قضية اسمها اليمن

هل تكون صنعاء عاصمة الجفاف الأولى في العالم؟

يمنات – متابعات

 

بدأت جداول وطبقات المياه الجوفية الطبيعية في العاصمة اليمنية تجف، لتواجه صنعاء بذلك خطر أن تكون أول عاصمة في العالم تنفد منها المياه وإمداداتها، وتتحوّل بذلك عاصمةً غير قابلة للحياة.

صنعاء: على الرغم من توافر الحلول التي أجلت الاضطرابات تنفيذها في العام الماضي، فإن الحكومة اليمنية الحالية لا تدرج مسألة المياه الجوفية الطبيعية في سلم أولوياتها، تاركة 25 مليون يمني لمصيرهم الجاف.

ولفتت صحيفة "غارديان" البريطانية يوم الثلاثاء إلى المشقة الكبيرة التي يكابدها ملايين المواطنين اليمنيين، في قراهم ومدنهم، أثناء سعيهم الى تأمين احتياجاتهم اليومية من المياه. فهؤلاء يتوجّهون إلى النوافير وسبل المياه العامة أينما وجدت للاستسقاء منها، إذ هي الملجأ الوحيد المتوافر لمعظم اليمنيين الذين يعجزون عن دفع المال مقابل ضخ المياه إلى بيوتهم.

لا تصل مياه الشرب إلى بيت أم حسين، المقيمة في صنعاء، إلا مرة أو مرتين في الأسبوع. لذا، يتعاون أفراد أسرتها جميعًا لنقل الماء من النافورة العامة 

القريبة، على الرغم من انشغال الرجال بالعمل والأولاد بالدراسة.

وبحسب ما ورد في تقرير "غارديان"، فإن مشكلات المياه والصرف الصحي مزمنة في اليمن، إذ لا تزيد حصة اليمني السنوية من المياه عن 140 متراً مكعبًا لا أكثر، علمًا أنّ متوسط استهلاك الفرد من المياه في منطقة الشرق الأوسط يصل إلى ألف متر مكعب سنوياً.

تضيف الصحيفة أن حكومة الرئيس السابق علي عبد الله صالح خطت خطوات عدة، خلال السنوات القليلة الماضية، في مسيرة تحسين قدرة الفرد اليمني على الوصول إلى مصادر المياه في اليمن. لكن الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد خلال العام الماضي قللت من أهمية مسألة المياه، فلم تُدرجها الحكومة الجديدة بين أولوياتها، بحسب ما أكده عاملون في مجال الإغاثة وموظفون حكوميون للصحيفة.

قبل عامين، أعدّت الهيئة العامة لمياه الريف تقييماً عاماً لمشاريع المياه القائمة وأكلافها، واتفقت الجهات المشاركة في التقييم على الاستفادة من مياه الأمطار في مرتفعات اليمن، وعلى التنقيب عن المياه في المناطق الصحراوية والساحلية. لكن عبد الوالي الشامي، المهندس في مشروع الأشغال العامة الحكومي في صنعاء، أوضح أن الاضطرابات السياسية هي التي أوقفت تنفيذ هذه الحلول. وتوضح الصحيفة أن هذه الاضطرابات، وما نتج عنها من مشكلات مختلفة، حاصرت الرئيس اليمني الجديد عبد الرب منصور هادي، فلم يبدِ قدرًا كبيرًا من الاهتمام بحل أزمة المياه التي تهدد غالبية اليمنيين.

وفي هذا الاطار، قال غسان مديح، الاختصاصي في شؤون المياه لدى اليونيسيف، إنه لا يرى اهتماماً حقيقياً بمسألة ندرة المياه، أو قلة الأموال المرصودة لمسألتي المياه والصرف الصحي. وهذا الهاجس هو نفسه لدى جيري فاريل، مدير صندوق "أنقذوا الأطفال في اليمن"، الذي قال: "طرحت وزارة التخطيط في شهر حزيران (يونيو) الماضي خطتها للعشرين شهراً القادمة، وحلت مسألة المياه في ذيل قائمة مشاريعها". وهذا ما جعل المراقبين يؤكدون غياب الرغبة والاهتمام اللازمين لتفعيل الحلول على الرغم من توافرها.

إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن غياب الإدارة المناسبة لموارد المياه في اليمن والتنقيب غير المنتظم يزيدان من احتمالات تعرض البلاد لموجة من الجفاف، تهدّد سكان اليمن الذين يقدر عددهم بحوالي 25 مليون نسمة.

وأضافت الصحيفة أن إمدادات المياه في هذا البلد كانت دائماً سبباً في اشتعال صراعات قبلية امتدت عقوداً، "وستكون بلا شك سبباً في نشوء صراعات مستقبلية"، بحسب تحذير عبد الوالي الجيلاني، المتخصص في شؤون المياه في صنعاء والعامل في مشروع سبل العيش المجتمعية الذي يعنى بتحسين مصادر المياه بتمويل من وكالة يوسيد الأميركية للإغاثة.
 
كما لفتت الصحيفة نفسها إلى أن عجز اليمنيين عن الوصول إلى مصادر المياه وإمداداتها المحسّنة، والحصول على حاجاتهم منها، تسبب في انتشار أمراض وأوبئة تنقلها المياه على نطاق واسع، لم تشهده البلاد منذ عقود، خصوصاً في القرى.

في النهاية، تخلص الصحيفة في تقريرها هذا إلى أن اليمن يفتقر إلى السياسات المائية المدروسة، ناقلة عن الشامي قوله: " نحاول قدر

الإمكان الوصول إلى حل هذه المسألة، فنحن لا نريد أن يبذل القرويون جهداً كبيراً في تجميع المياه التي يحتاجون إليها".

وقال الجيلاني إن الناشطين اليمنيين يحاولون استحداث حالة من الوعي المحلي بشأن مسألة شح المياه في البلاد. وأضاف: "على المواطن تقع مسؤولية المساهمة في إعادة بناء إدارة المياه في منطقته وتحسين أدائها". ويتفق الخبراء على أنه في حال لم تتخذ الحكومة اليمنية قرارات فعالة وسريعة، فبانتظار اليمن عواقب وتداعيات مدمرة.

المصدر: ايلاف

زر الذهاب إلى الأعلى