اليمن على خطى ليبيا .. حكومتان ورئيسان وكيانان يتكرس انفصالهما .. القصف سيستمر وحرب الاستنزاف ستتصاعد
2 ديسمبر، 2016
574 7 دقائق
يمنات
مع دخول الحرب في اليمن شهرها العشرين، باتت البلاد بحكومتين، ورئيسين، وجيشين، وتدخل عسكري خارجي، وفتور الاهتمامين العربي والدولي، ووقوف اكثر من 14 مليون يمني على حافة المجاعة، ان لم يكن دخلوا قلبها، وباتت أطفال اليمن بعظام صدرهم البارزة، وجحوظ اعينهم، وانتفاخ بطونهم من سوء التغذية صورة تذكر بأقرانهم الاثيوبيين في زمن المجاعة.
اليمن تسير بشكل متسارع على طريق النموذج الليبي الراهن، مع فوارق جوهرية، وهي ان العدوان السعودي ما زال مستمرا، وطائرات “عاصفة الحزم” ما زالت تلقي بحممها فوق رؤوس اليمنيين دون هوادة.
الأسبوع الماضي شهد تطورين رئيسيين، الأول عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي “زائرا” الى عدن، واستقباله المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ بعد مقاطعته، وتسليمه تعديلات على خريطة الطريق التي يرفضها، وابرز نقاطها تهميش دوره واستقالة نائبه اللواء علي محسن الأحمر، وتشكيل حكومة من شخصيات موضع توافق، وانسحاب قوات التحالف “الحوثي الصالحي” من صنعاء، وتسليم أسلحتها الثقيلة الى الحكومة الجديدة.
اما التطور الثاني فتمثل في تشكيل المجلس السياسي الأعلى المكون من الحليفين “الحوثي الصالحي” حكومة “انقاذ وطني” برئاسة الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور، محافظ عدن الأسبق، و42 وزيرا بهدف الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع انهيارها، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
حكومة احمد عبيد بن دغر التي تتمتع بالشرعية، في نظر امين عام الجامعة العربية احمد ابو الغيط، ومبعوث الأمم المتحدة السيد ولد الشيخ، باتت محصورة ومحاصرة في عدن، او بالأحرى أجزاء منها، وتبذل جهودا كبيرة من اجل فرض الامن والاستقرار فيها في ظل تغلغل “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، وتجد دعما من القوات الإماراتية والسعودية.
اما حكومة الدكتور الحبتور فتسيطر على معظم الأقاليم الشمالية، ومن المتوقع ان تحصل على ثقة البرلمان اليمني المنتخب في جلسته المقبلة، ولكنها ما زالت محرومة من أي اعتراف إقليمي او دولي حتى الآن، ولكنها تظل ورقة سياسية على درجة كبيرة من الأهمية.
الصراع بين الحكومتين على الشرعيتين العربية والدولية سيستمر حتما، ولن يحسمه الا احد امرين: الأول، انتصار احد المتصارعين في الحرب اليمنية على غريمه الآخر، او وصول الطرفين الى حالة من الانهاك العسكري والسياسي وتقديم تنازلات تؤدي الى القبول بتسوية سياسية ومشاركة في السلطة.
ما زال اليمن بعيدا عن أي من الخيارين السابقين واستمرار الحرب هو النتيجة الحتمية لهذا الجمود، ولهذا سيستمر القصف الجوي لطائرات الحزم، واطلاق الصواريخ الحوثية الصالحية لضرب العمق السعودي، وتصاعد الاشتباكات والتوغلات على الحدود السعودية اليمنية الخاصرة الأضعف للاولى في حرب استنزاف قد تطول.
تشكيل الدكتور الحبتور لحكومته بتوجيهات من المجلس السياسي الأعلى يكرس واقعا على الأرض قد يكتسب الشرعية بمضي الوقت، والاهم من ذلك سيتم استخدامه ورقة مساومة قوية في حال جرى استئناف المفاوضات.
تحِلوا حكومتكم.. نحل حكومتنا.. تقيلون رئيسكم.. نقيل مجلسنا السياسي الأعلى، المهم ان يكون المقابل مقبولا، هذه هي المعادلة الأهم في أي مفاوضات قادمة.. والأيام بيننا.