اليمن يخرج من الانهيار الأمني ليصاب بالجمود السياسي إثر ظهور هادي بلاصلاحيات.. وصالح ‘لاعب فاعل’ في الظل
أكد مصدر دبلوماسي غربي أن ابرز معوقات المرحلة الانتقالية في اليمن هي استمرار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في تدخلاته بالشأن الحكومي، وهو أمر يتنافى مع التغيير السياسي الذي حصل مؤخرا عبر الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 21 شباط (فبراير) الماضي وانتقلت السلطة بموجبها للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي.
وقال لـالقدس العربي ان التدخلات الواضحة لصالح أعاق التوجهات السياسية التي يطمح هادي إلى إنجازها خلال الفترة الانتقالية. وأن هادي أصبح مكبّل بمشاكل البلاد الأمنية والسياسية والاقتصادية، كما أن نظامه اصبح مرهون بتدخلات صالح التي أعاقت انطلاقة قرارات هادي ووقفت حجرة عثرة أمام إحداث تغيير حقيقي في البلاد.
وصعد نجم هادي خلال الانتخابات الرئاسية كـرجل مقبول شعبيا لكنه برز حاليا بمظهر رئيس بلاصلاحيات وفقا للمصدر الغربي، إثر عدم قدرته على اتخاذ قرارات جوهرية في الوقت وخاصة فيما يتعلق بإزاحة الفاسدين أو غير المرغوب بهم شعبيا من أتباع الرئيس صالح، وهو ما دفع بالناس إلى السخط وعدم الرضا عن الوضع الراهن، بمبرر أن التغيير ما زال غير مكتمل.
وذكرت مصادر مقربة من صناعة القرار في اليمن أن هادي يواجه معوقات كثيرة أمام كل خطوة يقوم بها وأمام كل قرار يتخذه في سبيل تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمّنة، وهو ما دفعه إلى السفر إلى المملكة العربية السعودية في (زيارة خاطفة) لإبلاغ الجارة الكبيرة بما يواجهه من صعوبات وطلب تدخل خارجي لإزاحة صالح عن طريق المستقبل اليمني، في ظل اصراره على البقاء فاعلا في المشهد السياسي بوسيلة أو بأخرى.
وارجعت العديد من المصادر السياسية أن سبب زيارة مساعد وزيرة الخارجية الامريكيةجيفري فيلتمان لصنعاء امس الأول الى الدفع بعجلة التغيير الشامل إلى الأمام وإقناع صالح بعدم التدخل في سلطات خلفه الرئيس هادي.
ووصف فيلتمان صالح بقوله الرئيس السابق في أي بلد يكون دائماً رئيساً سابقاً وليس مواطناً عادياً، على اعتبار أنه كان رئيساً سابقاً للبلاد… لكن ينبغي النظر إلى الأمام والتوقف عن النظر إلى الماضي.
وأكد أن اتساع دائرة نشاط القاعدة في اليمن خلال الأونة الأخيرة راجعة إلى محاولة استغلالها للفراغ السياسي حيث تحاول أن تستخدم الفراغات الموجودة عندما تكون هناك فوضى سياسية.
وقلل من خطر القاعدة في اليمن وقال انها لا تلعب دوراً كبيراً في مناطق معينة أو تتلقى دعماً شعبياً واسعاً، لاسيما في دول الربيع العربي مثل تونس ومصر واليمن، فهناك في هذه الدول رفض قوي للقاعدة.
وعبّر فيلتمان عن قلقه من تنامي الدور الإيراني في اليمن ودول المنطقة وقال نحن نشعر بتنامي الدور الإيراني، ونحن قلقون من ذلك، سواءً في اليمن أو ما تقدمه لبشار الأسد في سورية.
الحياة السياسية في اليمن لم تستقر حتى اللحظة رغم مرور اكثر من شهر على إجراء الانتخابات الرئاسية، والتي كان من المقرر أن يجرى خلالها مؤتمر الحوار الوطني. ويرى العديد من المراقبين أن أسباب الأزمة السياسية المتنامية حاليا إلى قضيتين رئيسيتين الأولى تعثّر إعادة هيكلة الجيش الذي يسيطر عليه افراد عائلة صالح وأقاربه والأخرى إعاقة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، الذي من المقرر أن يشارك فيه كافة ألوان الطيف السياسي وممثلين عن الحراك الجنوبي وحركة الحوثي وشباب الثورة وغيرهم من غير المشمولين في الخارطة السياسية.
وفي الوقت الذي لم تشهد فيه الساحة اليمنية أي تقدم على صعيد إعادة هيكلة الجيش على اساس وطني مهني، لا زالت الجهود مستمرة باتجاه اقناع جميع الأطراف بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، الذي يطمح من وراء انعقاده الجلوس إلى طاولة واحدة وإذابة الجليد بينهم والخروج بخارطة طريق موحدة، لإيجاد حل لكافة القضايا والمشاكل اليمنية الشائكة وفي مقدتها القضية الجنوبية وقضية الحوثي بالإضافة إلى القضية الأمنية والاقتصادية، في حين أن القضية السياسية مرهونة بحل هذه القضايا.
ويضع كل طرف سياسي شروطا غاية في التعقيد أمام الطرف الآخر من أجل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، والتي يخشى أن تقف عائقا أمام انعقاده قريبا، فالقوى والأحزاب السياسية المعارضة لنظام صالح تصرّ على ضرورة إقالة صالح من رئاسة حزب المؤتمر الحاكم سابقا، وإقالة ابنائه وأقاربه من قيادة مؤسسات الجيش والأمن كشرط لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، فيما يرفض صالح وأنصاره هذه الشروط ويطالبون بإقالة قادة الجيش المؤيدين للثورة أولا، والتي يعتبرها مهارضوهم قضايا غير مدرجة في المبادرة الخليجية.