هيومن رايتس: التحالف السعودي يستخدم القنابل العنقودية في مناطق مدنية باليمن
14 فبراير، 2016
490 45 دقائق
يمنات – صنعاء
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم الأحد 14 فبرائر/شباط 2016، إن التحالف بقيادة السعودية يستخدم في اليمن الذخائر العنقودية الواردة من الولايات المتحدة والمحظورة دوليا، رغم أدلة على خسائر في صفوف المدنيين. تُستخدم الذخائر العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة والواردة حديثا في مناطق مدنية رغم معايير التصدير الأمريكية، وأيضا على نحو يبدو أنه غير متسق مع معايير الضمانات المطلوبة لتصدير الولايات المتحدة لهذه الذخائر.
وصرح ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش ورئيس “تحالف الذخائر العنقودية”: “إن السعودية وشركاءها في التحالف، فضلا عن أمريكا التي تورد إليهم الأسلحة، يضربون بعرض الحائط المعايير الدولية التي تقول بضرورة ألا تُستخدم الذخائر العنقودية في أي ظرف من الظروف. على التحالف بقيادة السعودية التحقيق في الأدلة على تضرر المدنيين في هذه الهجمات والكف عن استخدام هذه الذخائر فورا”.
منذ 26 مارس/آذار 2015 دأب تحالف قوامه عدة دول بقيادة السعودية على شن عمليات عسكرية في اليمن ضد القوات الحوثية، المعروفة أيضا بـ “أنصار الله”. أكدت بحوث هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية” و”الأمم المتحدة” ومقابلات مع الشهود والضحايا وصور ومقاطع فيديو عديدة، أن التحالف بقيادة السعودية يستخدم الذخائر العنقودية في اليمن.
الذخائر العنقودية تُطلق برا بالمدفعية والصواريخ، أو جوا بإسقاطها من طائرات، وتحتوي القنبلة العنقودية على عدد من الذخائر الصغيرة التي تنتشر على مساحة كبيرة. حظرت 118 دولة الذخائر العنقودية نظرا لتهديدها المدنيين وقت الهجوم وبعده. كثيرا ما لا تنفجر الذخائر الصغيرة وتمثل تهديدا إلى حين تطهير الأراضي منها وتدميرها. قالت هيومن رايتس ووتش إن على اليمن والولايات المتحدة والسعودية والدول أعضاء التحالف الانضمام إلى “الاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية” لعام 2008.
ترى هيومن رايتس ووتش أن تحالف الدول بقيادة السعودية في اليمن يتحمل مسؤولية جميع هجمات الذخائر العنقودية هذه أو أغلبها، لأنه الطرف الوحيد الذي لديه طائرات ومنصات صواريخ قادرة على إطلاق 5 من 6 أنواع ذخائر عنقودية استُخدمت في النزاع.أحد أنواع الذخائر العنقودية المُلقاة جوا من بين ما استخدم التحالف بقيادة السعودية في اليمن هو الطراز “سي بي يو-105 ذات مجسات الاستشعار، من تصنيع شركة “تيكسترون سيستمز – Textron Systems” في ويلمنغتون، ماساتشوستس. حققت هيومن رايتس ووتش في 5 هجمات على الأقل استُخدم فيها الطراز “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار في 4 محافظات باليمن منذ مارس/آذار 2015.
مؤخرا، استُخدمت الذخائر طراز “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار في 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، في هجوم على مدينة الحديدة الساحلية، ما أدى لإصابة سيدة وطفلين في بيتهم. أصيب مدنيان اثنان على الأقل عند استخدام هذه الذخائر قرب قرية العمار بمحافظة صعدة في 27 أبريل/نيسان 2015، بحسب الأهالي وموظفين بالمجال الطبي. نستعرض أدناه مزيدا من المعلومات عن هذه الهجمات وهجمات أخرى بالذخائر العنقودية.
في حين يجب إدانة استخدام أي نوع من أنواع الذخائر العنقودية، فهناك شاغلان إضافيان فيما يخص استخدام الطراز “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار في اليمن. أولا، يحظر قانون التصدير الأمريكي على مستوردي الذخائر العنقودية استخدامها في مناطق مأهولة، كما يفعل – بوضوح – التحالف بقيادة السعودية. ثانيا، لا يسمح قانون التصدير الأمريكي بتصدير ذخائر عنقودية سوى تلك التي يقل معدل فشل انفجارها عن 1 في المائة. لكن يبدو أن الذخائر ذات مجسات الاستشعار المستخدمة في اليمن لا تُستخدم بشكل يستوفي معايير الأمان المذكورة.
في السنوات الأخيرة قدمت الولايات المتحدة هذه الأسلحة للسعودية والإمارات، اللتين تمتلكان طائرات هجومية واردة من الولايات المتحدة والغرب/الناتو قادرة على إطلاقها. ذخائر “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار هي الذخائر العنقودية الوحيدة التي تصدرها الولايات المتحدة حاليا، وعلى المستورد الالتزام بعدم استخدامها في مناطق مدنية. بحسب الحكومة الأمريكية فهذا الطراز من الذخائر هو نوع الذخائر العنقودية الوحيد ضمن ترسانتها “المستوفي لمتطلباتنا الصارمة الخاصة بمعدلات المخلفات غير المنفجرة” ويُزعم أن معدل فشل انفجاره يقل عن 1 في المائة.
ترأس هيومن رايتس ووتش “تحالف الذخائر العنقودية – الولايات المتحدة” الذي بعث برسالة في 30 مارس/آذار 2015 للرئيس أوباما يدعوه فيها لمراجعة سياسة الذخائر العنقودية لعام 2008، وحذف الاستثناء الخاص بالذخائر العنقودية التي يقل معدل فشلها في الانفجار عن 1 في المائة.
بحسب شهادة بيانات شركة “تيكسترون سيستمز” فإن الذخائر “سي بي يو-105” تنثر 10 عبوات ذخائر عنقودية طراز “بي إل يو-108″، وتُطلق كل منها 4 ذخائر صغيرة يسميها المُصنّع “سكيت” (skeet) وهي مصممة بحيث تبحث عن وتصنف وتشتبك مع أهداف مثل العربات المصفحة. تنفجر الذخائر الصغيرة فوق الأرض وتُطلق سحابة متفجرة من المعدن والشظايا باتجاه الأرض. وحدة “سكيت” مجهزة بخصائص إلكترونية للتدمير والتعطيل ذاتيا. لكن الصور التي التقطها محققو هيومن رايتس ووتش الميدانيون في أحد المواقع، والصور التي حصلنا عليها من موقع آخر تُظهر عبوات “بي إل يو-108” من هجمات عدة وما زالت ملتصقة بها وحدات الذخائر الصغيرة أو وحدات “سكيت”. يمثل هذا فشل وظيفي، إذ أخفقت الذخائر الصغيرة في الانفصال عن العبوة والانفجار، أو انفصلت عنها لكن لم تنفجر.
قال غوس: “يصف البعض الأسلحة ذات مجسات الاستشعار بصفتها الذخائر العنقودية الأحدث تقنيا والأعلى أمانا في العالم، لكن لدينا أدلة على أنها لا تعمل بالشكل المفترض في اليمن، وأنها أضرّت بالمدنيين في هجمتين على الأقل”. وأضاف: “تثير هذه الأدلة تساؤلات جدّية حول الالتزام بسياسات الذخائر العنقودية وقواعد التصدير الأمريكية”.
الأدلة على هجمات الذخائر طراز “سي بي يو-105 “ ذات مجسات الاستشعار في اليمن منذ مارس/آذار 2015
ميناء الحيمة، محافظة الحديدة، 21 ديسمبر/كانون الأول 2015 نفذ التحالف هجمات جوية متقطعة على ميناء الحيمة العسكري، ويقع على مسافة 100 كيلومتر جنوب مدينة الحديدة الساحلية الواقعة غربي اليمن، بدءا من سبتمبر/أيلول، على حد قول 4 من سكان قرية صيادي الحيمة لـ هيومن رايتس ووتش في أواخر يناير/كانون الثاني 2016، وتقع على مسافة 1.5 كيلومترا من الميناء. قال عمار إسماعيل (22 عاما) إن حرس السواحل اليمني والقوات الحوثية احتلت أجزاء من الميناء، لكن ما زال الصيادون ومهربو البنزين يستخدمونه أيضا.
بدأت الغارات الجوية حوالي الساعة 9 صباح 12 ديسمبر/كانون الأول، على حد قول محمد أحمد (33 عاما) لكن بعد ساعة تقريبا رأى نوعا مختلفا من الأسلحة:
كنت مع 6 أصدقاء من القرية… نجلس على تل صغير نشاهد الضربات. فجأة رأينا نحو 20 مظلة بيضاء في الهواء، تسقط نحو الميناء. بعد أقل من دقيقة أطلقت كل منها سحابة من الدخان الأسود وهي تقترب من الأرض وانفجرت. بدت كأنها عدة قنابل متجاورة. بعد أقل من 5 دقائق، تكرر الأمر، قنبلة أخرى انطلقت منها نحو 20 مظلة وحدث الشيء نفسه. لكن بسبب اتجاه الرياح القوية، فجأة بدأت المظلات تسقط على قريتنا.
حسين سعيد (42 عاما) قال إنه رأى 4 مظلات تسقط نحو القرية و”مع اقتراب كل مظلة من الأرض كانت تنفجر كأنها ألعاب نارية وتطلق قنابل”.
قال إن إحدى الذخائر الصغيرة ضربت جدار بيت شقيقه علي سعيد، فكسرت النافذة. تطايرت الشظايا المعدنية إلى الحجرة لتصيب زوجة علي، عزيزة أحمد أهدب (42 عاما) وابنتهما سلمى (4 أعوام). اضطر الأطباء لبتر ساق أهدب. قال سعيد إن قنبلة صغيرة أخرى سقطت في فناء بيت شقيقه الآخر، حسن سعيد، وانفجرت إلى جوار دورة المياه، لكن لم يصب أحد.قال طبيب في العيادة الصحية المحلية إنه عالج حمادي حسن مليقد (15 عاما) الذي أصيب في بطنه بقنبلة صغيرة أخرى جراء الهجوم نفسه. قال مليقد إنه سرعان ما رقد على الأرض في بيته عندما سمع الانفجارات، لكن “فجأة شعرت بألم في الجانب الأيمن في بطني. نظرت ورأيت دما. لم أعرف ماذا حدث أو كيف، لكن فيما بعد رأيت الضرر اللاحق ببيتنا. ضربت قنبلة الجدار وانفجرت”.
ضربت قنيبلة أخرى بيت محمد زيد أحمد (50 عاما):
ضرب شيء ما الجدار واخترقه. رقدت على الأرض فورا. هذا الشيء الغريب حط على مسافة 5 أمتار مني. وكأنه نموذج فضيا صغيرا لصاروخ. شعرت بخوف بالغ، وحاولت الزحف مبتعدا للفرار لأنني كنت أعرف أنه قد ينفجر في أي لحظة. كان الأمر مخيفا. لكن وأنا اتحرك، تحرك ذلك الشيء معي، لكن ليس نحوي، إنما في نفس الاتجاه عموما، في حركة بطيئة… استمر هذا الحال لنحو دقيقة ثم انفجر. لحسن الحظ لم أصب إصابات خطيرة.
قال شاهد آخر إنه بدا له كأن سلاحا يتبعه. بينما ليس من الممكن لهذه الأسلحة تتبع أهداف بشرية، فإن وحدة “سكيت”، أو الذخيرة العنقودية الصغيرة، تنطلق لتتناثر في كافة الاتجاهات.
محافظة عمران، 29 يونيو/حزيران 2015 طبقا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فإن ذخائر “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار استخدمت في هجوم على حرف سفيان في محافظة عمران، جنوبي صعدة، وقال السكان إنه وقع في 29 يونيو/حزيران. زار باحثو منظمة العفو الدولية المنطقة في 6 يوليو/تموز ووجدوا بقايا عبوة ذخيرة “بي إل يو-108” فارغة وصوروها.سنحان، محافظة صنعاء، 21 مايو/أيار 2015 تلقت هيومن رايتس ووتش صورا وجمعت إفادات شهود تشير لاستخدام ذخائر “سي بي يو-105” في هجوم على حصن عفاش التاريخي في سنحان بمحافظة صنعاء، حوالي 20 كيلومترا جنوب مدينة صنعاء، وذلك في 21 مايو/أيار.
يقع الحصن في قرية بيت الأحمر، وفيها نحو 460 من السكان، و يملك فيها بيتا الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أحد من داعمي الحوثيين الرئيسيين في النزاع الحالي. قال ناجي عبدالله الجحشي، وهو حارس للحصن، إن أقرب قاعدة عسكرية تبعد 20 إلى 25 كيلومترا، وهي معسكر ريمة حميد.
علي محسن، الحارس على مدار السنوات الأربع الماضية في استراحة حصن عفاش والعنصر بالحرس الجمهوري، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه شهد هجوما بالذخائر العنقودية. الحرس الجمهوري اليمني هو وحدة عسكرية كان يقودها نجل الرئيس السابق، أحمد علي صالح.
قال الحارس إنه كان على تل يبعد كيلومترا عن الحصن حوالي الساعة 7 مساء 21 مايو/أيار عندما رأى 12 انفجارا متتاليا: “أتذكر الانفجارات في السماء، وكأنها ألعاب نارية براقة حمراء اللون، بلون الحمم البركانية”. كان الظلام قد حل فلم ير شيئا آخر على حد قوله. أضاف أن 10 حراس في الحصن أصيبوا جراء الهجوم، لكن صالح لم يكن هناك حينها.
غادر الحارس لكنه عاد إلى القرية بعد أسبوع ورأى في المعسكر بقايا لعبوات “بي إل يو-108” وما زالت المظلات مثبتة بها، فضلا عن 20 وحدة “سكيت” لم تنفجر، أو ذخائر عنقودية صغيرة. بعد أسبوعين، وفد فريق من المهندسين العسكريين ودمروا الذخائر الصغيرة قرب بوابة المجمع بعد نزع فتيلها، لكن لم يمسوا باقي المخلفات، على حد قوله.
في سبتمبر/أيلول 2015 استعان عبد الله أبو حرية – السياسي من حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق صالح – بخدمات محمد أحمد النهمي، وهو مصور حر، لتصوير الذخائر الصغيرة. قال النهمي لـ هيومن رايتس ووتش إنه انتقل إلى القرية ورأى ما لا يقل عن 8 عبوات “بي إل يو-108” في الحصن، و3 أخرى إلى جوار مسجد المجمع. قدم أبو حرية نسخا من الصور لـ هيومن رايتس ووتش تظهر فيها بقايا وحدة “سي بي يو-105″، وضمنها عبوة “بي إل يو-108” بها وحدات “سكيت” الأربع، ما يشير إلى عدم انفجارها وقت إطلاقها.
قال الحارس إن شيخ القرية، محمد محسن، حذر السكان وقال لهم أن يغادروا في 19 مايو/أيار بعد سقوط 3 قنابل – ليست عنقودية – على المجمع حوالي الساعة 11:30 صباحا، ما أدى لإصابة الجحشي و3 حراس آخرين. قال الحارس إن من كانوا يقيمون قرب جدران المجمع غادروا، لكن هناك 200 من السكان يعيشون على مسافة 500 متر فأكثر عن المجمع مكثوا لم يغادروا. قال إن بعد هجوم 21 مايو/أيار فر باقي المدنيين. منذ ذلك الحين وقعت 4 هجمات أخرى على المجمع، إحداها في سبتمبر/أيلول والثلاث الأخرى في أكتوبر/تشرين الأول، ولم تكن أي منها بذخائر عنقودية.
العمار، محافظة صعدة، 27 أبريل/نيسان 2015 أمد ناشط من صنعاء هيومن رايتس ووتش بصور قال إن السكان التقطوها بمحافظة صعدة عند موقع غارة جوية بتاريخ 27 أبريل/نيسان شنها التحالف بقيادة السعودية على منطقة العمار بمديرية الصفراء، على مسافة 35 كيلومترا جنوبي مدينة صعدة، معقل الحوثيين في الشمال. تُظهر الصور عبوة “بي إل يو-108” بها 4 وحدات “سكيت”، ما زالت لم تنفصل عنها، ما يشير لإخفاقها في الانفجار وقت الإطلاق، مع عبوة “بي إل يو-108” أخرى فارغة.
