اردوغان يشد الرحال الى الرياض بحثا عن دعم في مواجهة روسيا وعقوباتها .. فهل يجد “الترياق” الذي يبدد قلقه؟ ويطمئنه من أن التقارب السعودي المصري لن يكون على حسابه؟
28 ديسمبر، 2015
458 10 دقائق
يمنات – رأي اليوم
ان يزور الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المملكة العربية السعودية بدعوة من العاهل السعودي يوم الثلاثاء المقبل، فهذا امر متوقع، وغير مفاجيء، لان التطورات المتسارعة على الساحة السورية تحتم مثل هذا اللقاء لزعيمي البلدين اللذين يلعبان دورا رئيسيا في هذا الملف.
اللافت ان هذه الدعوة السعودية للرئيس التركي جاءت بعد يومين من اغتيال زهران علوش، زعيم “جيش الاسلام”، الذي يعتبر الحليف الاول للقيادة السعودية، والصديق الصدوق لنظيرتها التركية، وهو الاغتيال الذي وجه ضربة قوية للبلدين وخططهما لاطاحة النظام السوري.
وسواء جاء اغتيال السيد علوش من قبيل طائرة حربية روسية او سورية، فان عملية الاغتيال في حد ذاتها، وتنفيذها بهذه الدقة، يعكس اختراقا امنيا كبيرا للمعارضة من قبل النظام السوري، واجهزة استخباراته، خاصة انها جاءت بعد ايام من انعقاد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، ومشاركة ممثل عن الراحل علوش فيه، وانتخابه عضوا في الهيئة العليا للاشراف على وفد المعارضة السورية المفاوض.
القيادة السعودية اصيبت بحال من الاحباط والغضب نتيجة عملية الاغتيال هذه، التي وصفت في اوساط عديدية، بأنها محاولة لاجهاض مؤتمر المعارضة في الرياض، وجهودها الكبيرة التي بذلتها لانجاحه، وربما جاءت ايضا كرد على البيان الختامي للمؤتمر، وتصريحات الامير محمد بن نايف ولي العهد السعودي الذي اشترط رحيل الرئيس السوري بشار الاسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، ولعل ابرز مظاهر هذا الغضب رفضها استقبال المبعوث الخاص للرئيس الروسي الكسندر ليفرنتايف الذي كان من المقرر ان يزور الرياض بعد تل ابيب والقاهرة لبحث تطورات الملف السوري.
من المؤكد ان هناك قضايا اخرى، لا تقل اهمية، ستكون على جدول مباحثات الزعيمين السعودي والتركي، وابرزها التقارب المفاجيء المصري السعودي، وتقديم السعودية ثمانية مليارات دولار كإستثمار لتحسين الوضع الاقتصادي المصري المتدهور، وسد احتياجات مصر من المحروقات لخمس سنوات قادمة، مضافا الى ذلك يتطلع الرئيس التركي الى استثمارات سعودية مماثلة، ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين لتعويض العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تركيا كرد على اسقاطها طائرة سوخوي، ومقتل احد طياريها.
الرئيس اردوغان يخشى ان يؤدي التقارب السعودي المصري الى تباعد بين السعودية وتركيا، واحداث تغيير “ايجابي” في الموقف السعودي تجاه حركة الاخوان المسلمين المعارض الاقوى للنظام المصري الحليف الاستراتيجي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة، ولا بد انه يريد الاطمئنان في هذه الزيارة، المعدة على عجل للرياض، على مدى استمرار التزام الرياض بالحلف الثلاثي السعودي التركي القطري، والموقف المشترك الذي يمكن اتخاذه في مواجهة “التسونامي” الروسي الكاسح في سورية، والمنطقة الشرق اوسطية برمتها.
ومن المؤكد ان الحرب السعودية في اليمن ستكون ضمن جدول الاعمال، ان لم تكن تحتل نقطة متقدمة فيه، فاستمرار الحرب لحوالي عشرة اشهر، ودون تحقيق اي من اهدافها، وابرزها رفع التحالف “الحوثي الصالحي” الراية البيضاء استسلاما، يقلق القيادة السعودية، ويزداد هذا القلق، ويتحول الى كابوس، في كل يوم يتأخر فيه “الحزم” و”الحسم”، وتستمر المعارك دون هوادة.
ولا نعتقد ان السعودية ستطلب مساعدة عسكرية من تركيا، مثل ارسال قوات او طائرات للانضمام الى “عاصفة الحزم”، وحتى لو طلبت فانها لن تجد استجابة، فالصحن التركي طافح بالازمات والحروب، سواء ضد الاكراد، او ضد الجماعات الارهابية الاخرى في سورية والعراق، وصدور بيان عن اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب يدين توغل القوات التركية في العراق، ودون اي تحفظ سعودي رسمي، يشكل صدمة بالنسبة الى السلطات التركية، والرئيس اردوغان بالذات.
لقاء الرياض بين العاهل السعودي والرئيس التركي هو لقاء القلقين، او المأزومين، على وجه الدقة، فبعد خمس سنوات من ضخ الاموال والاسلحة الى المعارضة السورية المسلحة، بدأت الكفة تميل الى صالح حكومة دمشق والتحالف الداعم لها، ولعب التدخل العسكري الروسي دورا بارزا في هذا الصدد، فهل يبدد هذا الاجتماع حالة القلق التي تسود الجانبين، ويؤسس لاستراتيجية مضادة لتعديل الكفة في الملف السوري لصالح التحالف السعودي القطري التركي من جديد؟
زيارة وزير الخارجية القطري خالد العطية الى موسكو، واصرار مضيفه الروسي سيرغي لافروف على تمسك حكومته بالرئيس الاسد، واغتيال زهران علوش، يوحيان بإجابة سلبية على هذا السؤال، ولكن ربما يكون من الحكمة انتظار ما يمكن ان تسفر عنه زيارة اردوغان للرياض من نتائج، والانتظار لن يطول على اي حال، مجرد يومين فقط.