تنظيم القاعدة في اليمن .. انجازاته وخسائره وكيف أصبح هيكله القيادي..؟
يمنات
على خلفية خسارة تنظيم “القاعدة” في اليمن لمعظم قادة الصف الأول والثاني بغارات أمريكية في خلال عامي 2014 ـ 2015م، وخسارته لكل مناطق سيطرته في المحافظات الجنوبية في خلال العام 2016م، يطرح كثير من المتابعين السؤال التالي: ما الذي بقي من التنظيم وما الذي بقي له..؟
السؤال المطروح يكتسب أهميته من تزامنه مع دخول قوات “التحالف العربي” وقوات «الشرعية» على خط المواجهات في محافظة البيضاء، التي يتواجد التنظيم في عدد من مديرياتها، بعد سيطرة تلك القوات على كامل محافظة شبوة القريبة، إثر مواجهات مع «أنصار الله» في الأيام الماضية.
بناء على الاعتقاد السائد في أوساط المحللين بأن تنظيم «القاعدة» انسحب من المدن التي كانت خاضعة لسيطرته في الجنوب إلى محافظة البيضاء، فإن عملية «التحالف» المقبلة ضد «أنصار الله» في المحافظة، ستحدد أيضاً مصير التنظيم في اليمن عموماً، إن كانت البيضاء آخر ما تبقى له، وكان مسلحوه وقادته فيها آخر ما تبقى منه.
غير أن الأمور لا تبدو على هذا النحو، من وجهة نظر بعض المختصين الذين أكدوا حقيقة الخسائر التي مني بها التنظيم، سواء على مستوى القادة البارزين، الذين قضوا بالقصف الأمريكي، أو على مستوى النفوذ، بعد طرده من مدن رئيسية في محافظات جنوبية.
إضافة إلى ذلك، من المهم التطرق إلى مكاسب التنظيم، في مقابل الحديث عن خسائره، حتى لا يبدو هذا الحديث متناقضاً مع ما يعنيه خوضه مواجهات شبه يومية في البيضاء منذ عامين، وتمكنه من الاحتفاظ بمديرات وأجزاء من أخرى تحت سيطرته.
وقبل ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن نشاط التنظيم العملياتي تراجع كثيراً منذ مطلع العام 2015م، مقارنة به قبل ذلك.
حسابات أخرى
حول تراجع النشاط، تقول مصادر مقربة من تنظيم «القاعدة» إن التنظيم يعمل، منذ ثلاثة أعوام، وفق حسابات وأولويات جديدة فرضتها تطورات الأحداث التي شهدتها الفترة الماضية.
وتضيف المصادر، في حديث إلى «العربي» أن «حدث سيطرة أنصار الله والقوات المتحالفة معها على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، وحدث التدخل العسكري السعودي بعد ذلك، فرضا على التنظيم مسارات أخرى».
وطبقاً للمصادر، فإن مسار التنظيم قبل الحدثين، كان يتجه نحو توسيع نطاق العمليات ضد القوات الحكومية، ونحو مواصلة تنفيذ عمليات داخل الأراضي السعودية، بعد عمليات شرورة عام 2014م.
وتشير المصادر إلى أن التنظيم الذي أوقف معظم نشاطه الأمني ضد أهداف حكومية في اليمن والسعودية، نشط عسكرياً، في إطار تلك القوات نفسها، ضد حركة «أنصار الله» منذ منتصف العام 2015، وهو ما يعني، من وجهة نظرها، عدم تراجع قوته.
وتؤكد المصادر أن انسحاب التنظيم من المدن التي أدارها عقب انسحاب «أنصار الله» منها يأتي في سياق حساباته الجديدة التي تقتضي غض الطرف عن «التحالف» و«الشرعية» وعدم الدخول معها في مواجهات، على حد تعبيرها.
مدن خسرها التنظيم خلال 2016م:
المنصورة ـ عدن
الحوطة ـ لحج
زنجبار وجعار ومدن أخرى ـ أبين
المكلا والشحر ومدن أخرى ـ حضرموت
عزان ـ شبوة.
الهيكل القيادي
وبعيداً من تراجع نشاطه، وفي أي خانة يمكن أن يوضع، يعتقد خبراء أن خسارة التنظيم لمعظم قادة الصف الأول والثاني، كالوحيشي، والرُبيش، والآنسي، والنظاري، وحاتم، والبعداني، والذهب، والمرقشي، وآخرين، بغارات أمريكية، كان لها بالغ الأثر عليه.
ويضيف الخبراء، أن القيادات الناجية من الغارات ليست بذات الكفاءة والتأثير، سواء داخل صفوف التنظيم أو في مناطق القبائل.
ومع أن التنظيم لم يعلن عن القادة الذين سدوا شواغر القيادات السابقة في هيكله القيادي، باستثناء الإعلان عن تنصيب قاسم الريمي (المكنى بـ«أبو هريرة الصنعاني») أميراً للفرع، خلفاً لناصر الوحيشي، إلا أن معلومات حصل عليها «العربي» من مصادر مطلعة، أشارت إلى أبرز من تم ترشيحهم لتلك المناصب.
وبحسب المصادر، فإن إبراهيم عسيري، وهو سعودي الجنسية، وصانع القنابل المتجاوزة لأجهزة الكشف في المطارات، كان المرشح الأبرز لمنصب المسؤول العسكري الأول، خلفاً للريمي الذي أصبح أميراً للفرع، فيما سيكون القيادي خالد باطرفي المسؤول الشرعي والدعوي، خلفاً للقياديين حارث النظاري وإبراهيم الربيش، أما سعد عاطف، فسيكون القائد الميداني للتنظيم، خلفاً للقيادي جلال بلعيدي المرقشي.
قيادات بارزة خسرها التنظيم في 2014 ـ 2015
يونيو 2015م: مقتل ناصر الوحيشي، زعيم تنظيم «القاعدة» في اليمن، بغارة أمريكية.
يوليو 2015: مقتل القيادي البارز، خالد باقعيطي، منشد التنظيم، بغارة أمريكية في المكلا.
مايو 2015م: مقتل القيادي الدعوي مأمون عبد الحميد حاتم، بغارة أمريكية في المكلا بحضرموت.
مايو 2015: مقتل القيادي البارز، أبو حفص المصري، بغارة أمريكية في المكلا.
أبريل 2015م: مقتل المسؤول العسكري الثاني في التنظيم، القيادي نصر الآنسي، بغارة أمريكية في حضرموت.
أبريل 2015م: مقتل القيادي البارز إبراهيم الربيش (سعودي الجنسية)، بغارة أمريكية.
يناير 2015م: مقتل المسؤول الشرعي في التنظيم، القيادي حارث النظاري، بغارة أمريكية في شبوة.
نوفمبر 2014: مقتل القيادي البارز نبيل الذهب، بغارة أمريكية في محافظة البيضاء.
نوفمبر 2014: مقتل القيادي شوقي البعداني (منشد التنظيم الأول)، بغارة أمريكية في البيضاء.
أبرز القادة الأحياء
قاسم الريمي
يعد قاسم يحيى مهدي الريمي، أبرز قيادي في فرع «القاعدة» اليمني، بعد مقتل ناصر الوحيشي، زعيم التنظيم السابق، ونائبه، سعيد الشهري.
وهو أحد خريجي المعاهد السلفية في العاصمة صنعاء، قبل أن ينتقل إلى أفغانستان في التسعينات. شغل منصب المسؤول العسكري في التنظيم حتى يونيو 2015م، حين بويع أميراً للفرع خلفاً للوحيشي. والريمي من القيادات التي وجهت لها كثيراً تهمة الارتباط بنظام الرئيس السابق.
وكان الريمي قد تمكن من الفرار من سجن الأمن السياسي بصنعاء مع 26 آخرين عام 2006م، أي بعد عام من اعتقاله. ووجهت حينها التهم لنظام صالح بتسهيل فرارهم.
إبراهيم عسيري
يعد إبراهيم حسن طالع عسيري (سعودي الجنسية) ثاني أبرز قادة فرع «قاعدة» اليمن، وإن كان المطلوب الأول للإدارة الأمريكية، لقدرته على صناعة قنابل تتجاوز أجهزة الكشف في المطارات، كالقنبلة التي استهدفت محمد بن نايف عام 2009 في قصره بجده، وكالأخرى التي استهدفت طائرة ركاب بين مدينة امستردام الهولندية ومدينة ديترويت الأمريكية في العام ذاته.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن التنظيم يحتاط أمنياً لعسيري أكثر من أي قيادي آخر، إلى درجة أن كثيراً من أعضاء وقيادات التنظيم لا يتمكنون من اللقاء به.
وبحسب المصادر فلم يظهر عسيري إلا مرتين، مرة فيديو حين ودَّع أخاه المكلف بتنفيذ عملية داخل قصر محمد بن نايف، ومرة عبر مقال مكتوب رد به على فيلم لقناة «الجزيرة» بعنوان «مخبر القاعدة».
باطرفي
القيادي السعودي من أصول حضرمية، خالد سعيد باطرفي، هو المنظر الشرعي للتنظيم.
وبحسب مصادر خاصة فإن التنظيم يعد باطرفي رأس الحربة في حربه مع تنظيم «الدولة الإسلامية». وطبقاً للمصادر التي تحدثت إلى «العربي»، فقد لعب باطرفي دوراً في الحفاظ على تماسك التنظيم بعد انشقاق مجموعات منه لصالح تنظيم «الدولة».
وتشير المصادر إلى أن باطرفي هو الذي أدار حرب «القاعدة» الإعلامية و«المنهجية» ضد «الدولة» منذ بداية الخلاف، من السجن المركزي في مدينة المكلا، والذي غادره بعد سيطرة «القاعدة» على المدينة.
أمراء المحافظات
لم يتسن لـ«العربي» الحصول على معلومات حول القادة الذين عينهم التنظيم أمراء للمحافظات، بسبب التحفظ الزائد الذي تقف وراءه مخاوف أمنية، خصوصاً بعد اكتشاف تنظيم «القاعدة» لمخبرين تم زرعهم في صفوفه وتسببوا في مقتل عدد من قادته البارزين خلال الفترة الماضية.
عديد التنظيم
على الرغم من أن معظم التقديرات تقول إن العدد الكلي للتنظيم يتراوح بين 700 و 1000 مقاتل، فإن العدد الحقيقي يتجاوز ذلك.
مصادر خاصة أكدت لـ«العربي» أن عدد المبايعين للتنظيم إلى العام 2012م تجاوزوا 4000 عضو. وتضيف المصادر أن من التحقوا بالتنظيم بعد ذلك أكثر ممن قتلوا خلال المواجهات أو بغارات للطيران الأمريكي. وتشير المصادر إلى أن من قتلوا منذ العام 2011م وحتى العام 2015م تجاوزوا الألف.
ووفقاً للمصادر، فإن سيطرة التنظيم على مدن رئيسية في الجنوب في خلال عامي 2015 ـ 2016م، مكنته من استقطاب الكثير من المقاتلين.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا