صحيفة تركية: ما يجري من تحولات في السعودية مجرد ربيع كاذب
يمنات – صنعاء
نشرت صحيفة يني شفق التركية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على التطورات والتغييرات التي جدت مؤخرا في المملكة العربية السعودية.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، أنّ كل المتغيرات التي جدت في المملكة، من فتح لدور السينما وعروض الموسيقى فضلا عن أسبوع الموضة، تأتي بعد سنوات من انغلاق السعودية على نفسها، وتشددها وتزمتها في ما يتعلق بالمسائل الدينية، وقد تسببت هذه التغييرات المفاجئة في خلق حالة من الدهشة والاستغراب في صفوف الكثيرين.
وأشارت الصحيفة إلى أن “السبب الرئيسي وراء هذه التغييرات، لا يتعلق بقرارات وتوجهات الأمير الشاب الطموحة، وإنما يعزى إلى إدراك العائلة المالكة في السعودية لحقيقة أنّ النفط لم يعد يشكل الركيزة الأساسية لبناء المستقبل”.
وأضافت الصحيفة أن محمد بن سلمان نصب نفسه قائدا لخطة التغيير الشاملة التي أطلق عليها اسم “رؤية 2030″، والتي يسعى من خلالها إلى فك الارتباط الوثيق بين اقتصاد المملكة والنفط، وإحداث تغيير شامل في نظام الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب عمله على توسيع قطاع الترفيه، على أمل أن تتحول المملكة العربية السعودية إلى مركز للترفيه والتجارة في العالم.
وبحسب الصحيفة، فإنه من المستغرب أن يركن الواعظون ورجال الدين السعوديين إلى الصمت على خلفية هذا التغيير الجذري والنوعي، وقد اتسمت هذه المرحلة بنأي رجال الدين بأنفسهم عن المشهد، وهو ما يتوافق مع رؤية ابن سلمان الذي أوضح أنّ السعودية ستكون “دولة إسلامية معتدلة منفتحة على جميع الأديان والثقافات”.
واعتبرت الصحيفة أن “الشباب السعودي يعلق أمالا كبيرة على محمد بن سلمان، فيما يتعلق بتحقيق الانفتاح المرجو، وذلك في دولة يشكل الشباب فيها الغالبية العظمى، وغالبا ما يفضل الشباب الدراسة في الخارج، هربا من تعقيدات وتضييق المجتمع عليهم، وبهدف التخلص من العادات والتقاليد المتشددة”.
وأبرزت الصحيفة أن “النساء السعوديات استفدن بشكل كبير من هذه الإصلاحات، فقد حظيت المرأة السعودية من جديد بحريتها، في حين أصبحن يتمتعن بامتيازات في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، بدءا من السماح لهن بقيادة السيارات، ومشاهدة مباريات كرة القدم، مرورا بالسماح لأي امرأة تجاوزت 25 سنة بالخروج والسفر لوحدها، وصولا إلى السماح لهن بإدارة مشاريع اقتصادية خاصة بهن”.
وذكرت الصحيفة أنّ “من مظاهر التحول الأخرى، محاولات محمد بن سلمان تغيير النظرة السائدة عن السعودية من خلال السماح بإقامة مهرجان لموسيقى الجاز، الذي شارك فيه مجموعات موسيقية من السعودية ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ذلك، وقع افتتاح دور السينما بعد منعها طيلة 35 سنة، والعمل على إنشاء مدينة ترفيهية ستكون في حجم مدينة لاس فيغاس، في محاولة لجذب المزيد من السياح لزيارة المملكة”.
وأقرت الصحيفة، وفقا لعدة خبراء ومراقبين، أنّ “ما يعتبره البعض تغييرات فعلية تواري أهدافا مختلفة تماما، حيث يكمن التغيير الحقيقي في إدراك المسؤولين في السعودية لعدم قدرة الدولة على الاستمرار والصمود أكثر بالاعتماد على النفط فقط، الذي سينتهي من دون شك في يوم من الأيام، في ظل ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل سنة تلو الأخرى. بعبارة أخرى، كان ولي العهد السعودي مُجبرا على القيام بمثل هذه التغييرات، للمحافظة على مستقبله ومستقبل دولته”.
وأرجعت الصحيفة إلى أن “الجيل الجديد من الشباب في المملكة لن يكون مُرفها على غرار سلفهم، حيث سيجدون صعوبة بالغة في إيجاد فرص عمل، والتحصيل العلمي في ظل خصخصة المؤسسات التعليمية والجامعات، وقد دفعت هذه الأسباب ولي العهد السعودي لإيجاد بدائل ترفيهية للجيل الشاب، حتى لا ينشغلوا بالصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تنتظر البلاد”.
وبينت الصحيفة، وفقا لصحفيين سعوديين، أن “هذه التغييرات طبيعية بل ومتأخرة جدا، لأنّ المملكة كانت ترزح تحت قبضة سياسة متشددة ورجعية، يقع في إطارها اضطهاد حقوق المرأة ومختلف الحريات الأخرى”.
ولفتت الصحيفة إلى تصريحات المعارض السعودي يحيى العسيري، الذي أكد أنّ “التغيير الأبرز الذي حصل في المملكة يتمثل في انقسام العائلة المالكة، في حين يسعى الملك سلمان وابنه للسيطرة على كل القوى الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي سيتسبب في خلق نزاع بين أفراد العائلة المالكة”.
واعتبر العسيري أنّ “كل الوعود التي قطعها المسؤولون تعد مجرد أكاذيب دعائية وتفتقر إلى أي محتوى فعلي، ونادرا ما يتم تطبيق هذه الوعود على أرض الواقع، لأن الأوضاع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية صعبة وسيئة للغاية”.
من جهته، أفاد عبد العزيز المؤيد، الناشط الحقوقي والمعارض السعودي، أنّ 40 بالمائة من الشعب السعودي يعيش تحت طائلة الفقر، في حين أنّ كل التغييرات لا تمس الطبقة المسحوقة في السعودية، مع العلم أن هناك تراجعا كبيرا في المجال التعليمي والصحي والسكن، وقد انتقد المؤيد عدم محاسبة الفاسدين والمختلسين والأشخاص الذين ينهبون خيرات الشعب ومقدراتهم لمصالحهم الخاصة.
وأبرزت الصحيفة أنّ ما يحدث في المملكة العربية السعودية يعد مجرد ربيع كاذب، وذلك في محاولة لإنقاذ الدولة من السقوط والانهيار على المدى البعيد.