ما أسباب إقالة الملك سلمان للأمير فهد بن تركي “العسكري” قائد التحالف ضد اليمن ونجله “المدني” معاً بشُبهة الفساد؟
يمنات
بدت أنباء الإقالات، والاعتقالات، والتحويل إلى التحقيقات بتُهم الفساد وغيرها الأخيرة في العربيّة السعوديّة، أقرب إلى المشهد الصامت إعلاميّاً أقلّه داخليّاً، مُقارنةً بغيرها التي سبقتها، وطالت أسماء الصفوة من الأمراء في العائلة الحاكمة، ورجال أعمال، والتّركيز على فسادهم، والإضرار بمكانتهم، وصُورتهم المُجتمعيّة من بينهم مثالاً الأمير الوليد بن طلال الممنوع من السفر كما يتردّد، ضمن حملةً كان قد قادها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضدّ الفساد، وإطلاق رؤيته الاقتصاديّة للعام 2030، تحت عُنوان اعتقالات الفندق الشهير “ريتز كارلتون”، والتسويات التي نجمت عنه بحواليّ أكثر من 20 مليار دولار.
لا يظهر الأمير بن سلمان هذه الأيّام في المشهد الإعلامي كثيرًا، بعد أن كان كثير الظهور، ومُعلّقاً على كُل كبيرة، وصغيرة، مُحدثاً تواصلاً غير مسبوقٍ بينه، وبين شباب جيله المُتحمّسين لرؤيته، ومشاريعه، وخططه المُستقبليّة، بدا أنّ الأمير قد اختار تقليل ظُهوره الإعلامي، وتحديدًا بعد الجدل الذي أثارته جريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده في تركيا.
الإمارات العربيّة، تأخذ هذه الأيّام الأضواء الإعلاميّة من “شقيقتها” العربيّة السعوديّة، على خلفيّة اختيارها التطبيع الكامل والشامل مع إسرائيل، ووصول طائرة إسرائيليّة “العال” مُباشرةً من تل أبيب إلى أبو ظبي، وحطّت على الأراضي الإماراتيّة، رافعةً أعلام الإمارات، إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكيّة، ومع هذا كان السؤال الإعلامي الأكثر طرحاً بين المُعلّقين، لماذا سمحت السلطات السعوديّة للطائرة الإسرائيليّة المُرور عبر أجوائها، إذا كان وزير خارجيّتها الأمير فيصل بن فرحان كان قد أكّد تمسّك بلاده بالمُبادرة العربيّة، وقال رئيس استخباراتها الأسبق الأمير تركي الفيصل، أنّ على بلاده قبض الثمن الغالي، مُقابل السلام، ويُفترض أن يكون قيام دولة فلسطينيّة عاصمتها القدس الشرقيّة.
ثمّة إجابة سعوديّة على هذا التساؤل، وتناقلها الإعلام العبري، تقول إنّ المملكة، وافقت على مُرور الطائرة الإسرائيليّة، بناءً على طلبٍ أمريكيّ بالخُصوص فقط وهو حليفها، وتواجد وفد أمريكي على رأسه مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، وهذه المُوافقة بطبيعة الحال اختصرت على الرحلة ساعات طويلة، بمُرورها الأراضي السعوديّة، بدل قطعها مسافات بديلة، وهي المُوافقة التي يُنظر لها بمثابة مُوافقة مبدئيّة سعوديّة على التطبيع الإماراتي، لكن السلطات السعوديّة تسمح للطيران الهندي بعُبور أراضيها إلى إسرائيل مُباشرةً، ولم تسمح للإسرائيليّة تجاريّاً بعُبور أجوائها من قبل، وحتى الآن.
وفيما ينشغل العالم بالتطبيع الإماراتي- الإسرائيلي، كاد أن يمر نبأ الإقالة الأخير الذي أصدره العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مُرور الكرام، حيث أصدر الملك أمره الملكي مساء الاثنين الثلاثاء مُتأخّرًا (عادة القرارات الملكيّة)، بإقالة عدد من الضباط في وزارة الدفاع، وإحالتهم إلى التحقيق بشُبهة الفساد.
اللافت في نبأ الإقالة، والذي بثّته وكالة “واس” السعوديّة للأنباء، أنّ الأمير فهد بن تركي آل سعود كان على رأس تلك الإقالات، ونجله، وجرى إحالتهما للتحقيق بشبهة فساد، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب تلك الإقالة، وتوقيتها بحق الأمير المذكور، وهو الفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، قائد القوّات المُشتركة في التحالف الذي تقوده السعوديّة ضد اليمن.
