لماذا متَّ يا كبير..؟

يمنات
محمد الصُّهباني
لماذا متَّ يا رجل؟ وقد كنت بروح المرح والفكاهة، تبتسم حتى في أقسى اللحظات.
لم تكن تعرف اليأس من الحياة ولا الخوف من الجلادين.
وكنت دليلنا في لحظات الشك. أشعر بأنك كنت قادراً على العيش أكثر من أي وقت مضى، لمقاومة مصاعب الحياة التي كنت تبتسم في وجهها، فتهزمها دومًا.
أعرفك عن قرب، يا معلمنا الحرف والكلمة. كنت تسخر من كل شيء، حتى من الموت، ولم تخف منه أبداً. قلت يومًا: “نحن أشد من الموت”، فأضحكت كل من حولك، ثم عدت لتقول: “الأعمار بيد الله”.
لماذا متَّ يا صديقي وأستاذي؟ هل رحيلك هروبٌ من هذا الشتات، أم كان عقابًا لهذه الأوضاع التي كثيراً ما قلت: “إن علينا مقاومتها بكل ما أوتينا من عزيمة وضمير”؟
كنت تحذرنا من الاستسلام، فلماذا استسلمت للموت، يا أنبل فقيه لغوي، عصفت بك الحياة، ومع ذلك، لم تتخلَّ عن إنسانيتك، بل ظللت صامداً في وجه كل ما ألمَّ بك، ضميراً وولاءً للوطن والأدب؟
أعرف أن الوسط الثقافي والأدبي خذلك، إلا من أصوات نبيلة كانت تواسيك حتى الرمق الأخير من حياتك.
فكانوا عند قدر من الوفاء لإنسان جمَّل حروفهم وكلماتهم وزينها بقلمه اللغوي الكبير.
لم أكن يوما واحداً منهم، بل كنت واحداً من مئات الأصدقاء الذين مرَّ قلمك الفقيه اللغوي على كتاباتهم المتواضعة وتقاريرهم الصحفية قبل أكثر من عقد ونيِّف.
لماذا متًَ يا كبير في حضرة مآسينا؟ كنا بحاجة إلى أن تدلنا على طريق المواجهة، لنصمد أكثر، ولنتذكر معلماً عظيماً اسمه عبد الإله القُدسي!
لروحك السلام والطمأنينة.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا