الأمن في اليمن في خدمة من..؟

يمنات
نايف المشرع
في شمال الوطن وجنوبه، شرقه وغربه، شعارهم: “نحمي الوطن والمواطن”، وهو واجبهم الدستوري ومسؤوليتهم الأخلاقية، لكن الواقع يكشف صورة أخرى، حيث تحوّل “الوطن” إلى الحزب والجماعة، وأصبح “المواطنون” هم المسؤولون المتنفذون، بينما الشعب، الذي يُفترض أنه أساس الدولة، صار يُنظر إليه كتهديد أمني يجب مراقبته وضبطه.
لقد باتت المؤسسات الأمنية، التي يُفترض أنها حامية لحقوق الناس وأمنهم، تُستخدم كأدوات لحماية السلطة، وتثبيت أركانها، وقمع كل صوت يطالب بالعدالة والمساواة. فبدلًا من أن يكون الأمن في خدمة المواطن، أصبح المواطن في مرمى الاستهداف الأمني، يُعتقل إن عبّر عن رأيه، ويُطارد إن انتقد، ويُخوَّن إن طالب بحقوقه.
تظهر هذه المعادلة المختلة في سلوكيات الأجهزة الأمنية، في اليمن، حيث يتم التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بوصفها مؤامرات، ومع المعارضين السياسيين كعملاء، ومع الصحفيين كأعداء. بينما تُفتح الأبواب أمام الفاسدين ليواصلوا نهب مقدرات الدولة دون خوف من حساب أو عقاب. في المقابل، يُلاحَق المواطن البسيط بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو مشاركة في تظاهرة سلمية.
إن وظيفة الأمن الحقيقي ليست في تكميم الأفواه ولا في حماية الفاسدين، بل في حماية الوطن بمفهومه الحقيقي: الأرض والشعب والقيم الديمقراطية التي تضمن العدل والمساواة للجميع. أما الاستمرار في نهج القمع والتسلط، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان الشعبي، لأن الأمن الذي لا يحمي المواطن ولا يصون كرامته، يفقد شرعيته مهما حاولت السلطة تجميل صورته بالشعارات الرنانة.
في النهاية، يبقى السؤال: إلى متى سيظل بعض المسؤولين يخلطون بين حماية الدولة وحماية أنفسهم؟ وإلى متى سيظل المواطن يُعامَل كمتهم حتى يثبت ولاؤه للحزب والجماعة وليس للوطن؟
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا
لقراءة وتحميل كتاب فضاء لا يتسع لطائر انقر هنا