قتلت رشا.. وغادر الجمال حياتنا
يمنات
ماجد زايد
رحم الله رشا أبنة بلادي حراز، أبنة قرية الهجرة الشامخة بمبانيها وناسها ومدنيّتها وإنفتاحها القديم والإستثنائي، رشا الإعلامية والصحفية والمصورة، أبنة الجبال والريف الحرازي، صورتها وصدى إسمها أعادني بعيدًا لقرى بلادي حراز، الى تلك الأماكن والقرى المنغلقة على ذاتها تمامًا، بعد سنوات السياحة والعالمية واللغة الإنجليزية والزيارات والحفلات والمناسبات والهدايا القادمة من أقاصي العالم، مسقط رأس الشهيدة رشا بعكس ما كانت عليه بقية القرى الحرازية المختلفة جدًا في واقعها وواقع أبناءها، كانت لوحة من أهم اللوحات والقرى العالمية، ربما لن تصدقوا هذا، لكنها حقيقة الماضي وما كان في حضرة الوطن والريف آنذاك..
في قرية رشا الحرازي “الهجرة” مع إمتداد الطريق الممتد الى خارج القرية، كان الأطفال هناك ومنذ زمن يُتقنون التحدث باللغة الإنجليزية إستماعًا وفهمًا ونطقا، حتى العجائز وصل بهن الحال للفهم والنطق، كان الأطفال من الهجرة بمن فيهم رشا يستقبلون يوميًا عند أطراف قريتهم عشرات السوّاح والسائحات من كل البقاع والأوطان والعوالم ويبيعون لهم الهدايا والحلوى والمنسوجات اليدوية..
كانت قرية الهجرة خلية من النحل والحركة والإستقبال والتوديع، كانت مكانًا يشبه أرقى مدن العالم في حركة الملاحة السياحية والأثرية، وكان أبناء القرية الى ما قبل هذه الحرب يعيشون ويستقبلون العالم في بيوتهم الصغيرة، كان العالم يدور ويتجول في نواحي قراهم وفلكهم ومنحدراتهم وهو سعيد بل وهو يموت من السعادة والذهول، كان السواح يأتون كل يوم إليها ويغادرون كل يوم منها، ليعيشون بقية حياتهم يحلمون بالعودة الى ذات المكان مجددًا، ليعود الكثير بعدهم ممن سمعوا وعرفوا عن القادمين أولًا، ولا تنتهي الحكاية أو تموت، لكننا كنا وكنا وكنا.. وكان وطننا وريفنا أعظم ما يتمنى العالم بلوغه..!
واليوم ماذا..؟!
لا شيء غير هذا.. تغيرت الحياة، وتوقفت السياحة، وقتل أطفال قرية الهجرة في الحرب أو بالإغتيالات، قتلت رشا، وغادر الجمال حياتنا، وبقي لدينا الكثير من الملازم والخطباء والمنابر التحريضية، ولا شيء أخر، عدا أطلال الماضي، وذكريات الزمن الأليف، وأحلام مكبوتة في قلوب الخائفين عن خيالات الأبرياء الراحلين..
رحمها الله..
لها الخلود والبقاء والسلام الأبدي..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا