أرشيف

فهد القرني بوجه آخر

بدأ مغنيا يعبر عن هموم الناس وظروف معيشتهم ومعاناتهم مع الفقر والمرض والحرمان ثم أصبح مغنياً سياسياً ناقداً للأوضاع والسلطات، وقد استطاع أن، يلامس شغاف قلوب البسطاء لتجد أشرطته رواجاً عند هؤلاء وعند غيرهم من المعجبين بهذا النوع من أساليب النقد والمعارضة، وقد  استخدم إمكانياته ووظفها سياسياً وهو ما لم يمر بسلام؛ إذ جرى اعتقاله ومحاكمته أكثر من مرة بسبب أغانيه ومواقفه المعارضة للسلطة والتي قالت عنها السلطة أنها تجاوزت حدود المسموح به وحدود الرأي والرأي الآخر، كما رأت هي وبعينها الوحيدة.

فهد القرني خرج في مظاهرات جماهيرية واستطاع الظهور في مهرجانات عديدة بوصفه ناشطاً سياسياً بعد أن كان  مغنياً شعبياً وناقداً لاذعاً  في فترات سبقت ورافقت فترة الظهور الجماهيري وتحديداً في فترة الانتخابات الرئاسية الأخيرة..

وبعد سجنه الأخير والذي خرج منه بعفو رئاسي شمل إلى جانبه أصحاب الرأي من الصحفيين إثر ضغوطات حزبية ومدنية.

كشف اليوم عن موهبة أخرى في مجال الدراما الكوميدية والتمثيل والتأليف الدرامي حيث ظهر بثوب جديد لم يألفه البعض فيه أو لم يكونوا يتوقعون ظهوره بملكات عفوية ساخرة، معالجاً الكثير من عاهات المجتمع وعاداته السيئة، آخذاً دور البطولة في مسلسل "همي همك" الرمضاني الذي نجح في تأديته وبصورة لافتة وغير مألوفة في الدراما اليمنية، وغير متوقع من خلال شخصية الشاب "قناف" الذي شاءت له الأقدار أن يولد في مدينة (واضحة في لسانه) من أب هارب من الثأر وأم من تلك المدينة، جمعت بينهما الأقدار ثم اضطر للعودة مع أبيه وأمه إلى قبيلة والده بعد أن حُلت مشكلة الثأر بتساوي عدد القتلى من الطرفين، فوجد نفسه في بيئة لا تشبه بيئة المدينة التي ولد فيها وعاش وهي الخالية من لغة القبائل والثأر والعنف والمشائخ ليجد نفسه مضطراً لتغيير نمط حياته أكلاً ولباساً وحياة بكل تفاصيلها وفي سياق الرحلة من البداية إلى ما وصلت إليه استطاع أن يوصل رسائله بلهجات عديدة بما يناسب كل قضية من القضايا التي تطرق إليها في المسلسل، وهو ما كشف عن شخصية أخرى لها قدرات على إحداث الأثر والتأثير، وموهبة نادرة في تأدية الأدوار المختلفة، جامعاً بين الجد والسخرية، وبين حياة المدينة وحياة البداوة وثقافتيهما المختلفتين، موجهاً كل ذلك نحو رفض الكثير من الظواهر والثقافات التي تعكر صفو الحياة في الريف والحضر على حدٍ سواء.. ولم ينس في ذات الوقت التطرق لظروف حياة الناس وما يلاقونه من شظف العيش وبؤس المعيشة وقضايا كثيرة تمس حياة الناس.. أستطاع فهد القرني أن يوصلها إلى الجميع سواءً من خلال دوره في بطولة المسلسل أو من خلال كتابة النصوص التي هي أساس هذا العمل.. في مسيرة حياته حتى الآن أستطاع فهد القرني أن يسجل حضوراً جماهيرياً سواءً من خلال دوره كمغني معرض وناقداً أو ناشطاً سياسياً في ميادين المظاهرات وما أعقبها من دخوله إلى السجن وخروجه منه ليطل من زاوية الفضاء المفتوح كاتباً وممثلاً أعجب الكثير من المتابعين لدوره ولرسائله التي يريد أن يوصلها علَّها تجدي في علاج الكثير من عاهات ومتاعب هذا المجتمع، وهي بلا شك كثيرة..

زر الذهاب إلى الأعلى