من أرشيف الذاكرة (52) .. قصتي مع القات
يمنات
أحمد سيف حاشد
(11)
• بعد عودتي من مجلس العزاء الذي كان في منزل الوزير عبده علي قباطي، والذي وجدت نفسي فيه أحوج للعزاء أكثر من الميت؛ طلبت من أحد أولادي أن يغير على الفور أغنية “أنا يابوي أنا” التي فضحتني في مجلس العزاء، ويستبدلها برنة عادية، أو أي حاجة محترمة تليق بقاضي وعضو مجلس نواب لازال في مستهل عهده.. ولكن بدلا من أن يغيرها برنة تليق بأبوه، غيّرها بأغنية لم أفهم من كلماتها غير “عبد القادر يا” ولم أفهم شيء من كلماتها، ولا اسم الفنان فيها ولا جنسيته، ولكنها كانت أغنية مشهورة في تلك الأيام..
• أنا في الحقيقة وغالبا لا أفرق بين الأغاني المحترمات والأغاني البائصات.. لا أفرق بين أغاني الشباب وأغاني العجائز .. أكثر الأغاني تنال اعجابي واستحساني غالبا بسبب ايقاعاتها واللحن والموسيقى فيها أو العود .. غالبا لا أفهم ما يقول الفنان في الأغنية .. لازالت في ذاكرتي أغنية “بين الدوالي” الذي كنت اسمعها وأنا صغير من الراديو، وأرددها مع صوت الفنان بكلمات “بين الزوالي” وشتان بين المعنيين..
• زرت تعز .. تواصلت بالقاضي أحمد محمد بن يحيى المطهر لأخزن عنده، وهو زميل لي من أيام المعهد العالي للقضاء .. وفي مجلسه، وجدت كثير من القضاة المعممين وذوي الهيبة والوقار .. كما أن والد زميلي هذا أعرف أنه قاضي وعالم وفقيه .. إنه محمد بن يحيي المطهر .. كان له في أيامه شأنا، ومؤلفات عدة، ومنها مجلدين في الأحوال الشخصية التي اقتنيتها حالما كنت طالبا، في المعهد العالي للقضاء .. لا زلت أذكر أنني أحترت كثيرا فيما يتعلق بشروط صحة عقد الزواج، ومانع زواج الإنسي من جنية..
• زميلي القاضي ومن خلال زمالة المعهد الذي دامت ثلاث سنوات، انطباعي الإجمالي عنه، أنه كان ذكيا في الدراسة، ومتوقد الذهن، ودمث الأخلاق، وذو وقار وكياسة ودين .. يحرص على أهمية مسلك القاضي وسلوكه والحرص حيال ما يجرح عدالة القاضي، وهي تفاصيل مررنا عليها في المعهد العالي للقضاء..
• وفيما كان الحديث المحترم في حضرة جلالة القضاء وهيبة القضاة في المجلس الوقور، رن تلفوني، ولكن ليس برنة، وإنما بأغنية “عبد القادر”..
• أنفجر القضاة بالضحك، وغرقت أنا معهم في نوبته، وأدركت أن الفضيحة الثانية قد حلت بي، وزميلي القاضي يقول:
– ما هذه يا قاضي..؟!! شبابي هه.. من عمل لك هذه النغمة..؟!
– وأنا أرد: هؤلاء العيال اللذين عملوها .. عيال الكلب.. وأنا معرفش أغيرها..
• فمد القاضي يده وأخذ مني التلفون وبدأ يتعامل معه حتى غيرها إلى رنة قاضي بحق وحقيقة..
• الحقيقة لم أخرج من المجلس إلا بعد أن عرفت أن تلفوني اسمه “الرنان” وعرفت كيف أتعامل مع التلفون، وكيف أغير نغماته، وعرفت أيضا إن الأغنية جزائرية، واسم الأغنية (عبد القادر)، وأن الأغنية شبابية جدا، وأن الفنان اسمه الشاب خالد .. وعرفت أيضا بعض كلمات الأغنية التي تقول:
عبدالقادر يا بو علم ضاق الحال عليّ
داوي حالي يا بو علم سيدي ارؤف عليّ
دعوتي القلّيلة … يانا … ذيك المبلية
خليتني في حيرة … يانا … العشرة طويلة
• الحقيقة كانت جلستنا رائعة و ودودة، وفيها فائدة ومعرفة لم أسبق إليها من قبل، ابتداء بالتلفون وانتهاء بكلمات الأغنية..
خرجت من المجلس بعد المقيل، وأنا أضحك على نفسي وأحدثها كمجنون: “القضاة خطيرين .. يفهمون في كل شيء” وأنا لا أعرف حتى اسم تلفوني..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.