السعودية… المفتاح والمغلاق

يمنات
صلاح السقلدي
المملكة العربية السعودية وحدها مَن يمسك بكل الخيوط في الجنوب، وهي من تقرر مصيره. مؤسف… لكنها حقيقة لا مفر من الاعتراف بها. فكل القوى والشخصيات السياسية ليست أكثر من أحجار على رقعة شطرنج المملكة والملك، حتى وإن نطحوا ورمحوا بعيدًا بالتصريحات الإعلامية الصاخبة، فهم يعرفون هذه الحقيقة جيدًا، لكنهم يستغفلون أتباعهم بفرقعات إعلامية بين الحين والآخر، حتى يُبقوهم في حالة تنويم إعلامي وموات سياسي أطول مدة ممكنة، كما أنهم يرتعبون من مصارحة السعودية ومجابهتها.
القوى العظمى والإقليمية الوازنة التي قد تفكر في دعم توجه الجنوب نحو استعادة دولته، لن تستطيع تجاوز المملكة أو التضحية بمصالحها الاقتصادية الحيوية في دولة غنية ومحورية كالمملكة، تتمتع بحضور سياسي دولي طاغٍ ورمزية دينية كبيرة. وبالتالي، من المستحيل أن تضحي هذه الدول بمصالحها وتغامر بالصدام مع الرياض من أجل الجنوب، فالدول تُحكم بالمصالح لا بالعواطف.
وليس أمام المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتالي، سوى مصارحة الناس بهذه الحقيقة، وتقبيل اليد السعودية بعد أن خاف من مصارعتها، فضلًا عن ثنيها، للظفر بمكسب سياسي يمكن انتزاعه من بين أنيابها، بدلًا من الهروب إلى تسجيل “ترندات” جوفاء وزائفة.
وكذلك الإمارات العربية المتحدة، الدولة الأبرز الداعمة للمجلس الانتقالي الجنوبي، لن تخسر علاقتها السياسية والاستراتيجية المصيرية مع السعودية، ولن تذهب بعيدًا في دعمها للانتقالي أكثر مما قامت وتقوم به – هذا على افتراض طبعًا أنها جادة حقًا في دعم مشروع استعادة دولة الجنوب – كما أنها لن تضحي بشريكها الوحدوي “المؤتمر الشعبي العام” جناح العميد طارق صالح. فقد استطاعت أبوظبي ببراعة منذ بداية الحرب الجمع بين النقيضين: وحدوية الشماليين وانفصالية الجنوبيين… في مشهد أشبه بحالة الجمع بين الأختين، إنفاذًا لمصالحها هي الأخرى.
إذن، من بوابة المملكة العربية السعودية فقط يمكن الوصول إلى عدن، فهي – أي المملكة – كلمة المرور، والمفتاح والمغلاق، ليس للجنوب فقط، بل للشمال أيضًا، ومعظم دول المنطقة. وهي في الوقت الراهن ليست على استعداد لمساعدة الجنوب على استعادة دولته السابقة، بل تعمل بالعكس تمامًا، إذ تُقوّض كل مسعى لذلك، وتقوّي شوكة أطراف مناوئة له (في حضرموت نموذجًا).
لكن هذا لا يعني، بالمقابل، أنها تعمل على إبقاء الوحدة اليمنية كما كانت، فالمصلحة السعودية هي العنوان الأبرز الذي تتحرك تحته المملكة، ولسان حالها يقول: “لا انفصال يتحقق… ولا وحدة تبقى.”
ومن يقول لكم غير هذا، فهو إما يجهل الواقع، أو يستغفل البسطاء ويستخف بعقول السذج.