إجتماعية
أعـــراس الأهجر.. من المشجب إلى الشكمة ليال ملاح وأيـــــام باسمــــات

المستقلة خاص ليمنات
تبعد مديرية الأهجر عن محافظة المحويت حوالي 90 كم غرب مركز محافظة المحويت التابعة لها كما تبعد حوالي 50كم شمال غرب أمانة العاصمة صنعاء ويحد مديرية الأهجر مديرية شبام شرقاً ومديرية الطويلة غرباً ومديرية كوكبان شمالاً.. وتعتبر الأهجر من المناطق السياحية خلابة الجمال ومقصداً لكل شخص يرغب بالاستمتاع بجمال الطبيعة فخضرتها تكسوها لتعطيها لوناً زاهياً يسر الناظرين وخرير ماء ينساب من السيول الصغيرة التي تملأ السواقي المتدفقة من العيون والينابيع المتوفرة بكثرة في الاهجر وتجتمع هذه السواقي الصغيرة لتلتقي في رأس الجبل وتشكل شلالاً يصب إلى الأسفل يقدر بأكثر من 100م من رأس الجبل وتضم مديرية الاهجر سلسلة جبال تحيط بالمكان.. زيارة استمتعنا بها وقضينا فيها لحظات من أجمل لحظات حياتنا وكانت هذه الزيارة لغرض الحصول على مادة تعودت المستقلة على نشرها وهذه المادة هي تقاليد وأعراف مديرية الاهجر في أعراسها ومتابعة كل ما يحصل من مظاهر الاحتفالات في أعراسهم وقد صحبتنا في هذه الزيارة الأخت أبتسام صالح من قرية الظهر الأعلى مديرية الاهجر محافظة المحويت أتمنى أن تستمتع أخي القارئ بهذه المادة كما استمتعنا بجمال طبيعة المكان فمن يزر هذه المنطقة يأخذه سحر جمالها، إلى عالم المتعة الذي يضفي على مشاعره ووجدانه صفاءاً وبهاءاً.. فإلى التفاصيل:
إعداد/ عبد الله الشاوش
تحجبة ومهر مليوني
في الاهجر يكون تحديد موعد العرس بيد الشاب فبعد عزم أهل الشاب على تزويج أبنهم يذهب والد الشاب إلى والد البنت للتشاور معه لتحديد موعد العرس ويكون الموعد مراعياً لظروف الجميع وخلال هذه الفترة يسلم والد الشاب مبلغاً مالياً لا يقل عن 800 ألف ريال كشرط ومهر وغيرها من المسميات للعروسة بعدها تتوجه أسرة البنت لشراء ما يلزم العروسة من ملابس وذهب ومكياج وغيرها من المستلزمات وحجز المزينة من خلال طرح مبلغ مالي لها كي تحضر لإحياء أيام العرس أما العروسة فلا تستطيع بعدها مغادرة المنزل إلا ثاني أيام العرس ويسمى لزومها هذا للمنزل بـ (التحجبه).
أما الشاب فيبدأ بتجهيز ملابسه والمكسرات وتأثيث غرفته وغيرها من المستلزمات الخاصة أما أسرته فتستعد من خلال شراء المصاريف للبيت “كالرز- القمح- الزيت… الخ” وشراء الذبائح وحجز المزمرين والمبرعين من شريحة المزاينة والنشاد والفنان إن كانت أسرة العريس مرتاحين وغيرها من التجهيزات حتى تحين أيام العرس المليئة بالاحتفال…..
الخطبة وقول الفصل للفتاة
للشباب في الأهجر حرية كاملة لاختيار شركائهم بأنفسهم وتعتبر مديرية الأهجر من المناطق المتمدنة والتي خرجت من أسر الماضي وعاداته السيئة التي كانت ترغم الفتاة للزواج دون أخذ رأيها أو اقتناعها وقد أعطت الشاب حرية كاملة الاختيار وبالتالي تحمله كافة نتائج هذا الاختيار أما الآباء فدورهم هنا إسداء النصح والإرشاد في ما يتعلق بالاختيار ولا يستطيعون فرض شيء على الأبناء فيما خص هذا الجانب وأيضاً يكون دورهم طلب يد البنت المختارة من قبل أهلها وقد قالت دليلنا: أنا واحدة من هؤلاء الشابات اللاتي تركت لهن حرية الاختيار والموافقة فقد اخترت شريكي وهو إختارني ووقعت بيننا قصة حب انتهت بالزواج، وعادة عندما يحدد الشاب الفتاة التي يرغب بالزواج منها يقوم الأب بالاستعانة بشخص يكون ذا وجاهة يسمى “الواسطة” ليذهب معه لطلب يد البنت رسمياً من والدها الذي يقوم باستشارتها وإعطائها وقتاً للتفكير واتخاذ القرار دون أن يمارس عليها أي نوع من أنواع الضغوط…..
وبعدها تعطي البنت ردها إما بالموافقة إذا كانت تريد هذا الشاب أو بالاعتراض إذا كانت لا تريده وتريد شخصاً آخر في هذه الحالة يكون رأيها هو الفاصل ودون مناقشة من أحد… أما لو كان ردها بالقبول فيقوم والد البنت بإخبار الوسيط وإعلامه بالموافقة ليقوم الوسيط بنقل هذا الخبر إلى والد الشاب وبعدها يتم تحديد يوم معين ليذهب الشاب وأهله إلى بيت أهل البنت لتسليم ما يسمى “حق الخطبة” وهو مبلغ مالي لا يقل عن مائة ألف ريال يعطى لأهل البنت إما نقداً أو يشتري أهل الشاب به ذهباً وهدايا وتسلم إلى أهل البنت بعدها تعمل البنت حفلة تحضرها جميع صديقاتها وقريباتها ويعمل الشاب مقيلاً يحضره جميع الأصدقاء والأقارب لإشهار الخطوبة بين الناس أجمعين أما تحديد العرس فيكون بيد أهل الشاب متى ما أرادوا..
الحناء والمشجب بداية الليالي الملاح

> تبدأ الأخت ابتسام الحديث عن أيام العرس البهيجة ولياليه الملاح فتقول: يوم الحناء هو أول أيام العرس الفعلية وهذا الاسم خاص بالعروسة أما أسم هذا اليوم عند العريس فهو “يوم المشجب” ويكون هذا اليوم يوم الثلاثاء…… فيبدأ يوم الحناء عند العروسة من الصباح حيث تتوجه إلى الحمام البخاري وتستمر إلى ما بعد الظهر ثم تعود إلى القاعة مباشرةً وتكون المزينة في انتظارها ونساء القرية اللواتي توافدن مسبقاً إلى القاعة من أجل استقبالها ويتم إدخالها القاعة بزفة ورقصات نساء وطرب وألعاب نارية حتى تدخل القاعة ويبدأ الاحتفال حيث تقوم المزينة بالغناء على الطبل أو العود أو الأرج حسب الاتفاق المسبق عند الحجز بين المزينة وأهل العروسة وكل حسب رغبته في نوع الغناء في أعراسه فيما تقوم الحاضرات بالتناوب على الرقص حتى المغرب حيث تعود العروسة إلى البيت لتستكمل السمرة هناك أما العريس فيسمى هذا اليوم لديه “يوم المشجب” ويبدأ هذا اليوم من الصباح عندما يذهب أيضاً مع أصدقائه إلى الحمام البخاري ولا يعود إلا بعد الظهر حيث يكون هنا المزمرون بانتظاره أمام القاعة فمنطقتنا أصبحت لا تقيم أعراسها إلا في قاعات والقاعات متوفرة لدينا حتى في القرى ويقوم المزمرون بالتشجيب له أي زفه لكن التشجيب مصطلح تعود عليه أبناء المنطقة حتى يتم إدخاله القاعة حيث الجميع مجتمعون في مقيل ويتخلل هذا المقيل مقطوعات إنشادية يؤديها المنشد ويستمر المقيل إلى المغرب ثم يعود العريس إلى البيت للسمرة على المزمار وتستمر السمرة إلى وقت متأخر من الليل.
يوم التاج..

يوم التاج هو ثالث أيام العرس وهو يوم الخميس حيث تنطلق العروسة في هذا اليوم في الصباح إلى الكوافير ويتم تجهيزها هناك وإلباسها التاج والفستان الأبيض والذهب حتى تصير العروسة تنافس القمر في جماله وبعد الظهر يأتي أهلها لأخذها من الكوافير وتوصيلها إلى القاعة مباشرةً حيث تكون المزينة في استقبالها بالطبل وكذلك الحاضرات اللاتي يقمن بزفها مع المزينة إلى داخل القاعة ويبدأن احتفالاً بهيجاً مترعاً بالأنس والمرح ومفعماً بالمحبة والفرح ويستمر هذا الاحتفال العامر بالغناء والرقص إلى المغرب ثم تعود العروسة إلى بيت أهلها وتستعــد لزفها إلى عريسها بعد المغرب.
أما العريس في هذا اليوم فيحتفل منذ الصباح حيث يتم إلباسه ملابس تقليدية قديمة كالثوب القديم الذي يربط كفيه إلى خلفه والبندق القديم وملابس قديمة بعدها يخرج لاستقبال الضيوف والبرع والنصع إلى الظهر حيث يذهب الجميع إلى المسجد لصلاة الظهر بعدها يتوجه الجميع إلى بيت العريس لتناول الغداء وبعدها مقيل على النشاد أو الفنان حتى المغرب حيث يتم إعادته إلى البيت لتغيير ملابسه والاستراحة فيما يقوم أهله بتجهيز موكب يذهب إلى بيت العروسة لأخذها عند وصول الموكب يتم الترحيب بهم من قبل أهلها وينضم أهل العروسة وأخوالها وأعمامها وأبناء أعمامها وكل أقاربها إلى الموكب الذي يوصلها إلى بيت عريسها وعند وصول العروسة إلى بيت عريسها يتم استقبالها وإدخالها غرفتها ويقوم أخوال العروسة وأعمامها ووالدها باستدعاء العريس للسلام على العروسة وفتش وجهها ويقوم العريس بإعطاء مبلغ مالي حق الفتشة والسلام على العروسة وبعد السلام والفتشة يغادر الجميع غرفة العروسة لزفة العريس على المزمار والنشاد والفنان والسمرة وبعد وقت قصير من السمرة يغادر العريس متجهاً إلى عروسته المنتظرة قدومه وفي الصباح الباكر يتجه العريس إلى عمته أو حماته للسلام عليها…..
اليوم السابع..
هو اليوم السابع من أيام العرس حيث يقوم أهل العروسة وأقاربها في هذا اليوم بزيارة إلى العروسة ويقومون بتحديد أيام العرس الجميلة وبعض الأسر تفضل أن تحيي هذا اليوم “بمولد” وهو إحضار امرأة متخصصة وبارعة في النشيد لإحياء ذلك اليوم بالنشيد وبعض الأسر تفضل أن يكون هذا اليوم مثل أيام العرس فتقوم بإحضار المزينة ويحيون هذا اليوم بالغناء والرقص.
يوم الثلاثين..
تظل العروسة حبيسة الدار ولا تستطيع مغادرته حتى يأتي هذا اليوم الذي فيه يحضر جميع أقارب العروسة رجالاً ونساء مرة أخرى إلى بيت العروسة الجديد لزيارتها والسلام عليها ومباركتها ويصطحبون معهم الكباش والدقيق والماء… الخ ويقوم أهل العريس باستقبالهم وتجهيز الولائم لضيافتهم فيتناول الجميع الغداء في بيت أهل العريس ويجتمعون في مقيل ويستمرون كذلك إلى المغرب ثم يغادر كل إلى منزله…. لكن وإلى الآن مازال على العروسة محضورات وممنوعات ومنها عدم الخروج من البيت ولا تنتهي هذه المحضورات إلا بعد يوم الشكمة.
يوم الشكمة..

بعد عودة أهل العروسة من يوم الثلاثين ينتظر العريس وعروسته يوماً أو يومين من زيارة أهل العروسة في يوم الثلاثين ويقومان بعدها بزيارة إلى بيت أهل العروسة حيث يتم استقبالهما والترحيب بهما وتجهيز مائدة فخمة لإكرامهما ويبقى العريس والعروسة عند أهل العروسة إلى أخر النهار حيث يغادران ويعودان إلى البيت وبعودتهم إلى البيت تنتهي كل مظاهر العرس ولا يتبقى على العروسة أي محظور أو ممنوع وتبدأ حياة الزوجية السعيدة.
يوم النسمة . . رقص وغناء حتى الصباح
يوم النسمة هو ثاني أيام العرس وهو يوم الأربعاء حيث يبدأ منذ الصباح حيث تقوم المزينة والحاضرات بالاحتفال بالعروسة، فتغني المزينة بأغانٍ تطرب الحاضرات اللاتي يقمن بالرقص على أنغام تلك الأغاني الممتعة وهذا يكون في بيت العروسة ويستمر حتى الظهر حيث تكون هناك نسمة قليلة أي استراحة إلى ما بعد تناول الغداء وتجهيز العروسة بإلباسها أيضاً ملابس تسمى ملابس تقليدية أي قديمة من زمان فمثلاً تلبس العروسة في هذا اليوم “الدقة- المصون القديم- الزنة القديمة وغيرها من الملابس القديمة المتعود لبسها في هذا اليوم”، وبعد تجهيزها في البيت يتم نقلها إلى القاعة الممتلئة بالنساء اللواتي توافدن من كل بيت من بيوت القرية فيتم استقبالها من قبلهن بزفة وإدخالها القاعة يبدأ الاحتفال بغناء المزينة ورقص الحاضرات حتى المغرب حيث تعود العروسة إلى البيت لمواصلة سمرتها هناك……
أما العريس فيبدأ هذا اليوم لديه من الصباح حيث يجتمع الجميع ويقوم أهله بإحضار المزين ليدق على الطاسة ويجتمع الحاضرون ويبدأون بالبرع بأنواعه ثم يذهب الجميع إلى ساحة خارج القرية ليتنصعوا بالبنادق ويقضون وقتاً مليئاً بالمداعبة والمزاح والتحدي في قنص الاشارات التي وضعوها للقنص المهم يحرقون الدنيا حريقاً ولا يعودون إلا عند أذان الظهر حيث يتوجهون إلى الجامع لأداء صلاة الظهر بعدها يذهبون إلى بيت العريس لتناول الغداء وبعدها المقيل الذي يزينه النشاد بصوته الجميل في ترديد أبيات شعرية جميلة أو الفنان الذي يطربهم بأغانيه الرائعة ويستمر هذا إلى المغرب وبعد العشاء يقوم أهل القرية بزف العريس من الجامع إلى القاعة وتبدأ الزفة بالنشاد ثم المزمار ثم الفنان وبعد الوصول إلى القاعة تبدأ سمرة طويلة على المزمار والفنان لا تنتهي إلا بطلوع الفجر….