قال السكان المحليون وعاملون بالمجال الطبي إن ذخائر “سي بي يو-105” استُخدمت على مشارف قرية عمار في 27 أبريل/نيسان لتصيب شخصين أو 3. قال شاهد إن أحد المصابين مقاتل في حين قال آخرون – بينهم مسؤولون طبيون في مستشفيين – إن 2 على الأقل كانوا مدنيين.
في مايو/أيار عرض الأهالي على هيومن رايتس ووتش مخلفات عبوتين “بي إل يو-108” مع تحديد المكان الذي تم اكتشافها فيه، قرب الطريق الرئيسية بين صعدة وصنعاء، على مسافة 100 متر جنوب العمار. ما زالت إحدى العبوتين تحتوي على وحدة ذخائر صغيرة، في حين كانت الأخرى فارغة. وجدت هيومن رايتس ووتش عبوة ثالثة فارغة وسط أكمّة قريبة. تعرف الباحثون على 6 حُفر انفجارية صغيرة في الأسفلت لدى موقع الهجوم، تتسق مع شكل الحُفر الانفجارية التي تسببها الذخائر العنقودية التي تطلقها عبوات “بي إل يو-108” العنقودية.
قال عايد محمد حيدر (37 عاما) – وهو من السكان – إنه سمع طائرة تحلق حوالي الساعة 11 صباح الاثنين، يوم انعقاد السوق الأسبوعي في القرية، في أواخر أبريل/نيسان. قال إن السماء امتلأت بـ 40 مظلة. لم يسمع انفجارات في الهواء، لكن قال إنه سمع نحو 15 انفجارا صغيرا، بدت وكأنها أصوات قنابل يدوية، على مدار الساعتين التاليتين.
قال السكان إن طائرة للتحالف بقيادة السعودية نفذت عشرات الغارات الجوية في 27 أبريل/نيسان، على ما يبدو كانت تستهدف مجمع الصفراء العسكري، وفيه الفرقة 72 العسكرية، على مسافة كيلومترين إلى 3 كيلومترات، التي قال سكان العمار إنها أقرب منشأة عسكرية لقريتهم.
الشعف، محافظة صعدة، 17 أبريل/نيسان 2015 يظهر في مقطع فيديو نُشر على “يوتيوب” في 17 أبريل/نيسان، على قناة “21 سبتمبر” المؤيدة للحوثيين، عدة أجسام تهبط ببطء من السماء وهي مربوطة إلى مظلات. يُظهر مقطع الفيديو انفجارا في الهواء وعدة سحابات سوداء من نقاط انفجار أخرى. توصلت هيومن رايتس ووتش إلى الموقع باستخدام تحليل صور القمر الصناعي، وتبين أنه في الشعف بمديرية ساقين، في الجزء الغربي من محافظة صعدة. بدا أن الذخائر تتساقط على سفح جبلي مزروع، على مسافة 600 متر من عشرات البنايات التي تقع في نحو 4 أو 6 تجمعات قروية.
توريد الولايات المتحدة للأسلحة أبرمت وزارة الدفاع الأمريكية عقدا مع “نُظُم تيكسترون الدفاعية” لتصنيع 1300 وحدة “سي بي يو-105” لصالح السعودية في أغسطس/آب 2013. نص العقد على أن الأسلحة ستسلم بحلول ديسمبر/كانون الأول 2015، لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تحديد ما إذا كان قد تم تسليم جميع وحدات الذخائر العنقودية. حصلت الإمارات على عدد مجهول من وحدات “سي بي يو-105” من تيكسترون في يونيو/حزيران 2010، بموجب عقد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2007. وقت حصول الدولتين على هذا السلاح، كانت كلفة كل وحدة “سي بي يو-105” نحو 360 ألف دولار.
بموجب أمر توجيهي صادر في يونيو/حزيران 2008 عن وزير الدفاع السابق روبرت غيتس، يمكن للولايات المتحدة أن تصدر الذخائر العنقودية فقط “شريطة ألا تزيد نسبة المخلفات غير المنفجرة في مختلف بيئات العمليات المقصودة عن 1 في المائة” وعند موافقة الدول المستوردة على أن الذخائر العنقودية “ستستخدم فقط ضد أهداف عسكرية واضحة ولن تستخدم ضد مدنيين في محيط الأهداف أو في مناطق يقطنها المدنيون عادة”.