عُقوبة الإقالة الملكيّة هذه، لم تقتصر على الأمير فهد بن تركي، بل طالت نجله الأمير عبد العزيز بن فهد بن تركي، من منصب نائب أمير منطقة الجوف (شمال السعوديّة)، واللافت في الإقالة أنّ كلّاً من الأب الأمير فهد، ونجله عبد العزيز، أُقيلا بشبهة فساد، وارتباطهم بتعاملات ماليّة مشبوهة في وزارة الدفاع، كما أشار الأمر الملكي في نص توضيح الإقالة، وبالرغم أنّ منصب الأب المُقال عسكري، والابن مدني نائب أمير منطقة.
في الأسباب المُعلنة والرسميّة، تبدو إقالة الرجلين، مُتعلّقة بتعاملات ماليّة مشبوهة في وزارة الدفاع، وفساد مالي، وستتولّى هيئة الرقابة ومُكافحة الفساد التحقيق معهما بحسب ما ذكر الأمر الملكي الصادر بحقّهما، ولكن نظرًا لأنّ الإقالة تتعلّق بوزارة الدفاع، وسبقها العديد من حملات الإقالة في ذات الوزارة سابقاً، يصفها البعض بحملة إعادة هيكلة، وتنظيم ولاءات الضبّاط والعسكريين، والذين جرى إقالة عدد منهم حاليّاً، والكثير ممّا سبقهم، وصل عددهم يتردّد إلى 300.
تُطرَح تساؤلات فيما إذا كانت تلك الإقالات لها علاقة أيضاً، بإحكام سيطرة الأمير محمد بن سلمان على وزارة الدفاع تماماً، وما لها علاقة بصناعة الانقلابات، بصفته وزير الدفاع وشقيقه الذي ينوبه فيها الأمير خالد بن سلمان، وتهيئة الطريق أمامه للصعود على العرش مع دخول والده الملك سلمان (الثمانيني) المستشفى أخيرًا، دون وجود تهديدات حقيقيّة قد تتمثّل في شخص الأمير فهد بن تركي المُقال وغيره، وهو قائد القوّات المُشتركة في التحالف السعودي، وأمير في العائلة الحاكمة في آنٍ واحد.
لم يتطرّق الأمر الملكي بالإقالة، لأيّ أسبابٍ أخرى، تشرح أسبابها سوى شُبهة الفساد، لكن هذه الإقالة قد يُنظر لها من باب عدم حسم المملكة الحرب في اليمن، والأمير المُقال مسؤولٌ بطبيعة الحال عن قيادة القوّات في هذا التحالف العسكري ضد اليمن، وحتى كتابة هذه السطور، لا تزال “الشرعيّة” تمكث بالرياض، وحركة أنصار الله الحوثي في العاصمة صنعاء، وتُمطر العاصمة الرياض، والمُدن السعوديّة بالصواريخ، والطائرات المُسيّرة، والتي باتت تفرض على الرياض البحث في قائمة التسلّح الروسي كبديل، وسيقوم بمهمّة الأمير المُقال، الفريق الركن مطلق بن سالم بن مطلق الأزيمع نائب رئيس هيئة الأركان المُشتركة.
السلطات السعوديّة لا تزال ترفع شعار مُكافحة الفساد، خلال اعتقالها العديد والمزيد من رجال الأعمال، والأمراء، والوزراء، وكانت قد قالت إنها أنهت حملة مُكافحة الفساد التي استمرّت 15 شهرًا، ولكّنها توعّدت بمُواصلة مُلاحقة المُتورّطين، وهو ما يُفسّر استمرار تلك المُلاحقات حتى اليوم الثلاثاء رسميّاً، في المُقابل تتحدّث منظّمات حقوقيّة منها “هيومن رايتس ووتش” عن وجود حملات واعتقالات تعسّفيّة تشنها السلطات السعوديّة، من بينها الحملات التي طالت رموز التيّار الصحوي، وعدد من المُعارضين المُنتقدين للدولة السعوديّة، وقيادتها الحاليّة، وهو ما تنفيه الأخيرة، وتُؤكّد أنه ضمن سيادة القانون، والعدالة، والقضاء.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.