أرشيف

د. ناصر العولقي: المبادرة الخليجية فرصة تاريخية لإنقاذ الرئيس

السلطة تعده واحداً كان من أبرز رموزها,والمعارضة تنظر إليه اليوم كواحد من أهم منظريها, كان واحداً من أهم وأبرز رجالات اليمن المخلصين لوطنهم ومبادئهم الخاصة بهم..إنه الدكتور/ ناصر العولقي –أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- كان أحد مؤسسي المؤتمر الشعبي العام, ورئيس جامعة صنعاء سابقاً وعضو اللجنة التحضيرية للحوار الوطني حالياً.


حوار/رئيس التحرير صحيفة اليقين- عبدالله مصلح


بداية كيف تقرأ المشهد السياسي في بلادنا؟


أعتقد أن اليمن تعيش في الوقت الراهن ثورة شعبية بكل معنى الكلمة, وهذة الثورة بكل أبعادها وخصائصها لا تقل عن أي من الثورات سواء كانت في تونس أو مصر، بل أستطيع القول بأن الثورة الشبابية والشعبية في اليمن قد أخذت فترة طويلة مقارنة بالثورتين التونسية والمصرية .. وهذة الفترة أتاحت فرصة ممتازة جداً لأبناء الشعب اليمني, وبالذات الشباب من كل مناطق اليمن وقبائلها ومدنها وأريافها، ان يتواجدوا في ساحات التغيير والحرية في صنعاء وتعز والمكلا وعدن والحديدة والبيضاء وذمار, وفي كل مناطق اليمن. وأنا شخصياً ذهبت إلى ثلاث مناطق, حيث زرت ميدان التغيير في كريتر عدن قبل حوالي شهر, وزرت أيضاً ساحة الحرية في تعز حين كنت في زيارة لمؤسسة السعيد في تعز, أما في صنعاء فأنا أسكن بالقرب من جامعة صنعاء وقد ذهبت إلى ساحة التغير بصنعاء عدة مرات لإلقاء المحاضرات واللقاء بعدد كبير من الشباب وغيرهم.


· ماذا وجدت في الساحة؟


وجدت ثورة شعبية بكل معنى الكلمة… ثورة تريد أن تحقق لليمن مالم يتحقق خلال الخمسين السنة الماضية . ولو نظرنا إلى أهداف الثورة اليمنية نجد –أنها للأسف – لم تتحقق جميعها إلا في بعض المظاهر، يعني قد نكون تحولنا في الشمال من ملكية إلى جمهورية ,وفي الجنوب تحولنا من الاستعمار إلى حكومة وطنية وعندما تمت الوحدة كنا نعتقد أن الشعب اليمني جاءت له فرصة تاريخية لتحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وبالذات فيما يخص الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والاستقرار ودولة النظام والقانون التي أكدت عليها ثورتنا سبتمبر وأكتوبر, ولكن –للأسف- الشديد لم تحقق الوحدة اليمنية تلك الأهداف نتيجة العوامل داخلية وخارجية لا مجال لذكرها الآن. ولكن عندما زرت ساحات التغيير والحرية وجدت لأول مرة تفاعلاً جاداً من أبناء اليمن للوضع الذي وصلوا إليه، وإدركا حقيقياً بأهمية التغيير والثورة الحقيقية التي تعيد لليمن الحرية والاستقرار والنمو والعدالة .وأتمنى –إن شاء الله- أن تنجح الثورة الشبابية الشعبية السليمة في اليمن : لأننا قد وصلنا إلى مستوى من التدهور في كل مظاهر حياتنا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي برامج إصلاحية وغيرها من البرامج أن تؤدي فعلاً إلى تحقيق أهداف الشعب اليمني في ظل هكذا وضع.


· برأيك ما الأسباب التي أدت إلى تأخير نجاح الثورة حتى الأن؟


هناك عدة أسباب، وفي تصوري أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم نجاح الثورةاليمنية الى الأن هو أن الجيش اليمني –للأسف الشديد –لم يكن بنفس المستوى الذي كان عليه الجيشان المصري والتونسي كمؤسسة وطنية واحدة ومستقلة ومحترفة, ولذلك وجدنا انه عندما أعلن اللواء على محسن تأييده للثورة كان هناك في الأسبوع الأول اندفاعاً من عسكريين ومدنيين لتأييد الثورة, ولكن السلطة استطاعت أن تستعيد قدرتها وتقلل من تكاليفها ونجحت في الأبقاء على جزء كبير من الجيش والمتمثل في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي وبعض الألوية الأخرى.


