قراءة في قوام حكومة التغيير والبناء بصنعاء (2- 3) اثر إلغاء وزارتين ودمج وزارات التعليم على اداء الحكومة
يمنات – خاص
أنس القباطي
بدا قوام حكومة التغيير والبناء بصنعاء، مختلفا إلى حد كبير عن قوام الحكومة المعترف بها دوليا بعدن.
كما انه بدا مختلفا عن قوام الحكومات اليمنية منذ اعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو/آيار 1990.
إلغاء وزارتين
لم يسبق ان غابت وزارتي الشؤون القانونية والارشاد من قوام الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو/آيار 199.
تساؤلات
وغياب هاتين الوزارتين من تشكيلة حكومة صنعاء الجديدة، يثير تساؤلات عن الوزارات التي ستتولى مهامها..؟ واين سيذهب موظفو تلك الوزرات..؟ وإلى أين سينقل ارشيف تلك الوزرات..؟
وزارة الشؤون القانونية
تعد وزارة الشؤون القانونية بمثابة المستشار القانوني للحكومة، والناظم لادائها، ولذلك نجد ان مختلف الجهات والمؤسسات كانت رسمية او خاصة تتواجد فيها دوائر قانونية، لضبط ادائها بما يتوافق مع القوانين التي تعمل بموجبها.
تطور قانوني
ويعد إنشاء وزارة الشؤون القانونية تطورا قانونيا في المسار التنظيمي الحكومي في اليمن، نظرا للدور الذي تقوم به الوزارة في تعزيز الشرعية الدستورية والنظام القانوني وحماية حقوق ومصالح أجهزة الدولة، ووحدات القطاعين العام والمختلط والمنظمات الجماهيرية وتقديم الخدمات القانونية والتشريعية المتطورة لها، ورفع مستوى الأداء العملي والتطبيق الصحيح للقانون، ومراجعة جميع التشريعات لضمان وحدة التشريع وتوحيد الصياغة التشريعية والمصطلحات والتعابير القانونية، وتحليل كافة التشريعات والأنظمة النافذة وتقييمها وتنقيحها وتطويرها، والعمل على سد أي نقص أو قصور في التشريعات والأنظمة، ومراجعة القوانين والمعاهدات والاتفاقيات، استناداً إلى أحكام الدستور والقانون والسياسة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
صعوبة
وبالتالي يصعب نقل مهام وزارة الشؤون القانونية إلى اي وزارة اخرى، نظرا لأن عمل الوزارة مرتبط بطبيعة المسار القانوني للحكومة ووزاراتها المختلفة، والمؤسسات والمصالح الحكومية التابعة لتلك الوزرات ومختلف الجهات الحكومية.
سؤال اللحظة
وكل هذا يطرح سؤالا مهما، وهو من الذي سيعين مدراء الشؤون القانونية في باقي الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية، بعد ان كانت هذه الوزارة هي المعنية بذلك..؟
مسار تطويري
خلال 34 عاما تطورت مهام وزارة الشؤون القانونية، حيث اصبحت تضم ثلاثة قطاعات، هي:
1- قطاع الإفتاء والتشريع.
2- قطاع قضايا الدولة.
3- قطاع الجريدة الرسمية.
وكل قطاع يضم عدد من الادارات، وكل ادارة مكونة من عدة اقسام، وهو ما جعل من الصعوبة بمكان نقل مهام الوزارة بقطاعاتها المختلفة إلى وزارة او عدة وزارات.
تاثير على الاداء
وفي حال نقل مهام وزارة الشؤون القانونية إلى اللجنة التي تم انشاؤها في مكتب رئاسة الجمهورية لتعديل القوانين، فإن اي لجنة او مركز او هيئة لا يمكنها القيام بمهام وزارة مكونة من عدة قطاعات.
وبالتالي فإن غياب هذه الوزارة يعني سيادة العشوائية في اداء الحكومة.
وزارة الارشاد وشؤون الحج والعمرة
في العام 2021 تغير اسم وزارة الاوقاف والارشاد في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليا، إلى وزارة الارشاد وشؤون الحج والعمرة، بعد ان تم فصل قطاع الاوقاف من الوزارة لتصبح هيئة مستقلة تتبع الرئاسة، وذلك بموجب قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى رقم (4) لسنة 2021م والذي قضى بإنشاء الهيئة العامة للأوقاف.
واصبحت الوزارة بعد الفصل تضم ثلاثة قطاعات، هي:
1- قطاع الارشاد
2- قطاع الحج والعمرة
3- قطاع القران الكريم
وكل قطاع مكون من ادارات، وكل ادارة مكونة من اقسام.
ولم يتضح إلى اي وزارة او وزارات او جهات نقلت هذه القطاعات.
تساؤلات
وتعد هذه الوزارة من اقدم الوزارات في اليمن، وبالتالي فإن إلغائها يثير تساؤلات حول كيف سيتم التصرف بارشفيها، ومصير موظفيها، ومن سيتولى تنظيم المهام والاعمال التي كانت تؤديها..؟!
خلل قانوني
وان كانت مهام الوزارة ستؤول إلى هيئة الاوقاف المستحدثة، فإن ذلك سيؤدي إلى خلل قانوني، لان عمل الهيئة محدد بقانون صدر بقرار رئاسي.
وفي حال نقلت مهام الوزارة إلى وزارة اخرى فإن نفس المشكلة القانونية ستتكرر.
التعليم بمختلف مساقاته
اصبح للتعليم في اليمن ثلاثة وزارات، تتولى كل وزارة مساق معين من التعليم، نتيجة لتوسع التعليم في البلاد، خاصة بعد الوحدة اليمنية.
فالتعليم العام (المدارس) تنظمه وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي (الجامعات) تنظمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والتعليم الفني والتقني (كليات مجتمع، معاهد) تنظمه وزارة التعليم الفني والتدريب المهني.
وفي تشكيلة حكومة التغيير والبناء، جمعت الثلاث الوزارات في وزارة واحدة سميت بوزارة التربية والتعليم والبحث العلمي.
بناء بعيدا عن البناء
ومن التسمية يتضح ان التربية اصبحت مقرونة بالتعليم والبحث العلمي بمختلف مساقاته الثلاثة.
ولما كان التعليم بمختلف مساقاته هو اساس البناء، كان الاولى بهذه الحكومة التي تحمل في اسمها “البناء” اعطائه اهمية كبرى، ولن يتم ذلك من خلال جمعة في وزارة واحدة، وانما ابقائه في وزاراته المتخصصة على اقل تقدير.
وفي ظل التوسع الحالي للتعليم بمختلف مساقاته، وبنوعيه الحكومي والأهلي والخاص، يصعب على وزارة واحدة متابعته ومعالجة مشاكله، والاشراف عليه من قبل وزير واحد.
ارتباطات
وعوضا عن ذلك فإن كل مساق للتعليم ينبغي ربطه بجانب سلوكي، فالتعليم العام مرتبط بالتربية، لان التربية السلوكية والوطنية مقترنة بسن محددة من (6- 18) عاما، والتعليم العالي مقترن بالبحث العلمي، والتعليم الفني والتقني مرتبط بالتدريب المهني، وهو ما يقتضي تنظيم كل مساق من قبل وزارة معنية.
واقع الحال
في السابق، وتحديدا قبل الوحدة اليمنية كانت وزارة التربية والتعليم او وزارة المعارف تنظم التعليم العام والجامعي، نظرا لوجود جامعتين في البلاد، هما جامعتي صنعاء وعدن، في حين كان التعليم الفني والتقني عبارة عن مدارس ومراكز بعد المرحلة الاعدادية في الشمال والموحدة في الجنوب.
توسع فرض المواكبة
اما بعد الوحدة، فقد تعددت الجامعات الحكومية والاهلية، ثم بعد العام 2000م اصبحت بعض الجامعات تمنح درجات الماجستير والدكتوراة، ما اقتضى انشاء وزارة للتعليم العالي والبحث العلمي.
ومنذ مطلع الالفية توجهت الدولة، وفي اطار تخطيط التنمية للاهتمام بالتعليم الفني والتقني، ما استوجب رفع الدرجة العلمية للخريجين من الدبلوم الذي يعادل الثانوية العامة، إلى الدبلوم العالي، او ما يعرف بالدبلوم الجامعي، وانشئت لذلك كليات مجتمع ومعاهد عليا لتجويد هذا النوع من التعليم، ورفد سوق العمل بمخرجات مدربة ومؤهلة، تضاهي في كفاءتها مخرجات الدول المجاورة، بما يفتح المجال امام الخريجين للمنافسة في سوق العمل في دول الجوار، وبشهادات تتوافق درجاتها العلمية مع اشتراطات سوق العمل في تلك الدول.
التعليم الاهلي
ومع توسع التعليم الاهلي في المساقات الثلاثة وجدت ادارات للتعليم الاهلي في الوزارات الثلاث، ومن الصعب جمع تلك الإدارات في ادارة واحدة في الوزارة المدمجة، لان لكل مساق من التعليم الاهلي القانون الذي ينظمه، وذلك ما يعيق حتى انشاء قطاع واحد للتعليم الاهلي في الوزارة المدمجة.
تعدد القطاعات
ودمج وزارات التعليم الثلاث في وزارة واحدة، سيؤدي إلى تعدد قطاعاتها إلى 11 قطاعا، في حين ان المعروف ان زيادة قطاعات اي وزارة عن خمسة مرهق للوزير المشرف على قطاعات الوزارة المختلفة.
تاثير على اداء المكاتب
ومن جانب اخر فإنه من الصعوبة بمكان ان يقوم مكتب واحد للوزارة في كل محافظة بالاشراف على مساقات التعليم الثلاثة، نظرا لوجود عدد كبير من المدارس والجامعات وفروعها وكليات المجتمع ومعهد التعليم الفني والتقني، وبنوعيها الحكومي والخاص.
قطاعات الوزارات
وتتكون وزارة التربية والتعليم من 5 قطاعات، فيما تتكون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من قطاعين، وتتكون وزارة التعليم الفني والتدريب المهني من اربعة قطاعات.
غير مجدي
واذا كان الهدف من دمج الوزارات الثلاث في وزارة واحدة هو إلغاء حقيبتين وزاريتين فقط، وابقاء القطاعات والادارات التابعة لها ومكاتبها في المحافظات كما هي، كنوع من تقليصات النفقات، فإن ذلك غير مجدي، لانه سيبقي على النفقات كما هي، باستثناء نفقات الوزير ونائبه ومكتبيهما فقط، بل وسيجعل من وكيل القطاع يتصرف وكانه وزير، لان تعدد القطاعات سيصعب اشراف الوزير ومكتبه عليها.
اشكاليات الإلغاء
وفي حال ظهرت اشكاليات وتضارب في الصلاحيات بين القطاعات المختلفة، سيؤدي إلى مزيد من العشوائية في عمل القطاعات، خاصة في ظل غياب وزارة الشؤون القانونية المعنية بهذا النوع من النزاعات.
ارباكات
وبناء على ما سبق فإن دمج وزارات التعليم الثلاث في وزارة واحدة سيؤدي ظهور ارباكات تعترض مسار التعليم بمساقاته المختلفة، ما سينعكس سلبا على مخرجاته، وعلى اداء الوزارة لمهامها المتعددة، خاصة وان قطاع التعليم بمختلف مساقاته يعد اوسع القطاعات في البلد، سواء من حيث المستفيدين من المواطنين، او الموظفين، والبنى التحتية.
واي اربكاك في اداء هذه الوزارة سينعكس سلبا على اداء الحكومة بشكل عام، وسيعيق تنفيذ مهامها.
هدف وتأثيرات
وقد يكون الهدف من دمج الوزارات الثلاث في وزارة واحدة السيطرة على مخرجات التعليم من وجهة نظر سلطة الامر الواقع، نظرا لحجم هذا القطاع، غير مدركة ان تلبية هدف السلطة ربما من منظور ايدلوجي لا يخدم الوطن، وان خدم السلطة، فإن تلك الخدمة لن تكون سوى خدمة مؤقتة، وسترتد عليها لاحقا، لأن ذلك يؤثر على كفاءة المخرجات، وهو ما سينعكس سلبا بمرور الوقت على الجانب الاقتصادي، ومنافسة الخريجين في سوق العمل خارج البلد.
للمزيد
قراءة في قوام حكومة التغيير والبناء بصنعاء (1- 3) انقر هنا
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا