فضاء حر

المرأة بين تناقضات الواقع المادي وإشكالية النص القانوني

يمنات
لا تُستغل المرأة لكونها (أُنثى) بل لكونها الحلقة الأضعف في مُجتمع (بجنسية) مُستغل طبقياً/اقتصاديا ، ولا يجب على المرأة في سبيل نضالها لأخذ حقوقها أن تُطالب بالتحرر للمرأة!
فالتحرر هو تحرر المُجتمع بشكل عام من الاستغلال الذي يأخذ أشكال الفساد والاقتصاد السياسي الذي يَثرى به مَن في السلطة وزمرتهم على حساب مُفقريّ الشعب ، هذا الاستبداد تجاه المرأة يأخذ طابع ذُكوري تُعزز بمورث ثقافي رجعي فرضه الرجل على المرأة بكونه في مركز الهرم العائلي الذي يملك كل شيء بما فيه (هي) ، بينما هو في حقيقته استبداد سياسي أنعكس ثقافياً واستلاب طبقي ، وحين يزول هذا الاستغلال في دولة ديمقراطية عادلة سيزول الاستبداد بالمرأة تلقائياً وستتلاشى الثقافة المُحتقرة للمرأة.
ما تحتاجه المرأة ليس نصوص قانونية ك “الكوتة” (التي تُعتبر مُهمة كتكتيك مرحلي) بل تحتاج إلى مواطنة متساوية ككل أفراد الشعب وتكافؤ اجتماعي يزيل الامتيازات التي يحضا بها الذكر دونها ، وهذا يعني الحاجة لدوله وطنية ديمقراطية مُحققة للعدالة الاجتماعية.
و هذا قطعاً لا يعني أنه يجب تجاهل النضال لأجل القانون وخاصة في هذه اللحظة التاريخية اليمنية والدُستور يُصاغ، يُمكننا أن ننتزع نصوص دستورية ثم نناضل لواقع يتلاءم معها ، وهذا لنحمي المرأة اليوم في أن تعيش حياتها بشكل طبيعي فليس من المعقول أن ننتظر التحول الاقتصادي والسياسي والثقافي لننتصر لها ونتركها اليوم تواجه لوحدها وحشية الواقع وجَور القانون ورجعية الثقافة ، -على الأقل- حين تذهب إلى القضاء لترفع قضية أُسرية أو تميز وتهميش أو اغتصاب أو تحرش يكون القانون مُنصفاً لها -وإن كان مُعطلاً بفعل الواقع- لا أن يكون القانون ورجال القانون والأمن ضدها.
لم تتحرر المرأة في أوروبا إلإ بعد الثورة الصناعية التي أدخلتها في حقل الإنتاج كعامل ، فلم تَعد تُعامل كشيء رخيص مُستَهلِك وفقط بل كشخص مُنتج ، جاءت الدولة البرجوازية (الرأسمالية) لتحرير المرأة من قبضة العائلة الإقطاعية والثقافة الأبوية ولكن ليس لتحررها الاجتماعي بل لاستغلال قوة عملها كعامل بأجر بخس ولتحريرها حتى تُصبح سِلعة ويُصبح العهر عمل تكفله الدولة وتأخذ عليه الضرائب وهذا ما نرفضه –كاشتراكيين- .
ولكن في النهاية استطاعت المرأة في هذه الدول الصناعية المتقدمة في أوروبا وغيرها أن تراكم على هذه الحقوق المُكتسبة والمُعترف بها وتجعل منها مواد حقوقيه مكفولة دستوريا، كما أن نمط الإنتاج الرأسمالي الجديد هدم علاقات الإنتاج الإقطاعية التي تجعل من المرأة أسيره البيت وبهدم نمط الإنتاج هذا انهارت ثقافته ، ونحن بحاجه اليوم لتحول اقتصادي يُحرر المرأة مِن أَن تكون عالة على الأخر الرجل(أب اخ قريب) وهذا التحول الاقتصادي بذاته سيغير من هذه الثقافة الرجعية -السائدة- ، ولسنا بحاجة كي نمر بالمراحل التي مرت بها المرأة الأوربية و دول الاقتصاديات الرأسمالية فليس من الضروري أن يكون هناك استغلال وعبودية قبل التحرر ، يُمكننا النضال لبناء دولة ديمقراطية تُعطي مساواة كاملة في الدستور، ولدولة ذات اقتصاد مُخطط وعادل ولديها خُطط تنموية مُستقبلية تعيد الآدمية لكل المُضطهدين رجالاً ونساءً وتُزيل ما تبقى من إشكال هذا الاستبداد وخاصة في المناطق الريفية الأماكن النائية.
تجزئة القضايا الاجتماعية إلى قضايا صغيرة والادعاء بان كل قضية هي قضية حقوقية لها نضال وحدها بمعزل عن القضية الوطنية هو عمل منظمات المجتمع المدني(المنظمات الحقوقية) المرتبطة بالعولمة الأمريكية والأوروبية والنيو لبرالية ، لكنَ مصنع طماط واحد يُحدث تغير أكثر ألف مرة من ألف منظمة حقوقية مُعولمة لأنه ينتج قيمة جديدة مادياً وقيمة اجتماعية ، هذا ما يجب أن يُدركنه النساء.
إن النضال واحد وهو نضال يساري وحقوق المرأة لن تكفلها إلا دوله ديمقراطية مدنية والسبيل لهذه الدولة هو النضال السياسي والمُجتمعي بمعناه الأوسع اتحادات ونقابات وروابط وأندية …الخ
لم تأخذ المرأة الكوبية حقوقها كاملة إلا حين قامت دولة اشتراكية ، وتحظى المرأة الكوبية بإجازة لها أو لزوجها لمدة عام لتربية الطفل حين تُنجب إجازة مع استلام الأجر.. وهذا الحق لا يُمكن لدولة رأسماليه تدعي الديمقراطية ك أمريكا أو انجلترا وفرنسا أن تعطيه لشعبها .

زر الذهاب إلى الأعلى