أرشيف

الربيع السعودي ـ بقلم عبد الرزاق الجمل

هل بدأ الربيع العربي في تونس حقا، البلد الذي لم يكن يتوقع أحد أن يظهر فيه ما يمت للثورة بصلة؟. هذا سؤال مهم يتطلب الجواب عليه إلماما واسعا بتاريخ معظم الأحداث في المنطقة العربية، كما يتطلب تجردا تاما من كل المؤثرات، الحزبية والدينية وغيرها، حتى يتم التعامل مع الأحداث وفق معايير منطقية لا وفق قناعات مسبقة، فعلى سبيل المثال قد نتعاطى مع ثورة ما على أنها تمرد، ومع أخرى على أنها إرهاب، ليس لأنها كذلك ولكن لأن من يحكم العالم اليوم يتحكم في كل شيء فيه، حتى في مفردات مثقفيه وسياسييه. باختصار، يفصِّـل العالم على مقاس مصالحه، وكذا يفعل من هم ضمن شبكته، وإن في نطاق محدود يتناسب وحجم ما يحظون به من نفوذ في أي محيط جغرافي يحكمونه.

ربيع القاعدة بدأ في وقت مبكر جدا، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ليس ضد أنظمة الحكم في المنطقة العربية فقط، بل ضد من وضع ودعم هذه الأنظمة بدرجة رئيسية، لكنه لم يكن ربيعا ولا هم يحزنون، كان إرهابا يجب على العالم أجمع أن يقف في وجهه وأن يحاربه، هكذا قالت أو أرادتْ الولايات المتحدة الأمريكية، فوقف العالم أجمع في وجهه وحاربـوه.


والفرق بين الربيع القاعدي والربيع العربي اليوم هو أن السعودية كانت أهم حليف للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب، بينما كانت أمريكا أهم حليف للمملكة العربية السعودية في الحرب على الثورات العربية، لكن لحساسية الأمر في الحالة الثانية لم تكن الحرب علنية، كما هي في الحالة الأولى. السعودية اليوم تمول ثورات مضادة في البلدان التي نجحت فيها الثورات، وتحول دون نجاح ثورات أخرى في بلدان أخرى، كاليمن. قال أحدهم إن سقوط النظام السعودي سيوفر على المنطقة العربية الكثير من الثورات. مشكلة اليمن أن فيه ربيعين، ربيع عربي شبابي سلمي، وربيع عربي قاعدي عنيف.

 

أي أن في اليمن حربين وتحالفين، حرب أمريكية على القاعدة بتحالف سعودي، وحرب سعودية على الثورة الشبابية بتحالف أمريكي، ويحتاج اليمنيون إلى سقوط النظام السعودي أولا، والنظام الأمريكي ثانيا، ليسقط نظام الرئيس علي عبد الله صالح ثالثا. ربما اتضحت الصورة الآن أكثر وعرفتم لماذا تأخر حسـم الثورة في اليمن.


كاد هذا الاستطراد أن ينسيني سؤال البداية، وإن كان استطرادا في سياق السؤال ذاته: هل بدأ الربيع العربي في تونس حقا؟!.. والجواب عليه يتطلب، كما أسلفنا، إلماما واسعا بتاريخ كل الأحداث في المنطقة العربية، حتى تلك التي قد لا تبدو مهمة أو تبدو خارج السياق، فربما بدأ الربيع العربي في دولة عربية هي أبعد من تونس في احتمال أن تبدأ ثورة فيها، بل إن هذا الاحتمال البعيد أو الأبعد هو الذي حدث بالفعل.


فعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية هي التي تقود وتمول الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، إلا أن « الربيع السعودي » كان أول ربيع تعرفه المنطقة العربية، حين تأسست شركة الربيع للأغذية المحدودة في مدينة الرياض عام 1980 للميلاد.


إنها لإحدى الكبر.. ربيعنا دم وربيعكم حليب معاشر الإخوة في المملكة العربية السعودية، هل يستويان مثلا!!، لكننا لم نقاطع ربيعكم كما قاطعتم ربيعنا، إنه متوفر في كل محلات المواد الغذائية بالعاصمة صنعاء، وبأصنافه الثلاثة، بدون دسم، خفيـف الدسـم، كامـل الدسـم.. الدسـم ولـيس الـدم.. أسقـطـوا حـرف السيـن إن شئتـم، لتستريحوا وتريحوا غيركم.

«
كاتب يمني

زر الذهاب إلى الأعلى