السبب الأخير:أعتقد –وهذه حقيقه يجب أن نعترف بها حتى وأن كنت الأن في المعارضة –أن الرئيس والسلطة الحاكمة مازال لها تأييد سواء من قبل قوات مسلحة أو في بعض مناطق اليمن حيث الشخصيات الاجتماعية سواء كانوا مشايخ أو أعضاء مجالس محلية, وغيرها من الشخصيات التي تعتقد بأنه قد لا يكون لها مجال أو مكان في المستقبل..وبدأت هذه القوى تتجمع حول الرئيس ليس من أجل الرئيس فقط ولكن من أجل مستقبلها.


· وكيف يمكن إقناع مثل هؤلاء؟


على المشترك وشركاه أن يوضحوا لهذه القوى أنهم ليسوا مستهدفين أبداً وأن هذة الثورة هي من اجل أبناء الشعب اليمني جميعاً.لكن الحقيقة, الإعلام الرسمي استطاع أن يصور الأمور بشكل آخر وأنا لا اعتقد ان كل من يجتمعون في ميدان السبعين أو ميدان التحرير يمكن تسميتهم “بالبلطجية”.. طبعاً الكثير منهم لهم مصالح ذاتية وآنية من أجل أن يحصلوا على بعض المال, لكن هناك قوى ما زالت تلتف حول الرئيس من أجل مصالحها , فإذا نظرنا إلى الثورة المصرية في الأيام الأخيرة لحسني مبارك فإنه لم يستطيع أن يجمع من عناصر الحزب الوطني سوى ما يقارب الثلاثة الف شخص في ميدان الجامعة العربية في منطقة المهندسين تظاهروا من أجل حسني مبارك ,بينما نجد أعداد المناصرين للرئيس على عبدالله صالح أكثر, فهذه مشكلة أخرى تواجه الثورة الشعبية.


السبب الأخر أن المشترك وشركاه – احترامي – لم ينضموا من أول يوم إلى ساحات التغيير ليحسموا أمرهم ويقفوا أمام أي نوع من الحوارات، لأن الحوارات التي تمت لم تؤد إلى نتيجة, بل ساعدت النظام أن يلتف ويتماسك وطبعا أكتشف المشترك الآن بعد كل هذا الوقت أن النظام استطاع فعلا أن يماطل ويراوغ من اجل أن يحافظ على قواه المختلفة, وأعتقد أن المشترك وشركاه قد تعلموا الدرس. وقد لاحظت قبل ايام الأستاذ محمد سالم باسندوة والشيخ صادق الأحمر وآخرين وصلوا إلى ساحة التغيير بصنعاء وأبلغوا المعتصمين أنهم يؤيدون الثورة الشبابية السلمية وأنهم يعتقدون أن المبادرة الخليجية إذا تم التوقيع عليها ستحقق أهداف الثورة.


· ما دور البيئة المحيطة بالرئيس والمجموعة التي حوله في إقناعه بعدم التنحي؟


– والله انا شخصياً كانت لي علاقة سابقة بالمؤتمر الشعبي العام, فقد كنت أحد مؤسسيه في عام 1982, وانتخبت في اللجنة العامة في دورات مختلفة من اكتوبر1990 إلى 2005 م, واللجنة العامة هي أعلى هيئه قيادية في المؤتمر. والذي دفعني إلى تجميد نشاطي بالكامل في المؤتمر من بعد الانتخابات الرئاسية في 2006 هو أنني وصلت الى قناعة بان المؤتمر الشعبي العام قد سيطر علية مجموعة من الانتهازيين والإقصائيين الذين لا يريدون إلا تحقيق مصالحهم.. هؤلاء مجموعة سيطروا سيطرة كاملة على المؤتمر, والأخ الرئيس جامل هؤلاء وأعطى لهم فرصة السيطرة.


