جنين الأب أغتالته يد الأم خوفاً من الفضيحة
جاءتها آلام المخاض فكتمت آلامها بصبر وجلد حمدت ربها أن ليس في المنزل أحد غيرها فهي لا تريد أحدا أن يعلم بأمر المولود مؤقتاً وأخد الألم يدق عظامها وشعرت أن روحها تخرج من أسفلها وأخذت تبلع صرخات الألم المتأججة فتعض الوسادة بصبر لا تعلم من أين أتاها وقاومت الإغماء حتى تتمكن من قذف الجنين من بطنها وانتظرت وأصبح الطفل يتحرك تحتها وبإصرار يواصل الصراخ ومدت يدها بهستيرية تكتم صرخات المولود مثلما كتمت صراخها مع الألم الذي ذهب بعقلها إلى حيث لا تدري في غيبوبة خيل لها أنها لحظة وربما لحظات وعندما أفاقت وجدت طفلها لا يصرخ ولا يتنفس لقد خرج من الحياة بعد أن دق أبوابها وقامت الأم الشابة تفكر بالتخلص من ذلك المولود الذي كان أنثى فلفته بملابس قديمة واتجهت به إلى المنور وألقت به وعادت إلى الفراش لتوهم الجميع أنها مريضة والدموع تنهمر من عينيها.
كانت «نسمة» تمتاز بجاذبية الأنوثة تبهر العقول وفي عينيها شيء يحرك الغرائز يتوسطها أنف جميل يوحي بشموخ من يتزين به.. نسمة كانت نسمة حقيقية معدومة الشحم قليلة اللحم جسمها متناسق ملفوف كشجرة الموز وقبل عام وبضعة أشهر كانت في ربيعها السادس عشر؛ في بداية التفتح والنضوج أشبه بفاكه اختبئت تحت أوراق الشجر فحمتها من تطفل الحشرات وفضول مناقير الطيور.
كان يقف لها العاشق الولهان على بعد بضعة أمتار من مدرستها وكانت تربطهما جيرة الحي والمنطقة ثم يسير خلفها بصمت دون أن يكلمها، تماماً مثل كلب الحراسة، حتى تصل إلى المنزل تعودت عليه حتى أصبحت تبحث عنه في المكان الذي يقف فيه وفي ذات يوم لم تجده فأحست أنها فقدت شيئاً كان يسعدها وفي اليوم الثاني لم تجده وتكرر ذلك حتى نهاية الأسبوع وكادت أن تنسى وتعتبره ذكرى جميلة لولا أنها في أول يوم من الاسبوع التالي رأته فابتسمت، وبدون شعور جراء شوق اللقاء حركت عنقها والتفتت إليه كثيراً وهي تشعر بالسعادة بعد أن رأت آثار السرور في ملامح العشيق وتخلصت من زميلاتها وسلكت طريقاً آخر فتبعها حتى صار بجوارها وقال لها بدون أن تسأله أنه كان مريضاً وفي شوق لرؤيتها وبادلته الحوار وكأنهما يعرفان بعض منذُ سنوات طوال ، إنه الحب أيها الاعزاء.
وتوالت اللقاءات وعرفت أنه مثلها حصل على دبلوم الثانوية التجارية وتمكن والده من تدبير وظيفة حكومية له وصار موظفا عاما يزوغ كل يوم من الدوام من أجل أن يراها وكان والده تاجر موبيليات ومفروشات شعبية برأس مال متواضع ولا يمكنه مساعدته إلاّ في أضيق الظروف والحدود وكان هناك اتفاق مع أبيه أن لا يتزوج إلاّ بعد خمسة سنوات يكون قد ادخر من مرتبه المتواضع ما يصلح مهراً وشبكة ولكن سحر هوى نسمة دفعه للتمرد والبدء في الخروج عن البرنامج الذي أعده مع والده.
أما نسمة فهي الأخرى تعيش مأساة اجتماعية فحياتها مقسمة إلى قسمين بعد أن أصبح والداها شطرين، فهي تعيش في النهار في منزل والدتها حتى إذا حل المساء تذهب للعيش والمبيت في منزل أبيها أما أم «نسمة» فهي مطلقة منذ ستة سنوات وتزوجت برجل آخر أنجبت منه أطفالا، وتزوج والدها امرأة مطلقة؛ لها ولد فاشل يفرض الأتاوات على بائعي القات ويستهويه الجلوس في المقاهي واللوكندات ووالدته فخورة به وتعتبره بطلاً وترغب أن تزوجه نسمة، لكن والدها يقف الى صفها إلاّ أنها تعيش في رعب من بلطجة ابن زوجة أبيها وترغب في سرعة الزواج والتخلص من عيشة الشتات التي فرضت عليها.
العشيق الشاب دفعه العطف أن يذهب معها إلى الأب ويخطبها منه وأن يذهب معها أيضاً إلى والدتها ويخطبها منها وذهب الاثنان معاً فاشتريا الدبلتين وأعلنت الخطوبة وبعدها انطلقا سوياً، إذا تأخرت ليلاً تقول لوالدها إنها كانت عن أمها وإذا لم تظهر نهاراً تقول لأمها أنها كانت عند والدها وأتاح لهم ذلك الانفلات فرصة اللقاء ومن ثم الاطاحة بمقاومة الحرمان والتصقت أجسادهم بحنان.. إنه الضعف الذي يعتري أصحاب هذه المرحلة العمرية، وأعلن الخطأ أنه قادم وأخذت بطن نسمة تتدرج بالانتفاخ وفي الشهر الرابع اعترفت لأمها التي صرخت من الفضيحة وذهبا سوياً للخطيب الذي أبدى استعداداً أن يجعل الأمر شرعياً ولابد من فرصة لاقناع أبيه استغرق الأمر شهرين وأصبحت نسمة في شهرها السادس ومازال الأمر خفياً عند الأب وأقدم الخطيب على توثيق عقد شرعي ولكن لم يتوفر السكن بعد، ومع خفاء الأمر أصبحت نسمة حبيسة غرفة في منزل والدتها وهي في شهرها التاسع ولكن قبل أن ينتهي ذلك الشهر فاجأها المخاض وهي وحيدة في منزل أمها وكان ما كان كشف الأمر بعد ذلك وفي كل الاحوال الأب والأم شريكان رئيسيان في جريمة نسمة التي هي أصلاً مجني عليها.