فضاء حر

مهاتير محمد أمام “خبطة” القبيلي

 

خبر مفرح ذلك الذي تداولته الوسائط الإعلامية والمتعلق برئيس وزراء ماليزيا السابق وقائد نهضتها التنموية الاستثنائية مهاتير محمد، حيث استجاب الرجل بكل محبة وصدق لترشيحه مستشاراً إقتصادياً لحكومة الوفاق الوطني، وقبل بأن ينخرط في مغامرة تقديم عصارة تجربة رائدة، في زمن وبيئة ملغومة بجحافل الرافضين للتطور. والحقيقة أن مهاتير رجل اقتصاد وتنمية من طراز رفيع، وقد كان سبّاقاً على مستوى التجربة الماليزية، في قهر الأزمة المالية العاصفة التي لحقت بالاقتصاديات الآسيوية بعيد الحرب الباردة، وتغوُّل اليورو دولار، وقد أثبت يومها معرفة عالمة بالقوانين المالية والتجارية والاستثمارية، المقرونة بحكمة النظر للمستقبل، والقبض على ميزان الحقيقة المجردة، وحكمة التدوير العاقل للاحتياطات المتاحة، وتجاوز مصائد التعويمات المالية والنماء الاستثماري المجرد.. كل هذه الأسباب مجتمعة، أبانت رؤيته الثاقبة التي لاحظها المراقبون العليمون على مستوى تجربة ماليزيا الإقتصادية الرائدة .

 

اليوم يلخص مهاتير رؤيته لمستقبل الاقتصاد اليمني في 4 كلمات واعدة: (اقتصاد قابل لنهوض كبير).. لكن دون هذه النبوءة الرائية خرق القتاد، فالبيئة الاستثمارية والتجارية والقانونية اليمنية مازالت مُفخخة بكل أسباب الكبح والتعطيل الناجمة عن عقود الفوضى العارمة التي دمرت النظام والقوانين، وبالتتابع حوّلت اليمن إلى بيئة فقر ومتاهات يُشار لها بالبنان، فبدلاً من متاخمتنا لاجتثاث الأُمية في جنوب الوطن في مطالع التسعينيات من القرن المنصرم، ها نحن اليوم نُعَد البلد الأكبر في نسبة الأُمية على مستوى العالم .

 

سيقدم مهاتير محمد مشورته الثمينة، وسيعرف خبراء المال والأعمال والاستثمار أبعاد ما يرمي إليه. لكن هذه وتلك من الحقائق لا يمكنها أن تغير من واقع الحال بدون إرادة سياسية تجابه مافيا الفساد على جميع المستويات .

 

أخشى ما أخشاه أن يُصاب مهاتير بخيبة أمل بالغة، بل أن يصل إلى حالة من التشكك الذاتي في قدراته، وهو الخبير الإقتصادي المُخرْسن بالعلم والتجربة المديدتين .. تلك الخشية نابعة من قوة الفساد الماثل، وأدواته الشيطانية التي ما زالت قادرة على تتويه كل عاقل، بل وقادرة على أن تُخرج من الخدمة أحدث محطة غازية كهربائية تنتج 4 آلاف ميجاوات من الكهرباء، ليصطلي ملايين اليمنيين في التهائم ومدن السواحل الكبرى بنيران الصيف الحامية .

 

هل على مهاتير محمد أن يواجه «خبْطة» القبيلي المأفون لتنساب التنمية الطبيعية في البلاد؟، وكيف له أن يستوعب دفع ملايين الدولارات لحارقي أنابيب الغاز والنفط حتى يسمحوا للدولة بالتصدير، وكيف يمكن للدولة بناء اقتصاد إيرادي متين في ظل تجارة المخدرات والسلاح غير المشروعة، بل واستيراد الخمور خارج نطاق المعايير المُتعارف عليها في كل أرجاء العالم ؟!.

 

Omaraziz105@gmail.com


المصدر : صحيفة الجمهورية نت 

زر الذهاب إلى الأعلى