كيف تنظر السعودية والولايات المتحدة الى تنظيم القاعدة في اليمن؟
يمنات
على أعتاب دخول الحملة العسكرية السعودية ضد اليمن عامها الثالث، يبرز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كأخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم وأشدها فاعلية.
ويوما بعد يوم تتشابك حبال المشهد اليمني أكثر ويصبح أكثر خطورة، فبالإضافة الى القنابل التي تلقيها الطائرات السعودية منذ قرابة عامين، تعزز بعض الجماعات الإرهابية والخارجة عن القانون موقعها في البلاد مما يؤجج الصراع في اليمن. وعلى رأس هذه الجماعات الإرهابية يأتي تنظيم القاعدة في اليمن والمسمى بـ “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” باعتباره أخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم وأكثرها فاعلية.
لقد بدأت هذه الجماعة نشاطها في السعودية، لكن جذورها تمتد الى عهد القتال ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان؛ أي عندما قادت السياسات الأمريكية الى تشكيل جماعة تحمل أفكارا متطرفة بحجة مواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. وفي هذا الصدد تم تجنيد الشباب الأفغاني، الباكستاني للقتال الى جانب المليشيات في أفغانستان بالإضافة الى ارسال أفراد من اليمن الى أفغانستان.
وحتى بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، استمر وجود هذه المليشيات، وأسسوا جماعة العرب الأفغان. واليوم يعد وجود تنظيم القاعدة في اليمن استمرارا لخطط واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، فهذه الجماعة يمكن أن تقدم مبررا كافيا للرأي العام في الولايات المتحدة والعالم من أجل شن حرب في المنطقة.
وفي هذا الصدد أدى فشل التيارات اليمنية في تشكيل حكومة وحدة وطنية، سياسات عبد ربه منصور هادي وتفرده بالسلطة الى جانب الهجوم العسكري الذي شنه الائتلاف السعودي ضد اليمن الى دفع الأوضاع السياسية والأمنية في اليمن نحو المزيد من التعقيد مما وفر أرضية خصبة لاستعراض تنظيم القاعدة عضلاته في اليمن.
وحاليا يتركز نشاط تنظيم القاعدة في المحافظات اليمنية الجنوبية أي حضرموت، ابين وشبوه. ومن الناحية الاستراتيجية تعد هذه المناطق مهمة بالنسبة الى السعودية و الولايات المتحدة بالنظر إلى مخزونها النفطي وساحلها الممتد على البحر العربي.
وعلى مدى عامين نشطت جماعة أنصار الله، الجيش اليمني واللجان الشعبية في هذه المناطق، وفرضوا سيطرتهم العسكرية فيها مما منع نشاط تنظيم القاعدة. ولكن بعد الاتفاق الذي حصل بين أنصار الله و”الحراك الجنوبي” وتسليم هذه المناطق للحراك، لاحت الفرصة لتنظيم القاعدة لاستعراض عضلاته. وبناء على ذلك، بعد 3 أعوام استطاع تنظيم القاعدة أن يعلن عن وجوده في محافظة “ابين” وسيطر على مركزها أي مدينة “زنجبار” كما سيطر على مدينة جعار.
وتسيطر هذه الجماعة حاليا على مناطق استراتيجية مثل المكلا التي هي أكبر مدن محافظة حضرموت وميناء الضبة النفطي والذي يعد من أهم الآبار النفطية في اليمن.
وفي هذا الصدد كشف مسؤول أمني يمني مؤخرا عن خطة وضعتها الولايات المتحدة لنشر قواتها في جنوب اليمن رسميا موضحا أن السعودية ترسل السلاح لتنظيم القاعدة في “ابين” من أجل تأجيج الوضع الأمني في المحافظة أكثر.
وكما أشير سابقا، فإن لمحافظات حضرموت، ابين وشبوة سواحل طويلة محاذية للبحر، ولها أهمية استراتيجية كبيرة على مستوى المنطقة وهذا ما يجذب أنظار الرياض وواشنطن نحوها.
وطالما خشي السعوديون ان تغلق إيران مضيق هرمز وأن تستغل إيران قوتها في هذا المجال. لذلك تحاول السعودية مد انابيب نفطية عبر الأراضي اليمنية مما يربط الرياض بخليج عدن والمحيط الهندي فيمنحها القدرة على الوصول الى أسواق الطاقة الآسيوية.
ووفقا للخطة المشار إليها، فإن أنبوب النفط السعودي سيمر عبر محافظة حضرموت اليمنية وصولا الى ميناء مطل على خليج عدن. فإذا خضعت هذه المحافظة للقوات السعودية أو للقوات الموالية للسعودية، يمكن تنفيذ جزء مهم من خطط الرياض الإقليمية، لذلك فإن تصاعد قوة تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت خلال الأشهر الماضية لم يأت من فراغ.
كما تعد نشاطات تنظيم القاعدة في هذه المحافظات الثلاثة فرصة جيدة لأمريكا، فبوجود تنظيم القاعدة تستطيع أمريكا أن تنشر سفنها العسكرية في خليج عدن والبحر العربي بحجة مواجهة أنشطة تنظيم القاعدة. كما أن تأسيس قاعدة عسكرية مجهزة في هذه المنطقة، يوفر المزيد من الامكانيات لحماية أمن الكيان الصهيوني، ويؤثر على القدرات العملاتية لأساطيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي نشطت في هذه المنطقة خلال الأعوام الماضية.
ومن هذا المنطلق تغض وسائل الاعلام العربية والغربية النظر عن أنشطة تنظيم القاعدة في اليمن وتأثير الحرب وزعزعة الاستقرار في اليمن على ازدياد نفوذ التنظيم في البلاد.
المصدر: الوقت