تغاريد بالخط العريض (15)
يمنات
د. سامي عطا
(1)
لازالت نفس ذهنية التفتيش في التاريخ وتطويعه وحتى اعتسافه إذا أقتضى الأمر من أجل تحقيق المصالح الذاتية والسلطة، هكذا تم قبل الوحدة التركيز على التاريخ بحثاً وتنقيباً عن وحدة غابرة من أجل تحقيق وحدة مأمولة، وجرى تكريسها في وعي الناس لا باعتبارها خياراً سياسياً يحقق مصالح الناس قابلة للتحقيق إذا ما اقتضت مصلحة الناس ذلك، وهذه الذهنية البائسة تحول السياسة ومفاهيمها وأدواتها إلى أقاليم مقدسة، وعليه نحن بحاجة إلى تحرير السياسة من القداسات والتعامل معها بوصفها علم لا يرتكن إلاّ إلى أسسه ومبادئه.. هذه القيادات شاخت وبلغت مستوى الخرف ولا يعول عليها…
(2)
كل هذه التناقضات والمفارقات في المواقف تؤكد على تحلل أدوات نظام جرى تكريسه خلال خمسة عقود، وباتت كل فعالياته مكشوفة وغير ذات مصداقية بالمرة بفعل فوضى المواقف غير المتسقة، ويصعب بناء شرعية بنفس أدوات قادت لهذا التفتت والتشظي، وباختصار انتهت رموز هذا النظام إلى مزبلة التاريخ، وباتت غير مقنعة بالمرة ويستحيل أن تكون رافعة شرعية بالمطلق..
(3)
فكر تكفيري ينتج إرهاب يتبادل منافع مع لصوص الثروات الداخليين والخارجيين
(4)
الاستبداد يجلب الغزاة قول مأثور لابن خلدون يجري تداوله بخفه ويتخذه البعض في منزلة دواء لراحة ضميره، وينسى أن هذا القول يحمل في طياته معاني تحذير الحكام من فعلهم، لأن الاستبداد يضعف أنظمة الحكم ويجعلها هشة ومحل مطمع للغزاة، ويمكنك أن تجد العذر للعوام ومن من حظهم يسير في التعليم إذا ما أنساقوا وراء تبرير العدوان أو حتى مشاركتهم فيه، لأنهم ضحايا جهلهم، لكن حينما يصدر هذا الأمر من النخب فإنها كارثة بكل المقاييس.. وينبغي أن نعرف أن الاستبداد يجلب الغزاة ولكن لا يبرر التعاطي معه بأي حال من الأحوال، والغازي ليس إلاّ مستبد أقبح وأغلظ وأطغى مما نتصور، ولا يمكن علاج الاستبداد بالطغيان…!
(5)
قد تنتصر في معركتك بوسائل نبيلة، وقد تنتصر بوسائل قبيحة، يتميز الأول بأنه إنتصار بناء ويذهب بك إلى المستقبل أما الثاني هدام يبقيك حيث أنت، هذا إذا لم يعود بك إلى الماضي…!!!
(6)
الخارج لا يهمه شرعية ولا شرعبية، ما يريده شرعية صورية ضعيفة يجري توجيهها بحكم ضعفها ويحقق من خلالها مصالحه على حساب المصالح الوطنية، ولذلك الشرعية لا يمكن أن تتأسس إلاّ بالنظر إلى المصلحة الوطنية بواسطة قوى داخلية تحمل هم الناس ومستقبلهم
(7)
المملكة تتجه صوب شرق أسيا تنفيذاً لأوامر العم ترامب والهدف من ذلك الحد من النمو الصيني وتخريب التقاربات الشرق أسيوية…!
(8)
الإرهاب اليوم ذريعة احتلال يشبه احتلال عدن من قبل بريطانيا بذريعة السفينة داريا دولت..!
(9)
صراع المصالح الدولية في ظل اقتصاد رأسمالي مهيمن اليوم، يفرض على الدول طريقين لا ثالث لهما.
إما أن تقبل بأن تكون أداة تنفذ ما تؤمر به مقابل فتات تحصل عليها مما تملكه حتى ينفُذ وتنتهي الحاجة إليك إهمالاً أو يتم التخلص منك.
أو أن ترفض بأن تكون أداة وتقاوم هذا الصلف والتوحش وتبحث عن مقومات الاستقلال الذاتي وفك تبعيتك عبر توظيف صراع المصالح الدولية في تقوية وتمتين وضعك الداخلي بحيث تنتقل مع الوقت من دولة في الهامش والأطراف إلى دولة قطب مركزي لها هوامش وأطراف.
(10)
عرّتْ هذه الحرب العدوانية ممالك ودول النفط وأفصحت عن المخبؤ، فلقد حافظت على بقاءها بثلاث وسائل:
الأولى/ وفرة المال الذي أخذت توظفه رُشى اجتماعية تحقق به سكوت المجتمع عن كل ممارساتها السفيهة وغير الاقتصادية الذي غاب فيها المستقبل، ورُشى لمصادر القرار الدولي عبر صفقات اسلحة غير الرُشى النقدية.
الثانية/ تأسيس جيوش فاقدة للأهلية والقدرات وغير منظمة درءً للانقلابات العسكرية ، فمعظم التغييرات في المنطقة اضطلعت بها جيوش تلك البلدان، ولذا وعلى الرغم من الميزانيات العسكرية الكبيرة إلاّ أننا شهدنا جيشها يفر من المعارك…
الثالثة/ تغذية المجتمع بالأفكار المتطرفة والإرهاب تحول دون أي فعل ثوري حقيقي، ويغدو الإرهاب مصيدة لكل الناس البائسين والناقمين ويحول دون تنظيم أنفسهم في تنظيمات وأحزاب تنهج أساليب نضال تعجز عن قمعهم، وعليه فأن الإرهاب وفر لها مبررات اخلاقية للحرب ضد جماعاته، ويتحول ضحايا سياساتهم الاقتصادية إلى قتلى حربهم عند اللزوم، كما يمكن توظيفه في تحقيق أجندات النخب الحاكمة…!
(11)
الإرهاب أداة تمنح لصوص الثروات ديمومة بقاء، بواسطته يفرم الناقمين والبائسين ، ويحول دون فعل ثوري اجتماعي بنّاء.
(12)
لا يمكن للناهب الدولي أن يستمر في نهبه إلاّ في ظل الانقسام الاجتماعي للدول المنهوبة
(13)
خفايا الصراع في الجنوب تتكشف، وهناك من يريدأن يسد النقص البشري بمقاتلين وغير عابه بنتائج فعله على المستقبل، المهم السلطة…!!!
(14)
إذا لم يحسن السياسي التعامل مع أخطاءه وهزائمه قد تتحول إلى عقد شخصية تدفعه إلى الثأر ، وبتلك الممارسة يغادر حقل السياسة إلى حقل الاستقرار الدائم في الهزيمة…!
(15)
عوضا عن قيادة السياسيين لشأننا العام صار المهزومين والمأزومين يتصدرونه..!!
(16)
انقسامات النخب السياسية العربية تعكس تركيبتها الاجتماعية القبلية العشائرية، وبعيداً عن المبشرين في بداية الحرب بأن المملكة اليوم غير، وأنها باتت قائدة للمشروع القومي العربي ، فإن مجريات حربها العدوانية وتناقضات المواقف والمصالح تفصح أن هذه النخب انقسامية ولا تملك مشروع، وجدت نفسها وبسبب لعنة النفط وطفرته خلال السبعة العقود المنصرمة توظفه حفاظاً على بقاءها وإعادة إنتاج نفسها وأشباهها ، وإجهاض كل مشروع قومي عربي يهدد بقاءها، وكما هو معروف الاندماج القومي مشروع البرجوازية الصاعدة، وهو إلغاء للأشكال الاجتماعية الانقسامية كالعشائرية والقبيلية وتوحيد للمجتمعات وطاقاته على أسس تتجاوز الطوائف والمذاهب والأديان ، ولذا فأن هذا التركيب الاجتماعي يشهد تفكيك وانحلال، وعليه هذه التغييرات ستفضي إلى سقوط هذه التركيبة الاجتماعية، بيد أن السؤال الملح كم من الوقت ستأخذ عملية التغيير؟، هذا ما لا يستطيع أحداً الجزم به، لكن من المؤكد لن يكون الخروج إلاّ عبر الخلاص من لعنة النفط والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد يعلي من شأن العمل بوصفه خالق الثروة المأمون…!