي الأعلى، الممثل لتحالف أنصار الله و المؤتمر الشعبي، فإن له جانبين:
الجانب الأول هو أنه قرار يماثل في خطورته، و من معظم النواحي، قرار هادي و حكومته بنقل البنك المركزي إلى عدن.
هل يستطيع هادي تحمل الكلفة المترتبة على قرار البنك؛ من توفير السيولة، و إعادة إصلاح نظام الإيرادات، و دفع المرتبات، و الحفاظ على استقرار العملة .. الخ؟؟
من المشكوك فيه جدا أن يستطيع، و هو الرئيس الأكثر عجزاً و فشلاً في تاريخ المعمورة، و لذلك فإنه بقراره نقل البنك لم يقدم إلا خدمة لخصومه في صنعاء، إذ منحهم الحصانة المناسبة لتجنب اللوم الشعبي، خصوصا داخل قطاعات الجمهور غير الموالي لهم؛ على عجز البنك و إفلاس الدولة.
و أنصار الله و المؤتمر لم يقصروا من جانبهم، فقد قابلوا معروف هادي بمعروف، و ردوا على التحية بأحسن منها، حين قرروا تشكيل حكومة، و هو قرار سيعيدهم إلى واجهة المسؤولية عن الوضع الاقتصادي و الخدمي أمام المواطن، و بما قد يخفف لحدٍ ما عن هادي وحكومته مسؤوليتهم التي استتبعت قرار نقل البنك.
فهل بإمكان حكومة حبتور أن تكون، عند تشكّلها، في مستوى ما ستطلقه من آمال للناس..؟!
ما الذي ستستطيع تلافيه من الوضع المنهار، و ما الذي ستستطيع، على الأقل، الحد منه في جوانب الانهيار..؟!
ما الذي ستضيفه إلى أداء المجلس السياسي، و قبله اللجنة الثورية، و القائمون بأعمال الوزارات، و هي السلطات التي نجحت فيما هو مطلوب منها و هو فقط الحفاظ على الواقع القائم، و الإبقاء على الحد الأدنى من عمل المؤسسات مستمراً..؟!
لن يكون بإمكان الحكومة إضافة الكثير إلى هذه المهمة، بالنظر إلى أن العامل الرئيس في المشكلة لايزال قائما: العدوان و الحصار.
أول مهمة ستواجه حكومة بن حبتور، و نحن على أبواب نهاية العام، هي إقرار و اعتماد الموازنة المالية للدولة للعام الجديد: ٢٠١٧.
من أين ستأتي بموازنة، و كيف..؟ و نحن لا نفط و لا غاز و لا عائدات جباية شحيحة و لا منح دولية و لا اعتراف دولي من الأساس..؟!
و مادام لا موازنة، فلن يكون لدى الوزراء من اعمال غير تلك التي يؤديها الى الآن القائمون بالأعمال!
لذلك كله فإن تشكيل الحكومة، من وجهة نظري، يصبح رسالة سياسية، أكثر منها وظيفية، و هذا هو الجانب الثاني من جانبٓي تقييم قرار التشكيل.
و في هذا الجانب فإن لأنصار الله و المؤتمر تقديراتهم، فهم أدرى بما يخوضونه من معركة، و ما يحتاجون إليه من رسائل في سبيلها.
و إجمالاً؛ فمادام الأفق مسدوداً أمام أية إمكانية للوصول إلى إيقاف الحرب، و إنجاز تسوية سياسية شاملة، بفعل تعنت السعودية و حلفائها، فإن تشكيل حكومة من قبل صنعاء، و التعامل مع المملكة و حلفائها من الأطراف اليمنية، كأن لا وجود لها، و لهم، هو أمر طبيعي جداً، و مطلوب جداً، إذ لا يعقل أن يرفض طرف كل الحلول الممكنة، مراهناً على الحل العسكري، بينما يظل الطرف الآخر فقط في حال انتظار دائم لاقتراب الطرف الأول من الحل التسووي!.
خلاصة الرسالة من هذه الزاوية، هي إذاً: استمروا في حربكم و أحلامكم بالانتصار، وسنمضي بدورنا في فعل ما يتوجب علينا فعله.
وما تحنب إلا عريج.