أرشيف

يحمل مؤهل بك هندسة ويمارس الشعوذة!

لم يخطر ببال أحمد وهو يواصل دراسته خارج الوطن بأنه سيعود إلى رصيف البطالة، بل كان يرسم أحلاما وردية سيحققها عندما يعود لوطنه ويلتم شمله بأسرته التي انتظرت عودته طويلا،.
عاد أحمد إلى وطنه وأحلاما ترتسم في مخيلته للمستقبل القادم في أرض الوطن الذي أحبه حتى الثمالة، عاد حاملا مؤهله الدراسي، ليساهم في بناء الوطن الذي أنفق عليه طيلة سنين دراسته.
لكن ملف أحمد ظل في الخدمة المدنية سنوات دون أن يجد اسمه في الصحف التي تنشر كل عام أسماء المؤهلين لشغل الوظائف، صرف كل ما لديه واستدان الكثير من الأموال وهو يتابع من أجل الحصول على وظيفة.. وعندما صار الجيب فارغاً والديون أثقلت كاهله، قرر أن يعود لقريته لينتظر ما يخبئه له الغيب.
وفي القرية طال به المقام، وملفه لا يزال في الخدمة المدنية حبيس الأدراج، ظل أحمد يهيم في الشعاب والجبال دون أن يجد حلا لمعضلته، حتى كاد أن يفقد عقله.. وذات ليلة وبينما هو على سفح ربوة تعتلي منزل أسرته خطرت على باله فكرة ظل يقلبها في رأسه أياماً، وذات يوم لاحظ أحد أقربائه أن شيئا ما يدور في عقله فأصطحبه خارج القرية وصارحه بما يريده، أفصح أحمد لقريبه بما دار في رأسه، وخطط الاثنان للأمر واتفقا على العمل سويا.
بعد أشهر شاع في القرية والقرى المجاورة أن أحمد يعالج مس الجن والسحر وكثيراً من الأمراض المستعصية، وصار منزله مزارا لكثير من المرضى، فقد كان المريض يسمع بنفسه الجني وهو يناديه باسمه من الضاحة المجاورة ويشخص حالته ويصف له العلاج.
زادت شهرة أحمد وأنتشر صيته أكثر بين الناس وصارت السائلة القريبة من منزله تموج بالحركة بعد أن كانت سكنا للبوم.. ومع كثرة الوافدين صار أحمد يملك من المال الكثير، وبدلا من بحثه عن عيدان القات اليابسة صار يخزن بأجود أنواع القات.
علمت الجهات المختصة بخبر أحمد وحكاية الجني الذي يتكلم من الضاحة، فقرروا استجلاء الحقيقة، ليصلوا إلى ذلك المكان وحينها ناداهم الجني بكل برود من الضاحة، ففهموا أن الأمر ما هو إلا عبارة عن مكبر صوت موجود في الضاحة يتكلم فيه قريب أحمد بعد أن يناديه، وأن الأمر ما هو إلاّ دجل واستغلال لجهل الناس، وحين صارحوا أحمد بالحقيقة، لم يتلعثم ولم ينكر الأمر، بل قالها بكل صراحة منذ سنوات عدت من الخارج حاملا مؤهلا دراسيا في الهندسة بتفوق وفي وطني الذي أحببته لم أتمكن من الحصول على وظيفة أعيش بها وأكون لي أسرة طالما حلمت بها في غربتي ففاض صبري وعدمت كل الوسائل حتى هداني تفكيري لهذا العمل الذي يمارسه الكثيرين مستغلين جهل الناس.. وبعد تدخل شخصيات ذات وزن ثقيل ترك أحمد ذلك العمل الذي جمع منه الكثير من المال بمقابل ترتيب وضعه بوظيفة حكومية في مجال تخصصه.

زر الذهاب إلى الأعلى