هل ترامب عميل لروسيا؟ وكيف جندته المخابرات الروسية إذا كان هذا الاتهام صحيح؟
يمنات
السُّؤال الأهَم الذي تَنْشَغِل بِه وسائل الإعلام الأمريكيّة الرئيسيّة هذه الأيّام ليسَ مقتل خمسَة جُنود أمريكيّين في هُجوم مِنبج، ولا ما إذا كان هذا الهُجوم سيُؤَجِّل انسِحاب القُوّات الأمريكيّة مِن شِمال سورية، أو سَيُعَجِّل بِه، وإنّما هَل ترامب عَميلٌ سِرِيٌّ لروسيا؟
هذا السُّؤال أصبَحَ مَطروحًا بقُوَّةٍ بعد أن كشَفَت صحيفة “نيويورك تايمز” قبْل يَومين أنّ مكتب التَّحقيقات الفِيدرالي (FBI) فتَح تَحقيقًا رَسمِيًّا عام 2017 ليُحَدِّد ما إذا كانَ الرئيس الأمريكيّ يعمَل لحِساب روسيا كعَميلٍ واستَند المَكتب إلى عِدّة أُمور رئيسيّة في هذا المِضمار:
الأوّل: إقدامه على إقالة جيمس كومي، مُدير مكتب التَّحقيقات الفِيدرالي الذي أثارَ شُكوكًا في هذا المِضمار، ثُم جيف شينز وزير العَدل الأسبَق، الذي نَأى بنَفسِه عَن تحقيقات المُحَقِّق الخاص روبرت مولر، في التَّدخُّل الروسيّ في الانتِخابات الرئاسيّة واتِّهامات الفَساد المُوجَّهة لترامب، ووُجود تَواطُؤ بينَ حملة ترامب الرئاسيّة وموسكو.
الثّاني: إخفاء ترامب تفَاصيل مُحادَثاتِه مَع فلاديمير بوتين في قمّة هيلسنكي في تمّوز (يوليو) عام 2018، وظُهوره، أيّ ترامب، كالتِّلميذ المُطِيع أمام أُستاذِه الروسيّ، الأمر الذي أثارَ العَديد مِن علامات الاستِفهام حولَ أسباب هذا الإخْفاء، وما دَوَّنَهُ ترامب مِن مُلاحظاتٍ خاصَّةٍ قامَ بتَدميرِها لأنّه لا يُريد مِن أحَد في الإدارة الاطِّلاعَ علَيها.
الثّالث: اتّصالات مُحامِيه الخاص السريّة مع موسكو لإقامَة “برج ترامب” فيها على غِرار بُرجِه الذي يحمل اسمه في نيويورك.
الرابع: إقامَة صهره جاريد كوشنر اتّصالات سريّة مع المُخابرات الروسيّة تتَعلَّق بحملة ترامب الانتخابيّة.
الخامس: ابتِسامات الرئيس بوتين العَريضة في كُل مرّة يلتَقِي فيها ترامب، ممّا يُوحِي وجود علاقة خفيّة.
السادس: تدميره لحِلف الناتو، والعَلاقات مع الحُلفاء في أوروبا، وإنهاء الديمقراطيّة الغربيّة بالصُّورةِ التي هِي عَليها.
الرئيس ترامب عندما سُئِل الإثنين الماضي عَن تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” وما ورَد فيه مِن اتّهامات بالتَّجَسُّس لصالِح، موسكو نفى هذا التَّقرير، وقال إنّه لم يعمل مُطلَقًا كعَميلٍ لموسكو، وقال إنّه مِن المُعيب طرح هذا السؤال، وفِعل الشيء نفسه يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس بوتين، وقال إنّه مِن الغَباء توجيه هذا الاتّهام لأنّ العلاقات الروسيّة الامريكيّة تَمُر بأسْوأ حالاتِها هذه الأيّام وتَقترِب مِن الحَضيض، ولم يتِم اتِّخاذ أيّ خُطوات لتَحسينِها.
هُناك نظريّة مُتداوَلة في أمريكا تقول إنّ المُخابرات الروسيّة سجّلت أشرطة لترامب في أوضاعٍ جنسيّةٍ مُخلّة عندما نظّم مسابقة لملكة جمال العالم عام 2013 في موسكو، وجَرى استخدامها للضَّغط عليه لتَجنيدِه للعمل معها، ولكن المُخابرات الروسيّة تنفيها أيضًا، وكذلك ترامب، ولكن تاريخ ترامب الجِنسي، ودفعه أموالًا لممثلة إباحيّة مُقابِل صمتها أثناء حملته الانتخابيّة يُلقِي الكَثير مِن الشُّكوك حَولَ هذا النَّفِي.
مايكل كوهين، مُحامي ترامب الشَّخصي، الذي اعتَقَلَته السُّلُطات الأمنيّة الامريكيّة لارتِكابِه مُخالفات قانونيّة، فَجَّر قنبلة اليوم الخميس عِندَما كشَفَ أنّه دَفَع أمْوالًا لشَرِكة استِطلاعات للرأي قُبَيل الانتِخابات مُقابِل التَّلاعُب في بياناتِها وتَغيير نتائِجها لمَصلَحة ترامب، وبتَوجيهٍ رَسميٍّ مِن الأخير، وكانَ قد اعتَرف قبلها بِدَفع مبالغ ماليّة لإحدَى العارِضات للصَّمت على علاقةٍ جنسيّةٍ أقامَتْها مَع ترامب لعَدم التَّأثير على حَملتِه الانتخابيّة.
ستيفن كولبرت، المُذيع الأمريكيّ الشَّهير صاحِب برنامج Late Night، قال ساخِرًا في إجابته على السُّؤال هَل ترامب عميل سرّي لروسيا، إنّه مِن الغَباء أنْ يَكونَ عَميلًا، ورُبّما لَعِب هذا الدَّور دُونَ أن يَدرِي، أمّا زميله تريفور نوح، فقَال إنّ هذا الاتِّهام هو نَوعٌ مِن الجُنون ليسَ لأنّ ترامب لا يُمكِن أن يَفْعَلها، وإنّما لأنّه سيَكون أسْوَأ جاسوس على وَجهِ الكُرة الأرضيّة، ولا يُمكِن أن يُقدِم أحد على تَجنيدِه لغَبائِه.
مِن السَّابِق لأوانِه الإدلاء بدَلوِنا في هذه القَضيّة المُعَقَّدة، ولكِن هذا لا يَعنِي أنّه ليسَ لنا شُكوكنا التي تَميلُ إلى عَدم استِبعاد هذه الاتِّهامات، فالرَّجُل تاجِرٌ تُغرِيه الصَّفَقَات ويَسْعَى نَحو المال بكُل الطُّرق والوَسائِل، لدَرجةٍ تَجعَلُه يتَصَرَّف بِطُرقٍ غير مَسؤولة ومُتَهوِّرة، وتَوظيفِه كُل شَيء مِن أجل الفَوز في الانتِخابات الرئاسيّة بِما في ذلِك الرُّضوخ لصِهره كوشنر واللُّوبي الإسرائيليّ في واشنطن وتَوصِياتِهم.
إثارَة هذه الاتِّهامات ومِن قِبَل “النيويورك تايمز” أحَد أكبَر وأهَم صَحيفَتَين في أمريكا، وقبْل أيّامٍ أو أسابيع مِن إعلانِ مولر المُحَقِّق الخاص نَتائِج تَحقيقاتِه، يُوحِي بأنّ القادِم أعْظَم، وإذا ثَبُتَت الاتِّهامات، ستَكون المُخابَرات الروسيّة حقَّقَت أكبَرَ إنجازٍ في تاريخِهَا، أيّ تجنيد رئيس الوِلايات المتحدة، ويا لَهُ مِن إنجازٍ.. واللهُ أعْلَم.
افتتاحية “رأي اليوم”
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.