قاضي يصرخ: نحن نموت والحلال اصبح ممنوعًا علينا

يمنات
القاضي نبيل المقطري*
الى مجلس القضاء الاعلى..
إلى نادي قضاة اليمن..
إلى نادي قضاة الجنوب
إلى كافة القضاة..
كيف يمكن أن يُمنع القاضي من كتابة البصائر، عقود الزواج، التحكيم،الصلح، التجارة، المشاركة في الندوات والورش، والظهور الإعلامي..؟
كيف يُحرم القاضي حتى من بدل التطبيب؟
ويُفرض عليه العيش براتبه الذي ينبغي أن يغطي:
ايجار شقة: لا يقل عن 150 ألف ريال يمني، مع العلم أن الإيجارات بالسعودي لا تقل عن 300 إلى 400 ريال سعودي كحد أدنى.
مواصلات للعمل: لا تقل عن 4000 ريال يوميًا، أما السيارات فتحتاج إلى 10,000 ريال يوميًا كحد أدنى.
معيشة 6 أفراد: ثلاث وجبات رئيسية لا تقل تكلفتها عن 10,000 ريال يوميًا.
فاتورة كهرباء: الوحدة التجارية بـ1000 ريال، بما لا يقل عن 10 وحدات أسبوعيًا.
وايتات ماء: 6000 لتر شهريًا، بتكلفة لا تقل عن 33 ألف ريال.
مصاريف دراسة: المدارس والجامعات لا تقل عن 3000 ريال يوميًا، غير تكاليف الكتب والملازم.
الملابس والأحذية، الحلاقة، مصاريف الجمعة، استقبال الضيوف: ناهيك عن المرض، الأعياد، رمضان، بر الوالدين، الحلويات، ورغبات الأطفال اليومية، والمياه الصحية للشرب.
الغاز المنزلي: بالإضافة إلى إصلاح الأدوات التالفة، زيارة الأقارب، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم. وحفاظات الاطفال والاناث ومسلتزمات الاستحمام والغسيل وووو الخ.
أما القات، والفواكه واللحم والدجاج والسمك والمكسرات والعسل والمعلبات فلا داعي لحسابها؛ دعونا نتحدث عن الأمور الأساسية فقط.
أعلى راتب لقاضٍ – من غير القضاة العاملين في مجلس القضاء والهيئات القضائية العليا – يبلغ اليوم حوالي 500 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 830 ريالًا سعوديًا.
وأدنى راتب يعادل 415 ريالًا سعوديًا، أما الموظف الإداري فيتقاضى نصف هذا الراتب تقريبًا.
لا أدري، هل سيُعتبر هذا المنشور مخالفًا لقرار منع النشر؟
نحن نموت، وأصبح الحلال ممنوعًا عن القضاة، حتى الراتب صار أشبه بالحرام؛ لا يُغني ولا يُسمن من جوع.
مجلس القضاء والهيئات القضائية العليا بعيدون تمامًا عن واقعنا، حيث تغطي رواتبهم وبدلاتهم ونفقات التشغيل والنثريات التي يستلمونها معيشة 5 أسر مكونة من 10 أفراد على الأقل.
أتحداهم أن ينشروا كشوفات رواتبهم ومخصصاتهم المالية! او مخصصات من لجان خاصة وازدواج باكثر من وظيفة ..الخ..
تعبنا، ولسان حال مجلس القضاء يقول: لا يجوز أن يدخل جيب القاضي غير راتبه، والفاسد نحاسبه.
قضاتنا الأجلاء، نناشدكم بالله أن تنقذوا القضاء من الفساد الذي يصعب عليكم وعلى من سيأتي بعدكم معالجته.
لقد أُغلقت كل الأبواب، ولم يُترك سوى باب الشيطان مفتوح.
أنتم بيدكم الحلول؛ فمن استطاع إغلاق باب القضاء لأكثر من عام لأجل حقوق القضاة وتحسين معيشتهم ومحاربة الفساد والمحسوبية والشفافية، هو اليوم من تربع على سلطة القرار في مجلس القضاء الأعلى.
تحسنت معيشتهم فقط، بينما زادت معاناة القضاة في الميدان أضعافًا مضاعفة.
فهل كانت المطالبات والنضال والإضراب وإسقاط المجلس السابق لأجل 10 قضاة أو أقل، أم لأجل كل القضاة؟
الحلول كثيرة؛ إن سألتموني عنها، أقول لكم: عودوا إلى أجندة نضالكم السابقة، تلك التي كانت عناوينها العريضة سهامًا مصوبة ضد المجلس السابق، وستجدون الحلول هناك.
تعبنا… تعبنا.
أقسم بالله أن زملاء لم يجدوا تكاليف غاز المنزل واستبدلوه بالحطب وصعدوا فوق أسقف البيوت.
أقول لكل قاضٍ يشعر بالفاقة والحاجة:
لا تجعل الفساد ضرورة مباحة.
إن الضرورة المباحة هي أن تقبل التحكيم، وتكتب بصائر، وتمارس عملًا آخر بالحلال، وتشارك في ندوات وورش عمل وإعلام، وتسجل بمنظمات الإغاثة والإعاشة، وتشغل أولادك وبناتك بأعمال ليس فيها مفسدة، بما لا ينقص من قدرك كقاضٍ بقدر الإمكان.
تلك ضرورة مباحة، إلا ما اضطررتم إليه.
اقول لمجلس القضاء الاعلى:
إن كنتم قد منعتم البشر من الرقابة عليكم أو نقدكم وأخفيتم عنا ما يجب أن يظهر، فتلك سلطتكم كبشر على بشر.
لكن رقابة الله وسلطته عليكم لن تمنعوها؛ فهو السميع العليم، لا تخفى عليه شاردة ولا واردة، ويعلم ما توسوس به الأنفس.
أتمنى ألا نجد أنفسنا تحت طائلة المحاسبة بسبب ما اضطررنا إليه من المباحات التي منعنا عنها.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبونا.
وإن دامت لغيركم، ما وصلت إليكم.
والساكت عن الحق شيطان أخرس. وكيف لقاض لايجد قوت يومه لا يخرج شاهر سيفه وكيف له ان يعطي غيره ما عجز عن اخذه من حقوق..
حسبنا الله ونعم الوكيل.
* عضو نيابة استئناف تعز
عضو الهيئة الإدارية لنادي قضاة اليمن – فرع تعز
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا