صحيفة اسرائيلية: تركيا لن تستطيع ابعاد روسيا عن الاكراد بسبب الازمة بين الدولتين على خلفية اسقاط الطائرة الروسية
27 نوفمبر، 2015
398 17 دقائق
يمنات – صنعاء
قالت صحيفة “هارتس” الاسرائيلية: بعد لقاء بوتين واردوجان في موسكو بعدة ايام اعلن اردوغان أن الحكومة المؤقتة التي ستقام في سوريا ليس مهما اذا كانت مع الاسد أو بدونه.
و حسب موقع “رأي اليوم” اللندني، أضافت الصحيفة، أوضح اردوجان أن تركيا لم تعد تتمسك بموقفها التقليدي القائل بأن الاسد يجب أن يتم استبداله قبل بدء المفاوضات السياسية حول مستقبل سوريا.
و نوهت، أنه بدا للحظة أن الازمة بين موسكو وأنقرة هي على خلفية الخلافات العميقة حول مستقبل الاسد، لكن بعد يوم واحد غير اردوغان موقفه حينما أعلن أن “سياسة تركيا حول سوريا لم تتغير”.
و لفتت إلى أن موسكو لم تفهم ما الذي مر على اردوغان لا سيما بعد أن أوضح وزير الخارجية الامريكي جون كيري لنظيره الروسي سيرجيه لافروف أن الولايات المتحدة لا ترفض كليا أن يبقى الرئيس السوري اثناء الحكومة الانتقالية اذا قامت.
و تابعت: في نهاية شهر يوليو/ايلول بدأت روسيا بالقصف الكثيف لمواقع في سوريا حيث أن اهدافها تركزت على معسكرات المتمردين أعداء الاسد. وطلعات قليلة فقط استهدفت مواقع داعش.
و أشارت أنه اتضح لتركيا وللولايات المتحدة بسرعة أن روسيا لا تنوي محاربة داعش وأن كل هدفها هو مساعدة الاسد على البقاء. واتضح لاردوغان، ليس للمرة الاولى، أن هناك شيء غير مفهوم في نقاشاته في موسكو.
و بحسب الصحيفة الاسرائيلية، يبدو أن اقوال بوتين قد أحدثت صدى في آذانه التي جاءت في الهيئة العامة للامم المتحدة حينما قال “الوحيدون الذين يحاربون داعش الآن هم الجيش السوري. وأن المتمردين هم أكراد”. فاستشاط اردوغان غضبا حيث تم اتهام تركيا مجددا بأنها تدعم داعش، أو على الاقل لا تحاربه.
و قالت: اردوغان الذي استعد حزبه للامتحان السياسي الحاسم في الانتخابات أرسل سهما مسموما باتجاه موسكو. اذا استمرت روسيا بقصف قواعد المتمردين الذين يحاربون الاسد فان أنقرة ستدرس خطواتها وعلاقتها مع موسكو، وحذر من أن تركيا تستطيع عدم شراء الغاز الروسي أو تلغي اتفاقات اقامة مفاعلات للكهرباء وقعت مع روسيا حيث بلغت نسبة الاستثمار فيها 20 مليار دولار.
و أضافت: يبدو أن اردوغان قد تحدث للتأكيد. وكان هذا تهديدا فارغا. أكثر من نصف حاجة تركيا للغاز يتم شراءها من روسيا، حسب الاتفاق الموقع مع موسكو، وهي ملزمة بشراء كمية ثابتة في كل عام ودفع ثمنها حتى لو لم تستوردها فعليا. اضافة الى ذلك طلبت تركيا في الآونة الاخيرة من شركة غاز فروم أن تزيد كمية الغاز بثلاثة مليارات غالون من الغاز في 2016.
و تابعت: هذا الطلب تم رفضه من الشركة الروسية كجزء من خطوات الانضباط التي فرضها بوتين على تركيا. وهذه لن تكون الخطوات الوحيدة. ايضا التهديد بالغاء اتفاقات بناء مفاعلات نووية لا يوجد لها أساس. فالعقود تم توقيعها وأي الغاء يعني دفع تعويض ضخم من تركيا لروسيا.
و اعتبرت الصحيفة، أن هذه التهديدات فشلت في الوقت الحالي، لكن روسيا بوتين لا تنسى ولا تغفر. وقد توقفت عن منح اذونات الدخول للشاحنات التركية التي تمر من روسيا في طريقها الى ترغستان وكازاخستان وطاجاكستان ومنغوليا.
و لفتت إلى أن الامر الذي يلحق ضررا كبيرا بالتصدير التركي، وتلحق ضرر يبلغ 2 مليار دولار. واضافة الى ذلك فان سلطات الجمارك الروسية تشدد على كل شاحنة تركية تنقل الفواكه والخضروات الى روسيا واحيانا يتسبب الفحص البطيء بتلف بضاعة كاملة.
و أشارت أنه بعد اسقاط الطائرة أوصت روسيا مواطنيها بالامتناع عن الذهاب الى تركيا. غير أنها استدركت بالقول: صحيح أن هذه ليست ضربة قوية لأن السياح الروس لا يملأون المطارات بسبب الازمة الاقتصادية، لكن هذه تبقى خطوة اخرى ضمن الخطوات العقابية الروسية.
و تسألت “هارتس”: هل ستكتفي روسيا بالعقوبة الاقتصادية التي تلحق الضرر بها ايضا، حيث أن روسيا تستخدم تركيا لتجاوز العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بسبب تدخلها في اوكرانيا – أم ستتوجه الى خطوات اخرى مثل الغاء التنسيق العسكري بين الدول الذي أعلنت عنه أمس.
و أضافت: مشكلة روسيا هي أنها بحاجة الى تركيا ايضا في المجال السياسي وليس الاقتصادي فقط من اجل تطبيق خطتها لحل الازمة السورية. تركيا هي عامل حاسم ومؤثر على المليشيات المتمردة من الناحية الاقتصادية واللوجستية. واذا قررت تركيا معارضة الخطة الروسية فان الجهود السياسية ستفشل.
و نوهت إلى أن تركيا غاضبة من روسيا بسبب تأييدها للمتمردين السوريين الاكراد الذين يشكلون تهديدا سياسيا على تركيا. ففي حين أن روسيا تعترف بالحزب الديمقراطي الكردي (السوري) وهي تعتبره حليفا. هذا الحزب وذراعه العسكري يعتبران في تركيا منظمة ارهابية بسبب التعاون الوثيق بينهما وبين حزب العمال الكردستاني الـ بي.بي.كي الذي يعتبر هو ايضا تنظيما ارهابيا.
و لفتت إلى أن تركيا نجحت في الوقت الحالي في اقناع الولايات المتحدة بعدم مساعدة المتمردين الاكراد في سوريا بشكل مباشر، وتمر المساعدة بشكل غير مباشر عن طريق مليشيا جديدة، الذين هم متمردون سوريون من العرب. لكن اذا قدرت تركيا أنها تستطيع اقناع روسيا بالابتعاد عن الاكراد فان هذا التقدير قد تفجر الآن تماما.
و اعتبرت الصحيفة، أن اردوغان قد اخطأ ايضا في هذا الموضوع حينما قرأ الخارطة الدولية، لأنه في هذه الفترة، حيث قوات التحالف تستعد لهجمة كبيرة على مدينة الرقة، عاصمة داعش في سوريا، فان المقاتلين الاكراد يعتبرون القوة البرية الاكثر فعالية القادرة على مهاجمة المدينة. وبالتالي فان حرب تركيا ضد الاكراد وضد تسليحهم تعتبر وضع للعصي في عجلة الصراع ضد داعش.
و قالت: لم يستطيع بوتين أمس (الأول) ضبط نفسه ودق مسمارا آخر في نعش السياسة الخارجية التركية حينما تحدث عن أن لداعش اموال طائلة تصل الى مئات الملايين أو المليارات من الدولارات، وأنه يدافع عنه جيش دولة ذات سيادة. ومعروف أنه يقصد تركيا.
و أضافت: توجد لتركيا كل المبررات لبذل الجهد واحتواء الازمة مع روسيا اذا أرادت الاستمرار في التأثير على الخطوات لحل الازمة السورية. لكن مثلما في حالات اخرى فانه من ضمن الاعتبارات العقلانية تدخل الاعتبارات الشخصية لاردوغان وبوتين. وتركيا متأكدة ليس فقط من صحة اسقاط الطائرة الروسية بل ايضا أنها لا تستطيع المسامحة على “احترام الأمة” حيث يتم الحاق الضرر بسيادتها.
و تابعت: الامر غير الواضح هو من لديه احترام أكثر، أردوغان أم بوتين. صحيح أن تركيا حذرت موسكو عدة مرات بعد أن دخلت طائراتها الى المجال الجوي التركي، لكن هل كان من الضروري اسقاط الطائرة التي لم تهدد تركيا حتى لو دخلت مجالها الجوي؟
و اعتبرت أن اسقاط الطائرة بهذا الشكل يتم نحو دولة عدوة وليس نحو دولة لها علاقات معها. حتى لو كانت العلاقات متوترة. وقد قال مصدر تركي من الحزب الحاكم لصحيفة “هآرتس″: “يبدو أن اردوغان انتظر الفرصة من اجل اظهار القيادة.
و قالت يقينا: لا شك أن تركيا ستدفع ثمن ذلك”. مستدركة بالقول: في الوقت الحالي نجحت تركيا في جر الناتو الى الوحل، لكن يبدو أن الناتو لا توجد له مصلحة في فتح جبهة اخرى، سياسية أو عسكرية في مواجهة روسيا.