الهدنة اليمنية تترنح .. فهل يراهن تحالف صنعاء على كسب الوقت..؟
يمنات
لا انباء سارة من اليمن .. والهدنة السائدة التي أعلنتها الأمم المتحدة منتصف السبت لمدة 48 ساعة تترنح، والتحالف العربي السعودي يتحدث عبر اللواء احمد عسيري عن 150 اختراقا، واطلاق ثلاثة صواريخ باليستية على مواقعه في مأرب فجر اليوم الاحد، تصدت لها صواريخ “باتريوت”.
الهدنة الإنسانية هذه جاءت تتويجا لجولة قام بها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي بطلب سعودي على الارجح، الى كل من مسقط وأبو ظبي، حيث التقى وفدا حوثيا، وجرى التوصل الى وقف اطلاق النار، ودون استشارة او موافقة، الرئيس اليمني “الشرعي” عبد ربه منصور هادي وحكومته، الذي باتت ايامه معدودة فعلا، ان لم يكن قد بدأ العد التنازلي لتهميشه بالكامل، وهذا ما يفسر التصريحات الغاضبة للسيد عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، عن عدم التزام حكومته بها، أي الهدنة التي علموا بها من وسائل الاعلام.
مبادرة كيري تنص على خروج كل من الرئيس هادي ونائبه، وقائد قواته علي محسن الأحمر من السلطة، مقابل انسحاب قوات التحالف “الحوثي الصالحي” من صنعاء وتسليمها أسلحتها الثقيلة التي استولت عليها من مخازن الجيش الى حكومة وحدة وطنية تحتل ثلثي مقاعدها، بينما جرى ترك الثلث الباقي للرئيس هادي وانصاره، ولكننا نعتقد ان موافقة تيار “انصار الله” الحوثي، وحزب المؤتمر عليها هو “مناورة” لكسب الوقت أولا، وعدم الظهور بمظهر المعارض للتسوية في اليمن، لان هذا الحلف يرى انه انتصر، وان المملكة العربية السعودية التي دعمت هادي، وتدخلت عسكريا في اليمن منذ عشرين شهرا لم تعد قادرة على تحمل تكاليف هذا التدخل الباهظة ماليا وبشريا وعسكريا وسياسيا، تبحث عن أي “مبادرة” تخرجها من هذه الورطة.
من الصعب الإغراق في التفاؤل والقول بأن فرصة الهدنة الحالية من النجاح افضل من سابقاتها الخمس، لان وضع التحالف “الحوثي الصالحي” على الأرض بات اقوى بسبب صموده وامتصاص صدمة “العاصفة”، وان خصومه في الرياض ، ونحن نتحدث هنا عن الحكومة السعودية تحديدا، باتوا يصرخون أولا في معركة عض الأصابع بعد ان انفض عنهم الكثيرون، وما الفشل الذريع الذي مني به الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية مجلس التعاون الإسلامي الذي انعقد في مكة لإدانة قصف الحوثي لمكة المكرمة، الا احد الأمثلة، فقد غاب معظم وزراء الخارجية عن الحضور، ان لم يكن كلهم، بما في ذلك وزير الخارجية السعودي نفسه، لان أسباب الدعوة للاجتماع غير مقنعة أولا، ولان المال السعودي لم يعد متوفرا كسلاح لتجنيد الآخرين.
ربما يكون قصف طائرات “عاصفة الحزم” توقف قليلا في اليوم الأول من الهدنة، ولكن معاناة اليمنيين لم تتوقف، بسبب هذه العاصفة والحصار الذي تفرضه على اليمن، فعندما يعلن الاديب والكاتب اليمني المعروف حسن عبد الوارث، رئيس تحرير صحيفة “الوحدة” الحكومية عن بيع مكتبته التي تضم خمسة آلاف كتاب على موقعه على “الفيسبوك” بعد ان عجز عن توفير الخبز لأسرته وأولاده، فهذا يعني ان 25 مليون يمني ليس على حافة المجاعة وانما في قلبها.
اليمن ليس بحاجة الى هدن إنسانية، وانما الى اقدام من اتخذ قرار الحرب على وقفها فورا دون شروط، والانخراط في مفاوضات من اجل دفع تعويضات عن كل حجر جرى تدميره، وقطرة دم قد سُفكت، والاعتذار غير المتحفظ للشعب اليمني عن كل جرائم الحرب التي ارتكبت.