قُننت هذه السياسة مؤخرا في البند 7054 (ب) من “قانون تخصيص الموارد السابقة والمستمرة” (H.R. 83) لعام 2015. بموجب الأدلة التوجيهية الصادرة من قبل هيئة التعاون الأمني بوزارة الدفاع الأمريكية في عام 2011: “الذخائر العنقودية الوحيدة المتسقة مع معايير الذخائر الخاصة بالأمان بحسب “سياسة غيتس” هي الذخائر سي بي يو-97بي/سي بي يو-105 ذات مجسات الاستشعار”.
لا توجد أدلة تشير لنقل هذا السلاح أو تخزينه طرف دول أخرى مشاركة في التحالف، سواء الأردن أو البحرين أو السودان أو قطر أو الكويت أو مصر أو المغرب.
أنكرت السعودية استخدام أنواع أخرى من الذخائر العنقودية في اليمن، لكنها أقرت باستخدام طراز “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار. في مقابلة على “سي إن إن” بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني 2016، قال الناطق العسكري السعودي أحمد عسيري إن التحالف استخدم الطراز “سي بي يو-105” ذات مجسات الاستشعار مرة واحدة في حجة في أبريل/نيسان 2015 “لكن ليس عشوائيا”. قال إن ذخائر “سي بي يو-105” استُخدمت “ضد المركبات”.
ربما استخدم التحالف بقيادة السعودية هذا السلاح في حجة في هجوم آخر على مركبة في طريق جبلية بين عمران ومدينة حجة. في أغسطس/آب 2015 قال عدة سكان لباحثي هيومن رايتس ووتش إنهم سمعوا عن مركبة عسكرية كان بها أسرة أصيبت بذخائر عنقودية بين مايو/أيار ويوليو/تموز. أفاد منفذإعلامي محلي بوقوع هجوم بنفس الأوصاف في 21 مايو/أيار.في حين تُعد ذخائر “سي بي يو-105” محظورة بموجب الاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية، فإن استخدامها مسموح به بمقتضى السياسات الأمريكية ويُسمح بتصديره مع مراعاة شروط التصدير الأمريكية الخاصة بالذخائر العنقودية.
أدلت الولايات المتحدة بتصريحات علنية قليلة حول استخدام الذخائر العنقودية في اليمن. بحسب مسؤولي وزارة الخارجية، فالولايات المتحدة تعرف بـ “تقارير” عن استخدام “مزعوم” للذخائر العنقودية من قبل التحالف بقيادة السعودية. لكن في خبر بتاريخ 19 أغسطس/آب نُقل عن مسؤول في البنتاغون اعترافا بأن “الولايات المتحدة تعرف باستخدام السعودية للذخائر العنقودية في اليمن”.
في يوليو/تموز أثار نائب الكونغرس جيم مكغوفرن بواعث قلق إزاء استخدام الذخائر طراز “سي بي يو-105” في اليمن،قائلا: “إذا كانت لدينا أدلة على عدم التزام بعض الدول بالقانون الأمريكي، فذلك يكفي للقول إننا لن نبيعهم هذه الأسلحة بعد الآن. نقطة. انتهى الموضوع”. قال مكغوفرن إن على الولايات المتحدة الانضمام إلى الاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية.
قبل نزاع اليمن، كان الاستخدام الوحيد المعروف للذخائر ذات مجسات الاستشعار هو من قبل الولايات المتحدة في العراق عام 2003، وكان الاستعمال على ما يبدو على نطاق ضيق للغاية، لكن الإخفاقات المتعددة في الانفجار تدفع للتساؤل حول معدل الأمان الذي يُزعم بأنه أعلى من 99 في المائة.
إضافة إلى عملية نقل ذخائر “سي بي يو-105” مؤخرا، أمدت الولايات المتحدة السعودية بكميات كبيرة من صادرات الذخائر العنقودية بين 1970 و1999. هناك أدلة موثوقة على أن السعودية أسقطت في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 قنابل عنقودية على محافظة صعدة شمالي اليمن أثناء القتال بين الحوثيين والجيشين اليمني والسعودي.