على الدرب السوري تمضي الهدنة في اليمن حتى الآن نحو الاستمرار. لكن الحل السياسي لا يبدو قريبا لاستمرار الخلافات العميقة بين الطرفين المتحاربين.
في ثالث أيام الهدنة، تراجعت نسبة الخروق التي شهدتها مختلف جبهات القتال. وسارع الجانبان الحكومي والحوثيين إلى تأكيد التزامهما بهذه الهدنة، والتقليل من شأن الخروق، وإن تبادلا الاتهامات بالمسؤولية عنها، وسعى كل طرف لتحميل الطرف الآخر المسؤولية عن عدم الالتزام بها.
محمد عبد السلام الناطق الرسمي باسم جماعة “أنصار الله”، أكد تشكيل اللجان المحلية لمراقبة وقف إطلاق النار في ست محافظات، هي: الجوف، مأرب، تعز، البيضاء، شبوة والضالع. وأعلن أن هذه اللجان المشكلة من الجميع التقت للإشراف على وقف إطلاق النار في محاور القتال كافة، والامتناع عن أشكال الأعمال العسكرية كافة: من تحشيد وتعزيز وانتشار واستحداث وغير ذلك مما يلحق بالأعمال العسكرية، وفتح الطرقات والتنسيق مع الأمم المتحدة، فيما يخص المساعدات الإنسانية والبدء بتشكيل لجنة مركزية لمعالجة ملف الأسرى.
لكن عبد السلام أعرب عن استنكار الجماعة وحلفائها استمرار القصف الجوي و”الزحوفات” العسكرية، التي حصلت في بعض الجبهات. وشدد على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه؛ محذرا من خطورة الاستمرار في الأعمال العسكرية، لأن ذلك يقوض عملية السلام ويقلص من فرص انعقاد الحوار المقبل ومن فرص نجاحه.
وبلغة مغايرة، أكد رئيس أركان الجيش اليمني اللواء محمد علي المقدشي صمود وقف إطلاق النار رغم “اعتداءات المتمردين”. وقال إن الهدنة لم تُنتهك؛ وأمل بدوره أن يتوقف الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن الاعتداءات، وأن يلتزموا بوقف إطلاق النار؛ وحدد مواقع الاختراقات في محافظات تعز (جنوب غرب)، ومأرب (شرق صنعاء)، والجوف (شمال). في حين قلل المتحدث باسم قوات التحالف العميد الركن أحمد عسيري من خطورة الخروق، وقال إن ما جرى “حوادث بسيطة، ويوماً بعد يوم سيكون الوضع أفضل”.
وتستند الهدنة الحالية في قوتها الظاهرة على الضغوط الدولية الكبيرة على الطرفين لوقف الحرب بعد تزايد قوة تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى في اليمن، والتي نفعتها الحرب أكثر من أي طرف آخر. إلى جانب تشكيل لجنة مركزية لمراقبة وقف إطلاق النار ولجان فرعية في المحافظات، التي تدور فيها المواجهات، وتحت إشراف الأمم المتحدة.
وإذا كانت الاتصالات المعلنة منها والسرية قد أفضت إلى هذه التفاهمات التي تخدم وقف إطلاق النار، فإن المحصلة الرئيسية هي حشد كل الجهود نحو مواجهة الجماعات الإرهابية، على غرار ما تم في سوريا رغم الخلافات العميقة حول الحل السياسي هنا وهناك.
ولهذا، يمكن الرهان على أن الهدنة اليمنية ستصمد كما صمدت الهدنة في سوريا.
لكن الفريقين المتحاربين سيتوجهان إلى الكويت في الثامن عشر من الشهر الجاري للبحث عن مخرج سياسي برؤيتين متعارضتين.
فالجانب الحكومي يريد مناقشة آلية لانسحاب الحوثيين من العاصمة والمدن التي تحت سيطرتهم وتسليم الأسلحة والمعسكرات وعودة الحكومة الشرعية إلى البلاد قبل استئناف المسار السياسي.
وعلى الطرف الآخر يتمسك الحوثيون والرئيس السابق برؤية مغايرة تقوم على أساس تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بالمناصفة بينهم وبين الأحزاب المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وتتولى هذه الحكومة مهمة تسلم المدن والمعسكرات ونزع أسلحة الجماعات بمختلف تشكيلاتها حتى تلك التي قاتلت إلى جانب التحالف، ومواجهة الجماعات الإرهابية ومواصلة التيار السياسي من حيث توقف قبل بداية الحرب في مارس /آذار 2014.
وما بين الرؤيتين، يتكرر المشهد السوري حول مصير الرئيس هادي؛ حيث لا يريد الحوثيون وصالح عودته وإن قبلوا ببقائه بدون صلاحيات إلى حين استكمال الحوار السياسي، وتشكيل مجلس رئاسي يتولى إقرار الدستور الجديد وطرحه للاستفتاء الشعبي قبل الانتخابات العامة. فيما يتمسك الجانب الحكومي بشرعية هادي، التي نصت عليها مخرجات مؤتمر الحوار وتمنحه حق البقاء في موقع الرئاسة إلى حين استكمال تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار وانتخاب رئيس جديد.
للاشتراك في قناة موقع “يمنات” على التليجرام انقر هنا