· لماذا اضطر الرئيس إلى مجاملتهم؟


لأنه كان يعتقد ان هولاء سيكونون أكثر تشجيعاً وأكثر إخلاصاً في مسألة التوريث، وفي مسألة الانتخابات, وقد كانوا في الحقيقة يرتبون لانتخابات يحصل فيها المؤتمر على أغلبية كأسلحة من أجل يمرروا مشروع التوريث, ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. فجاءت الثورة من تونس ثم مصر وحتى وصلت اليمن وأفشلت مخططات هؤلاء المجموعة من الانتهازيين .وللأسف الشديد أن هؤلاء مازالوا يتكتلون حول الأخ الرئيس, ونشاهدهم هذه الأيام في تصريحاتهم على القنوات الفضائية وأيضاً في التجمعات التي يقوم بها المؤتمر في التحرير وفي ميدان السبعين. وأعتقد أن هؤلاء الأشخاص لا يخدمون الرئيس وإنما يخدمون مصالحهم الذاتية، وأعتقد أنهم سيجرون البلد إلى المجهول وإلى الهاوية, إلا إذا استطاع المخلصون في المعارضة أن يقلصوا تأثير هؤلاء وتتحقق أهداف الثورة الشعبية.


· ألا ترى ان المبادرة تحتوي على عبارات مطاطية تسمح بهذه الاختلافات، فالرئيس يريد كل بنودها باستثناء بند التنحي والمعارضة ترفض كل البنود باستثناء بند التنحي؟


المبادرة لها إجراءات تنفيذية. وبالطبع سيكون هناك – قبل التوقيع –مذكرات تفسيرية للمبادرة توضح للطرفين إجراءاتها. ولا أعتقد أن دول الخليج ستدخل في مبادرة وهي لا تعرف نتائجها. هذه الدول قد التقت بالطرفين واستمعت إلى وجهة نظر كل منهما، واستوعبت كل تلك التحفظات. فمثلاً مسألة التنحي محسومة بعد شهر وتشكيل الحكومة, ووضع دستور جديد وإجراء استفتاء عليه, وغيرها من البنود.


· ماذا عن البند الذي ينص على إزالة مظاهر التوتر السياسي والأمني؟


بالنسبة لبند إزالة مظاهر التوتر السياسي والأمني، فالمعارضة تعتقد أنه لا يدخل في إطارها الاعتصامات والمظاهرات، لأنها حق دستوري ولا تستطيع أي اتفاقية أن تلغي هذا الحق وخاصة أن الدستور اليمني الحالي ما زال مطبقاً والإخوة في المشترك قد وضحوا هذه المسألة للإخوة الخليجيين والإتحاد الأوربي والولايات المتحدة, وأعتقد حتى لو طلب المشترك من أعضائه الانسحاب من الساحات فلن ينسحبوا حتى تتحقق أهدافهم.


· كيف تتحدثون عن الحق الدستوري في الاعتصامات، وترفضون الحديث عن الشرعية الدستورية من قبل النظام؟


موضوع الشرعية الدستورية مختلف ,لأن المظاهرات والاعتصامات والأعداد الكبيرة التي تخرج يوم الجمعة في محافظات اليمن المختلفة فهي في وجهة نظر الحقوقيين والقانونيين قد ابطلت ما يسمى بالمشروعية الدستورية. الشيء الآخر أن هناك توافق بين الطرفين حول المبادرة التي تنص على التنحي بعد شهر وليس بعد سنتين, فلماذا –إذا– الحديث عن الشرعية الدستورية؟! ايضا إذا أراد الرئيس أن يتنحى فإن الدستور لا يمنعه من ذلك ولكن الدستور يسمح بالاعتصامات والمظاهرات، فالقضيتين مختلفتين.


· برأيك لماذا هذه المناورات من قبل النظام تجاه المبادرة رغم أنها خرجت من دار الرئاسة كما تؤكد المصادر؟


أتمنى على الأخ الرئيس وبكل صدق –وأنا عملت معه ومازلت اكن له تقديراً واحتراماً –أن يستغل هذة الفرصة التاريخية لتجنيب اليمن المآسي، ويكفينا مآس وحروب مدى السنيين الماضية, ونحن الآن بحاجة إلى سلام وإلى تنمية وأعتقد ان المبادرة الخليجية بكل سلبياتها مبادرة يمكن فعلا أن تحل المشكلة بين اليمنيين, فلماذا لا يتوكل الرئيس على الله ويدع المنافقين والمتمصلحين من حوله؟! يتوكل على الله مع إخوانه في المشترك ويوقع على هذه المبادرة وخاصة وأنها تعطي المؤتمر 50% من الحكومة .والمؤتمر يستطيع أن يبني نفسه في المستقبل ,بل أعتقد أن هذه المبادرة الخليجية جاءت لإنقاذ الرئيس وشخصيات المؤتمر وليس لإنقاذ المشترك، فهذه فرصه تاريخية له.


