لماذا تراجع الدور القطري في حرب اليمن..؟ وما علاقة ذلك بدعم الاخوان المسلمين..؟ ولماذا لا تشهر دعمها لـ”اخوان اليمن”..؟
يمنات
معاذ منصر
لا يزال الغموض يلف دور دولة قطر في إطار «التحالف العربي». الدولة الخليجية التي أعلنت مشاركتها في «التحالف» بقيادة المملكة العربية السعودية، لوحظ أن دورها ظل يتراجع ما بين فترة وأخرى إلى الوراء، حتى بدا يتضح بأن للدوحة سياسة وموقف مغايران لما هو في العلن، وهو ما تجلّيه المؤشرات السياسية والعسكرية ومجرياتها، يوماً بعد آخر.
يقول العارفون إن القوات القطرية في «التحالف العربي» هي تلك التي تم الإعلان عنها في بداية عملية «عاصفة الحزم»، وهي: عشر طائرات شاركت بها منذ البداية، ما تزال، حصراً، تعمل بعد مرور عامين.
و أما في ما يخص القوة البشرية على الأرض، تشير المصادر إلى أن قطر ليس لديها جنود مشاركون، إلا بشكل ضئيل ومحدود جداً. وفيما يتعلق بإعلان مصادر عسكرية يمنية، ووسائل إعلام قطرية، إرسال ألف جندي قطري إلى اليمن للمشاركة في عملية استعادة صنعاء إلى جانب قوات «التحالف العربي»، في مطلع سبتمبر من العام 2015م، تؤكد المصادر أن الجنود عبروا الحدود، ومنفذ الوديعة تحديداً، متجهين نحو مأرب، ولكنهم انسحبوا في فترة لاحقة، بصورة غامضة، وبدون معرفة الأسباب.
«العربي» تواصل مع مصادر عسكرية وسياسية في مأرب، لمعرفة ما إذا كان الجنود القطريون قد وصلوا فعلاً إلى مأرب حينها، وعما إذا كانوا ما زالوا موجودين أو انسحبوا. الجواب كان جازماً بأن القطريين لم يصلوا إلى مأرب، وأن الحديث كان يدور حينها حول عبورهم منفذ الوديعة، وأنهم في طريقهم إلى مأرب، لكنهم لم يصلوا بعد.
و في ملف الخسائر البشرية لقوات «التحالف العربي»، منذ بداية «عاصفة الحزم»، خسرت قطر 4 جنود لا غير، ثلاثة منهم أعلنت وكالة أنباء قطر نقلاً عن بيان للقوات المسلحة القطرية عن «استشهادهم» في اليمن في الـ 13 من سبتمبر من العام 2016، ولم تذكر الوكالة أي تفاصيل بشأن ملابسات مقتل الجنود القطريين الثلاثة. وبمقتل أولئك الجنود يكون عدد الجنود القطريين الذين قتلوا في اليمن ارتفع إلى 4، بعد مقتل أول جندي في نوفمبر من العام 2015.
المعلومات التي حصل عليها «العربي» من الرياض، تفيد بأن قطر داعم لوجستي أكثر من كونها مسانداً عسكرياً أو اقتصادياً. وبحكم «ثقل» المملكة العربية السعودية، فإن المعارك العسكرية والسياسية المتصلة بـ«عاصفة الحزم»، تديرها الأخيرة، أكثر من أي دولة خليجية أخرى (إلا أن ما تقدم لا يفسر سبب اختلاف شكل وحجم المشاركة الإماراتية في الحرب).
مصادر أخرى ترى أن قطر من النوع الذي يتراجع خطوتين إلى الوراء إذا ما تقدمت السعودية في أي مشروع كان. فالدوحة ترى أن للرياض ثقلاً سياسياً واقتصادياً في المنطقة، وأن التهديد في اليمن تهديد للسعودية في المقام الأول، وبالتالي دفعت بـ«التحالف العربي» وشاركت فيه ولم تتصدره، وقطر كما يبدو، مثلها مثل الكويت، صاحبة دور مساند للسعودية، التي تقود «التحالف».
إلا أنه ومن زاوية إعادة استذكار قطر كدولة كان لها دور بارز في الساحة اليمنية، قبل سنوات، قبل أن تتخذ خطوة إلى الوراء، وتحجم عن نشاطها الواسع والعلني في اليمن، فإن ذلك يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول أسباب تبدل تلك السياسة.
المتابعون للسياسة القطرية في إطار السياسة العامة لدول الخليج، يجدون أن الدوحة تظهر في العلن مواقف مؤيدة للسياسات والتوجهات الخليجية، المرتبطة بعلاقاتها الإقليمية، أو في إطار تناولها وتعاملها مع القضايا والأزمات، لكنها في الكواليس تغرد على الدوام خارج السرب الخليجي. ويرى هؤلاء أن القطريين يحاولون وضع مسار خاص مختلف عن استراتيجية دول مجلس التعاون الخليجي، مرده إلى طموح قطري جامح للعب دور إقليمي رئيسي ومحوري.
في حين، تعتبر مصادر أخرى أن قطر أصبحت دولة تابعة، لا صاحبة قرار داخل مجلس التعاون الخليجي، وأنها لا تستطيع أن تمارس سياسة خارجة عن محددات مجلس التعاون، وتضطر على الدوم إلى الرضوخ لقرارات دول المجلس كافة، ولكن يلاحظ أن الدوحة ليست راضية عن ممارسات «التحالف». فمن خلال رصد وسائل الإعلام التابعة لقطر، يتبين أن ثمة نقداً كبيراً لبعض تفاصيل التدخل العسكري، السعودي والإماراتي، في اليمن، وإن كانت الدوحة عاجزة عن الرفض الصريح، وتخضع في النهاية لضغوطات من قبل مجلس التعاون الخليجي في مسألة تحجيم دورها.
وتتابع المصادر حديثها بالقول: «من الواضح أن قطر لديها نوايا لدعم طرف معين في الصراع الحاصل، وهو الإصلاح، لكنها غير قادرة، بسبب ما تعرضت له بعد دعمها للإخوان المسلمين في أكثر من بلد، خصوصاً في مصر، والذي تسبب بعقوبات عليها، وإحراجها. والآن قطر أصبحت تقدم دعماً خفياً، ومحدوداً جداً، للإخوان المسلمين في اليمن، وهي غير قادرة على إشهار هذا الدعم، وأيضاً غير قادرة على تقديمه بشكل كبير وواضح».
طموحات قطر، ومغامراتها السابقة، خصوصاً في فترة «الربيع العربي»، تعرضت لتحجيم من قبل جيرانها الخليجيين، طبقاً للمصدر المقيم في إحدى دول الخليج، حيث أُجبرت قطر على تحجيم مواقفها، والعمل ضمن سياسة مجلس التعاون الخليجي، تحت قاعدة أن السعودية هي التي تجمع دول الخليج، وكل دول الخليج مصالحها ومستقبلها مرتبط بالسعودية، وفي حال أي تعرض السعودية لأي ضرر، سينسحب الأمر على دول الخليج كافة، ولذا لا بد من الحفاظ على أمن السعودية، حتى يتم الحفاظ على أمن الخليج، والمنطقة بشكل عام، بهذا الشكل تم الضغط على قطر، غير الراضية وغير المقتنعة بكل ما يقرر من قبل السعودية من تصرفات في إطار التدخل العسكري، وذلك بحسب المصدر.
ورغم التصريحات القطرية الرسمية المتواصلة المؤيدة لـ«الشرعية» في اليمن، فإن المساهمة القطرية تبدو متواضعة في الملف اليمني، عدا بعض الحضور عبر الهيئات والمنظمات الخيرية القطرية، أو ما يعلن عنه من منح حكومية قطرية، تُقدر بعشرات ملايين الدولارات.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا