تغاريد غير مشفرة (205) .. من فساد مأرب
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
“تتعرض شركة صافر لنهب منظم للنفط الخام من الآبار”..
جاء هذا في نص رسالة سري و عاجل في عام 2017 موجهة من أحمد محمد علي كليب المدير العام التنفيذي الأسبق لشركة صافر إلى هادي.
هذا النفط المنهوب لم يدخل إلى واردات البنك و لن يكشفه ربط بنك مأرب بالبنك المركزي..
إنه الفساد الذي لا يمكن اصطياده، طالما أنه ينهب من الآبار مباشرة، دون أن تدخل عليه أي رقابة أو تطلع عليه أي إدارة..
في النص يقول “نهب” و هذا يعني إنه أكثر من كونه فساد و يمكن تسميته فساد مفرط و كبير..
و في النص يقول: منظم و هو ما يعني أنه يأخذ صورة “المافيا” أو العصابة المحترفة..
(2)
جاء في مذكرة المدير التنفيذي الأسبق لصافر أحمد كليب و الموجهة لهادي ما نصه: “تم ضبط شحنات اكتشف أنها مملوكة لأحد القادة الأمنيين المنوط به حماية الشركة في مأرب بينما هو ذات الشخص المشرف على عملية تهريب النفط الخام”..
هل هناك ما يجسد المثل القائل “حاميها حراميها” أكثر من هذا الذي يحدث..
يحمي الشركة، و في نفس الوقت يشرف على عملية التهريب..
ثم ينبري بعض من مؤيدي حزب الإصلاح ليضربوا لنا المثل و النموذج بمأرب “الخلافة و السؤدد” فيما شعب تنهب أهم ثرواته، و الأهم أن من يتولى الأمن التهريب .. ما يحدث في اليمن أكثر من صادم .. و مأرب مثال.
إن فساد الجماعات الدينية بكل مسمياتها جرئ و مهول، و لا يعبأ بشعب قطع لصوصه و حكامه، رواتب الموظفين .. شعب يعيش الفاقة و الجوع و المجاعة..
إنه بعض من قبح و دمامة الجماعات الدينية التي تتولى حكمنا بالقوة و الغلبة، و تمارس الفساد المهول بثرواتنا الوطنية، فيما شعبنا مثقل بها و بفسادها و استبدادها.
(3)
و اضافت المذكرة تحت عنوان سري و عاجل ما نصه: “عملية تهريب النفط الخام ليست بالعملية السهلة، بل هي بالغة التعقيد من حيث السرقة و التهريب و البيع و الاستخدام، ما يعني وجود شبكة ضخمة، و مع ذلك لم تتجاوب أي جهة لمنع هذا الأمر، بل و تم اتهام الفريق المنوط به المتابعة بالانتماء لجماعة الحوثي”..
و هذا يعني الآتي:
1- النص الوارد في المذكرة يقول بصريح العبارة: “لم تتجاوب أي جهة لمنع هذا الأمر” و هو ما يعني إن السلطة في مأرب أو قيادتها الإصلاحية ضالعة في التهريب .. هذه السلطة و قيادتها التي يتغنى بها حزب الإصلاح و أنصاره، هي في الحقيقة وارطة في التهريب، ضمن شبكة واسعة، تبدأ من استخراج النفط الخام، ثم تهريبه، و من ثم بيعه، و الانتهاء باستخدامه..
2- يتضح أن هذه الشبكة مرتبطة بشبكة دولية أو هي نفسها شبكة دولية، تمتد من موقع استخراج النفط الخام، إلى نقله، و إيصاله للموانئ اليمنية على البحر، ثم بيعه و حتى استخدامه .. إنه حال يشبه حال “داعش” في سوريا و العراق و المتعاملين معها فيما خلى من الوقت، و الذي كان يبدأ باستخراجه و ينتهي باستخدامه.
3- يستخدم إرهاب الاتهام من قبل مافيا الفساد في مأرب ضد من يعترض على هكذا حال، و اتهام المعترض أو المتابع لهذا الفساد، بالانتماء للحوثي، مثله مثل فاسدي الحوثي الذين يعتبرون من يكشفون فساده ،أنهم مرتزقة، و موالون للعدوان، و يستهدفون تماسك الجبهة الداخلية..
(4)
جاء في نص المذكرة الموجهة لهادي: :”تتعرض الشركة – صافر- لأعمال ابتزاز يومي من قبل قادة أمنيين يتعاملون و كأن الشركة ملكية خاصة تابعة لهم، بل يفرضون إتاوات يومية أحيانا تصل إلى 95 مليون ريال يوميا على قاطرات الغاز و الشركات الصغيرة العاملة و بشكل ممنهج و علني دون خوف من رادع أو محاسبة”
هذا يعني الآتي:
– تهريب النفط الاعتراض عليه صار يطاله القمع، و في أفضل الأحوال يصاب مناهضيه بالإحباط، فيما الابتياع للغاز يخضع لإتاوات يومية تصل إلى 95 مليون ريال يوميا..
– ثرواتنا تنهبها العصابات و المافيات الممثلة بسلطات الأمر الواقع و بسمياتها المختلفة، فيما أبناء الموظفين المقطوع رواتبهم يتضورون جوعا .. و المؤلم أن نجد بعض الأغبياء و المتعصبين ينحازون و يدافعون عن الفاسدين الكبار، لمجرد أن هؤلاء الفاسدين فقط ينتمون إلى حزبهم..
– و في القول أن ما يتم، يجري دون خوف أو محاسبة، مرجعه أو سببه يعود إلى أن الفساد صار سلطة أقوى من كل السلطات في مأرب، و هو الغالب، و لذلك نجد الفساد المجاهر، قد صار ذو نفوذ و سلطة، تخضع مناهضيه، أو أن السطوة قد صارت هناك للفساد دون منازع..
(5)
و تكشف المذكرة أن الإحلال و التوظيف يجري في شركة صافر في مأرب خلافا للقوانين و اللوائح و الأنظمة، و هو حال يوازي أو ينافس ما يحدث في صنعاء و عدن و غيرها .. كل جماعة أو فئة أو سلطة توظف أتباعها، فيما غيرهم يتم تركو يوجهون أقدارهم و سوء حظهم، و ظروفهم البائسة، في ظل غياب تام للعدالة والمساواة..
التوظيف هنا و هناك صار يتم على حساب مبدأ المواطنة، و على حساب معايير و شروط الوظيفة العامة .. كل أطراف الحرب و الصراع تتسابق و تتنافس في هدم و تقويض كل ما له علاقة أو صلة بالدولة و مبدأ المواطنة، و تحل محل المواطنة، معيار الولاء و الأتباع، ليترك شعب الثلاثين مليون بدون مواطنة، و بدون وطن، و بدون حقوق أو عدالة أو مساواة..
(6)
هذه الوثيقة تكشف حجم الفساد المهول، و حجم إهدار أهم ثروة وطنية، و هي النفط، الذي تستولي عليه عصابة في قيادة جماعة حزب الإصلاح، و تكشف حجم النهب و الفساد لهذه الثروة السيادية التي تستولي عليها الجماعة، فيما قرابة المليون و النصف موظف محرومين من رواتبهم منذ سنوات، و يعيلون أكثر من سبعة مليون نسمة، فيما يرفض جميع أطراف الحرب و الصراع هنا و هناك أن يتصدوا لموضوع انقطاع الرواتب أو حتى طرحه كشرط أو كموضوع ملح على طاولة المفاوضات التي تجري من أربع سنوات عجاف..
(7)
المدير التنفيذي الأسبق لشركة صافر أحمد كليب لم يسمح له بزيارة حقول النفط، فيما الفساد يتولى أمن الحقول و استخراج النفط و تهريبه من الآبار مباشرة دون رقيب أو سؤال .. و الشعار المعمول به اليوم في اليمن: “كن فاسدا و عميلا أو ارحل”..
المدير التنفيذي الأسبق أحمد كليب الذي وجه المذكرة (سري و عاجل) إلى هادي، تمت إقالته أو أُرغم على الاستقالة، ربما بعد فترة وجيزة أو غير طويلة من تحرير تلك المذكرة، لأنه كشف ما لا يُكشف، و تحدث عن فساد النفط و تهريبه، و ألمح بصورة مباشرة أو غير مباشره عمن يقف وراء ذلك الفساد و التهريب..
و الخلاصة أن من يحكم اليمن هو الفساد و داعميه..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.