· الآن المؤتمر يقول بأنه لن يوقع على المبادرة إلا إذا حلت كثير من المشاكل منها الاعتصامات وحل قضية الجنوب وصعدة وانشقاق الجيش .ما رأيك بذلك؟


إذا توفرت الإرادة سياسية بالدرجة الاولى من المؤتمر الشعبي الحاكم انا في تصوري ستحل كل هذه المشاكل.


الحوثيين أنفسهم كما سمعت يريدون أن يشكلوا حزباً سياسيا وهذه بادرة جيدة وأنا أعتقد أن الأخوة في الحراك الجنوبي قد بدؤوا يخففون من اطروحاتهم حول الانفصال ,وهذه فرصة تاريخية , فلماذا لا نحاول أن نلتقطها بالتوقيع على المبادرة لنلم شمل اليمن والحفاظ على وحدة اليمن؟ لأننا إذا استمرينا فيما نحن فيه بدون اتفاق فإن اليمن سيتشظى, ومسألة الانفصال واردة ومسألة أن يقيم الحوثي له إمارة واردة ..وفي تصوري ان الجميع (السلطة والمعارضة والشباب)لا يردون هذ.


· معظم الأوراق سقطت من يد النظام باستثناء ورقة الوقت التي مازال يناور بها لكن بعد مقتل بن لادن قد يعود النظام للعب بورقة القاعدة وافتعال المشاكل باعتبارها ردود أفعال غاضبة لمقتل بن لادن ,كيف تقرأ هذا؟


كان النظام يناور ويلعب بأوراق من ضمنها ورقة القاعدة في الماضي أما الآن لا يملك النظام ان يلعب بأي من هذه الأوراق , وأن أي محاولات من هذا النوع ستبوء بالفشل .وأعتقد أن الثورة الشعبية الموجودة في اليمن ستتعزز وأن كثيرا من الناس الذين لم يحسموا أمرهم سيجدون أنفسهم يقفون مع الثورة فيما لو فشلت المبادرة الخليجية بل أتصور أن عددا من أعضاء المؤتمر سينضموا إلى الثورة وقيادات من الجيش سوف تنظم إلى الثورة .. وهذا سيؤدي إلى تقلص سلطة المؤتمر ما يجعله في نهاية المطاف يذعن للثورة الشعبية.


وأحسن فرصة أمام الأخ الرئيس يلتقط هذه الفرصة ويتوكل على الله ويوقع مع إخوانه في المشترك وشركائه على هذه المبادرة لتجنب اليمن المزيد من المآسي. أما الثورة الشعبية فأنا من خلال متابعتي أرى أن هذه الثورة ستستمر وبإذن الله يتحقق أهدافها وبطريقة سلمية.


· بعض المحللين يحذرون من إمكانية استغلال النظام لمقتل بن لادن ,ويوعز إلى فرع تنظيم القاعدة باليمن بإعلان زعامة جديدة في اليمن وبالتالي لفت اهتمام الخارج بالنظام تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ما قولك في هذا؟


قبل حوالي شهر اجرت صحيفة كندية مقابلة معي ومع آخرين ,وقلت فيها أن على الحكام المستبدين في العالم العربي والعالم الإسلامي أن يستفيدوا ويأخذوا العبرة من هذه الثورات.
 وأنا في تصوري أن هذه الثورات الشعبية حققت أهدافها في إتاحة الفرصة أمام الجميع – بما فيهم الشباب المتشدد-لطرح أفكارهم بطريقة سليمة ، وهذا يخفف من تشددهم وقد يؤدي إلى إن تتحول بعض المنظمات المتشددة إلى منظمات سياسية واعتقد أن الغرب وبالذات الولايات المتحدة قد أخطؤوا في تعاملهم مع هذه المنظمات من جانب أمني وحربي فقط, بينما هذه التنظيمات كان يمكن لبعضها أن تتحول إلى تنظيمات سياسية بشكل أو بآخر .. ولهذا على الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة أن يستفيدوا من الماضي وأن ينظروا إلى قضايا عالمنا العربي مثل قضية فلسطين وغيرها ,وأن يقفوا مع مطالب الشعوب وبالذات فيما يخص الحرية والديمقراطية وحل مشاكل هذه الشعوب، وبهذا سيتقلص أثر هذه التنظيمات، وحتى البعض منها سيعيد النظر في أطروحاته ولن يكون لها تأثير كبير.


· كيف تنظر إلى الوضع الاقتصادي في بلادنا؟


كما سبق وقلت في مقابلة تلفزيونية عن الوضع الاقتصادي , بأنه لا يمكن حل الوضع الاقتصادي الا بحل القضية السياسية , وأن القضية سياسية بالدرجة الأولى , وأنه ما لم يكن هناك حوار سياسي شامل بين كل القوى الفاعلة في اليمن لا يمكن حل القضية الاقتصادية ولا أي قضية أخرى.


وزير التجارة والصناعة الأخ هشام شرف منذ حوالي عشرة أيام صرح أن الاقتصاد اليمني قد خسر حتى الآن نتيجة لما حصل قد خسر أكثر من خمسة مليار دولار نتيجة لما حصل. ومع أنني أعتقد أن الأخ الوزير قد بالغ في ذالك , لكن لننظر إلى الحقائق .. الآن إنتاج البترول في شبوه يكاد متوقفاً تماماً .. أنتاج البترول في حضرموت متوقف جزئياً .. الآن لا ننتج مشتقات نفطية, وشركة النفط اليمنية أعلنت أنها ستستورد هذه المشتقات بل البترول الذي ننتجه نستورده من الخارج، لأن الطرق الآن غير مؤمنة في كل مناطق اليمن , ولذلك لا نستطيع أن ننتج بترول أو ننقله إلى المصافي في عدن, وحتى هناك صعوبة في نقل الغاز المنزلي أيضاً قطاع السياحة متوقف, وقطاع البناء والتشييد- وهو أهم قطاع في اليمن –متوقف.. مشاريع الحكومة كلها موقفة .. الحكومة ليس لديها مشاريع استثمارية .. الآن حولوا كل الفلوس من الحسابات المختلفة إلى الميزانية الجارية من أجل يدفعوا تكاليف المظاهرات وشراء الولاءات ومن أجل أشياء أخرى .


وحين ننظر إلى كيفية الحصول على العملة الصعبة فإنها تتوفر من خلال تصدير البترول والأسماك والبن وغيرها من المنتجات . إذاً تصدير البترول شبه متوقف الآن وهذا يعني أننا نخسر مئات الملايين من الدولارات ,أيضاً التحويلات من الخارج بدأت تتقلص , والسياحة تلاشت .. وكنت قبل أيام في فندق موفمبيك الذي يحتوي على (360 غرفة) لا يوجد الآن سوى خمسة أشخاص فقط! إذا كل شيء معطل في هذا البلد .. الاقتصاد مدمر.. البلد تدمر أمام أعين السلطة والمعارضة أيضاً ولكن المسؤولية تقع على السلطة. ولذلك حقيقة الذي أراه أنا، وأنا أتكلم بصفتي أستاذ اقتصاد في جامعة صنعاء وليس كسياسي، فأقول: خافوا الله في الشعب اليمني .. الاقتصاد يتدهور .. والناس لا يجدون الغاز ولا البترول ..الناس لا يستطيعون التنقل من مكان إلى آخر بل رجعوا إلى ما قبل(300) سنة ويستخدمون الحطب.. والحطب –بالمناسبة –غال ويسبب مشاكل بيئية ومرضية للناس , كل شي غال والاقتصاد شبه متوقف.


تصور أن الاحتياطي كان معنا في ديسمبر 2010م مبلغ خمسة مليار وستمائة مليون دولار، واليوم عندنا أقل من أربعة مليار دولار .. وهنا على الحكومة أن تكون مسؤولة وتقول لنا أين ذهب الفارق ! هم يقولوا أنهم اشتروا به مشتقات نفطية , وهذا احتمال لكن يجب أن يعرف الشعب اليمني أين ذهبت هذه المبالغ الكبيرة.


أيضاً اليوم فاتورة الاستيراد في اليمن للاحتياجات الاساسية كالمواد الغذائية وغيرها تبلغ (8-10) مليار دولار، وبالتالي لك أن تتخيل مدى الفاجعة حين يكون استيرادك ب10مليار دولار، بينما لا يوجد لديك احتياطي سوى أقل من أربعة مليار دولار !!


ولهذا أعتقد أنه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه دون حلول أو معالجات ,فإننا خلال أربعة أو خمسة أشهر سنصبح في مجاعة …وإذا كان الناس اليوم يعانون من انعدام الغاز ,فقد لا يحصلوا غدا على الدقيق والأرز الذي يطبخونه بالغاز. وبالمناسبة فإن الدول الأوربية والأمريكان قد نبهوا الدولة والمشترك أن المشكلة الاقتصادية مشكلة كبيرة، وأعتقد لو تطورت الأزمة سندخل في كارثة كبيرة.


· باعتبارك المسؤول المالي لملتقى أبناء الجنوب في صنعاء ما الذي يهدف إليه هذا الملتقى؟ ولماذا يتخوف منه البعض بمن فيهم أبناء الجنوب أنفسهم؟


للأسف الشديد ان هنالك من فسر اجتماع ابناء الجنوب المقيمين في صنعاء، سواء كانت في السلطة أو خارج السلطة، وأقصد إخواننا في المحافظات الجنوبية وفي مقدمتهم الحراك الذي كان له في البداية موقف سلبي من اجتماع أبناء الجنوب في صنعاء.


أيضا السلطة كانت تنظر بنظرة سلبية إلى هذه الاجتماعات وحتى المشترك وشركاؤه كان لهم بعض التحفظ على اجتماع أبناء المحافظات الجنوبية . ولكن الإخوان الذين دعوا على هذا الاجتماع قد وضحوا في الصحف ووضحوا للإخوان في الحراك وللإخوان في المعارضة أن هذا الملتقى ليس كياناً سياسياً وليس بديلا للمشترك وليس تابعا للسلطة ولكنه يضم من أبناء الجنوب شخصيات عسكرية ومدنية أكاديمية, بهدف توضيح القضية الجنوبية بشكل صحيح, وأن يمثل هذا الملتقى جسراً يصل بين ما يطرح في المحافظات الجنوبية وبين ما يطرح هنا في المحافظات الشمالية بغرض لم الشمل، ومن أجل أن تتصدر القضية الجنوبية أي حوارات قادمة لأنه ما لم تؤخذ مطالب الجنوبيين بعين الاعتبار سواء كانت مطالب سياسية أو حقوقية، أنا أعتقد أن اليمن لن يستقر في المستقبل . وأنه لا يمكن أن يتم تنفيذ المبادرة الخليجية إلا إذا أخذت بعين الاعتبار القضية الجنوبية.
 ولا يفوتني هنا الإشارة بوثيقة الانقاذ التي أعلنها المشترك وشركاؤه والتي تناولت القضية الجنوبية بطريقة واضحة, حتى شكل الحكم سواء الفيدرالية أو الحكم المحلي واسع الصلاحيات وأنا في تصوري ما لم يكن هنالك حل يرضي الغالبية من أبناء الجنوب فلن يكون هناك استقرار في اليمن وسيشكل عائقاً أمام الحكومات القادمة , بل إنه سيؤدي إلى نوع من التشرذم واستمرار المطالب الانفصالية وما يطرحه علي سالم البيض ومن معه. ونحن لا نريد الانفصال, لأنه ليس في مصلحة الشعب اليمني، ولكني كجنوبي من أبناء المحافظات الجنوبية أعيش وأعمل في صنعاء أعتقد وبأمانة أن القضية الجنوبية قضية ليست بسيطة وليست كقضية صعدة، ولكنها قضية ناس كانوا يعيشون في دولة وتخلوا عنها حبا في الوحدة ولكن بعد حرب 94 حدثت مظالم وتم طرد الناس من وظائفهم، بالإضافة إلى الاستيلاء على الأراضي.
 وأتمنى من إخواننا في المشترك وفي السلطة أن ينظروا إلى القضية الجنوبية نظرة عادلة ليحافظوا على الوحدة.


نقلا عن صحيفة اليقين

زر الذهاب إلى الأعلى