تفجير عدن الانتحاري يخطف الأضواء من مبادرة كيري ويشكل احراجا لحكومة هادي والتحالف السعودي
30 أغسطس، 2016
636 7 دقائق
يمنات – رأي اليوم
خَطَف التفجير الانتحاري الضخم الذي استهدف مركزا للتجنيد يتبع الجيش اليمني الموالي للرئيس هادي، وادى الى مقتل 60 شخصا على الاقل في مدينة عدن، الاضواء من “خريطة الطريق”، التي طرحتها اللجنة الرباعية برئاسة جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، اثناء اجتماعها الاخير في جدة نهاية الاسبوع الماضي.
هذا التفجير يشكل احراجا كبيرا للرئيس هادي وحكومته التي تعتبر المدينة عاصمة مؤقتة، وتتخذها مقرا لها، وكانت بصدد نقل المصرف المركزي اليها، مثلما تشكل احراجا لقوات التحالف العربي، ولدولة الامارات العربية المتحدة، التي تتولى قواتها مسؤولية توفير الامن والاستقرار لها.
تنظيم “الدولة الاسلامية” سارع الى اعلان مسؤوليته عن هذا التفجير، وقال في بيان اصدره ان شابا انتحاريا (انغماسيا) قاد سيارة ملغومة الى المدرسة التي كانت تعج بالشباب الذين يرغبون في الانضمام الى جيش الرئيس هادي، وجاءت اعداد القتلى والجرحى الكبيرة، لتجعل من هذا التفجير هو الاكثر دموية منذ انطلاق “عاصفة الحزم” السعودية قبل 17 شهرا.
يجادل انصار التحالف “الحوثي الصالحي”، ان المناطق اليمنية التي باتت خارج سيطرتهم مثل المحافظات الجنوبية، هي الاكثر اضطرابا ودموية، وتحولت الى هدف لهجمات تنظيمات سلفية متشددة مثل “الدولة الاسلامية” وتنظيم “القاعدة”، وهذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، اذا استثنينا القصف الجوي من قبل طائرات “عاصفة الحزم” الذي تصاعدت كثافته منذ انهيار مفاوضات السلام في الكويت.
خريطة الطريق التي طرحها الوزير كيري في حضور وزراء خارجية السعودية والامارات، ومساعد وزير الخارجية البريطاني، والسيد اسماعيل ولد الشيخ، ممثل الامم المتحدة، طالبت بتسليم الاسلحة الثقيلة الى طرف ثالث، والانسحاب من صنعاء وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكنها قوبلت بالرفض من قبل التحالف “الحوثي الصالحي” لأنها لا تطالب بنزع سلاح الطرف الآخر، والانسحاب من مدن آمنة مثل صنعاء، وتسليم الصواريخ الباليستية خصوصا، الامر الذي دفع البعض الى تفسيرها على انها خريطة طريق لتوفير الامن للمدن السعودية وليس للمدن اليمنية، وتمكين قوات الرئيس هادي من الاستيلاء على مدن فشلت في استعادتها بالوسائل العسكرية.
عملية عدن الانتحارية الدموية تؤكد ان تنظيم “الدولة الاسلامية” بات يملك وجودا متزايدا، ليس في العاصمة اليمنية الثانية فقط، وانما في معظم الجنوب اليمني، الامر الذي يقرع جرس انذار لجميع الاطراف المتحاربة، ويوجه رسالة قوية تقول “نحن هنا”.
كان لافتا ان خريطة طريق جون كيري التي حلت محل خريطة طريق الامم المتحدة التي اعدها مبعوثها السيد ولد الشيخ، لم تتطرق بشكل مفصل لهذه القضية الجوهرية، التي تتمثل في الهجمات المتزايدة لتنظيم “الدولة الاسلامية” في المناطق الخاضعة لسيطرة “الحكومة الشرعية”، ووضع خطط لمواجهتها.
واذا وضعنا في اعتبارنا، انه الى جانب هذه العملية الانتحارية الدموية، وتدهور الوضع الامني على الحدود اليمنية السعودية، بالاضافة الى حالة الجمود في العملية التفاوضية، يمكن القول ان الملف اليمني سيشهد ارتفاعا لمنسوب العنف والقتل في الايام المقبلة، ونزيفا ماليا وبشريا وسياسيا لدول التحالف العربي وقائدته السعودية.