أرشيف

اليمن: نجل شقيق الرئيس صالح يحاول «فض الاشتباك» بين وزارة الإعلام ونقابة الصحافيين عبر «نسف» المشروع الحكومي للمرئي والمسموع

 حاول رئيس ملتقى الرقي والتقدم في اليمن يحيى محمد عبد الله صالح، وهو نجل الشقيق الأكبر للرئيس علي عبد الله صالح (فض الاشتباك) المتصاعد بين وزارة الإعلام اليمنية ونقابة الصحافيين اليمنيين عبر (نسف) مشروع قانون الاعلام المرئي والمسموع الذي أعدته الوزارة وأثار جدلا واسعا في الأوساط الصحافية والسياسية خلال الفترة الماضية.

ونظم الملتقى لهذا الغرض ندوة موسعة لمدة يومين انتهت امس، دعا إليها أبرز قيادات العمل الصحافي والعديد من السياسيين والبرلمانيين والخبراء بهذا الشأن، وخرجت بتقديم مشروع بديل للقانون الحكومي سمي بقانون (الصحافة والإعلام) وكان أكثر مرونة في استيعاب كافة متطلبات العمل الصحافي والإعلامي وأفسح مساحة أكبر للحريات الإعلامية والصحافية.

ووصف النقيب الأسبق للصحافيين اليمنيين، الاشتراكي المخضرم عبدالباري طاهر مشروع القانون الذي أعده ملتقى الرقي والتقدم بأنه الأفضل لكافة مشاريع هذا القانون السبعة التي طرحت للنقاش منذ العام 1994 غير أنه يحتاج إلى بعض الإضافات والتعديلات الطفيفة.

وأوضح أن هذا المشروع استوعب أغلب متطلبات العمل الصحافي والإعلامي وحظر مساءلة وحبس الصحافي بسبب رأيه أو بسبب قضية نشر وهي من الايجابيات المهمة لأنه 'يوجد في اليمن 4 قوانين نافذة لتجريم الكلمة، في حين لا يوجد قانون واحد يجرّم حمل السلاح' كما أن 'الصحافيين الذين يحاكمون حاليا في اليمن بسبب الرأي، أكثر من الذين يحاكمون بتهم الارهاب'.

واعتبر البرلماني الإصلاحي عبد الرزاق الهجري مشروع القانون الحكومي 'ردة عن الديمقراطية التي انتهجها اليمن قبل 20 عاما' واستغرب التوجه الحكومي الذي جاء معاكسا لمبادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قبل ثلاث سنوات بعدم حبس الصحافيين، 'حيث شهدت الفترة الماضية منذ ذلك الحين أكبر نسبة في عمليات حبس الصحافيين أكثر من أي وقت مضى'.

وقال مدير التحرير في صحيفة (الثورة) الحكومية عبد الرحمن بجاش إن هذا المشروع لقانون الصحافة والإعلام يحسب ليحيى صالح ولكنه يحتاج إلى إعادة النظر في العديد من المواد وإضافة بعض جوانب القصور والنقص.

يحيى محمد عبد الله صالح، الذي هو أيضا رئيس أركان الأمن المركزي ولديه العديد من الأنشطة السياسية في إطار منظمات المجتمع المدني، قال 'إننا في منتدى الرقي والتقدم قدمنا هذا المشروع لقانون الصحافة والاعلام لنقول لوزارة الإعلام اننا يمكن أن نقدم مشروعا مختلفا عما قدمته'.

هذه الندوة التي شهدت حضورا غير مسبوق لأبرز قيادات العمل الصحافي والإعلامي من مختلف ألوان الطيف السياسي كانت أشبه بدعوة صريحة للخروج من عباءة الاملاءات الحكومية في سن القوانين، خاصة وأنها عقدت تحت شعار 'لنناضل سويا من أجل صحافة حرة ومسؤولة وإعلام يمني مؤسسي تعددي مستقل ومعاصر'.

وأعلن يحيى صالح أن تبني الملتقى الذي يرأسه لمشروع قانون بديل للصحافة والإعلام 'يهدف الخروج من شرنقة التشريعات الصحافية والاعلامية المتخلّفة عن العصر والمشاريع الموازية لها، التي بلا شك تثير قلقا عاما لدى مختلف الأوساط اليمنية المستنيرة وخصوصا بين أوساط الصحافيين والإعلاميين'.

وأوضح أن هدف انعقاد هذه الندوة 'تحقيق شراكة حقيقية وتضامنية لتعزيز حرية الصحافة واستقلال وسائل الاعلام وتعدديتها بما يمكنها من أداء رسالتها النبيلة في أجواء سليمة وخالية من القيود والتبعية وبما يواكب العصر بكل معطياته ومخرجاته وتحدياته'.

وفي حين غابت قيادات وزارة الإعلام عن حضور هذه الندوة لاعتقادها بأنها موجهة ضدها، قرر أبرز أعضاء مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين المحسوبين على المعارضة مقاطعة هذه الندوة لاعتقادهم بأنه لا يمكن لرئيس أكبر مؤسسة أمنية في البلاد تبني مثل هذه المشاريع، دون أن يلتفتوا إلى الايجابيات التي يمكن أن يحتويه مشروع القانون البديل المناهض للمشروع الحكومي الذي تبناه يحيى صالح، رغم قرابته الأسرية للرئيس صالح.

وتقبّل يحيى صالح هذه المواقف بصدر رحب، وأوضح في كلمته الختامية أنه مع حرية الكلمة ومع حرية الإعلام، وأنه عندما يتبنى مثل هذه المواقف فإنما يعبر عن قناعاته الشخصية في حين ما يتعرض له بعض الصحافيين من قبل رجال الأمن المركزي الذي يديره فإنما يأتي ذلك عبر توجيهات عليا.

وتباينت وجهات النظر حيال هذا المشروع البديل لقانون الصحافة والإعلام، ففي حين اعتبر العديد من المراقبين هذا المشروع تحديا كبيرا أمام وزارة الإعلام إثر صياغته من قبل جهة وسطية جمعت بين السلطة والمعارضة وبشكل متوازن وعقلاني ويستجيب لمتطلبات الوسط الصحافي والإعلامي ويحقق أبرز تطلعاته، يرى بعض أطراف العمل الصحافي أن هذا المشروع ما هو إلا نسخة أخرى من املاءات السلطة بطريقة غير مباشرة، من قبيل توزيع الأدوار السياسية، المراد منه في الأخير إحراق وزارة الاعلام التي ساعدت في وجود مثل ذلك عبر تفننها في تدمير كل ما هو إيجابي حيال الحريات الصحافية.

'القدس العربي'

زر الذهاب إلى الأعلى