العرض في الرئيسةفضاء حر

عن بذور ومحفزات ما يحدث في سوريا

يمنات

جمال حسن

الجريمة تظل جريمة وليست مسألة انتقائية تسقط وفقا لهوية مرتكبها. ففي الأمس سقطت جرائم لأن مرتكبها نظام وميليشيات طائفية مناصرة له، بنظر البعض، وهاهم يدينون جرائم اليوم الشبيهة بجرائم الأمس. وعلى العكس سقطت جرائم اليوم عند شريحة، كانت في الأمس مُجّرمة بالنسبة لهم. وبنفس الذرائع والتبريرات التي استخدمها هذا وذاك.

هؤلاء وجهان لعملة واحدة: الطائفية. لا يعني ان الامتقائية في تشريع المجرم او ادانته تقتصر على الطائفية الدينية. اذ تحضر نفس الانتقائية في صراعات ذات طابع سياسي او مناطقي. لكن الفارق في مخاطر هذه الصراعات.

فكل صراع طابعه دنيوي أو سياسي محض، حتى ما هو مناطقي أو قبلي، أسرع لزوال حوافزه بعد انتهاء النزاع. أما ما كانت محركاته الدين فإن حوافز النزاع تدوم حتى مع انتهاءه.

وما يحدث في سوريا بذور جرى زرعها في السابق، وانتج محفزات القتل. وهذا لا يبرر ما يحدث اليوم، إلا من باب قراءة الأسباب ورواسبه. اذ كان علاجه بتجاوز الأسباب القديمة، أما ما يحدث اليوم فهو تشريع مضاعف لتمدد الطائفية، وتأجيجها. وليس هناك خطر على وحدة أمة أو شعب يفوق ما يمثله الخطر الطائفي.

وما أراه من ترويج للكراهية وتأجيجها، وخلق ذرائعها من قبل شريحة واسعة، ما هو الا تماهي تام في جنون تنساق له المنطقة. محركاته الكراهية والأحقاد الدفينة، وكل هذا وقود لأدوات الطائفية وأمراءها، فأولئك المستفيدين الأكثر من ما يحدث.

والأكثر استفادة من كل هذا دولة الكيان والمستعمرين وكل من لهم أطماع في المنطقة.
وليس هناك سلاح أفضل من استخدام نقمة فئة مضطهدة من الشعب لتحقيق مآرب قوى طامعة. كما حدث في الأمس القريب. وهذا ما عشناه واختبرناه ومازالت نماذجه ماثلة، دون ان نتعلم من تجاربنا.

لذا كل من يخوض في بحر الجنون، بدوافع نقمة باختلاف محفزاتها، في هذا النزاع وعمليات القتل الوحشية، يرى كل ما لا يتماشى مع أهواءه، تحزبا لإجرام ضد آخر يماثله.

ولو استعدنا روح العقل، فإن بعض ما نسوقه هنا، دوافعه المصلحة بنفس القدر ان شيم الأخلاق والانسانية والضمير لا تتقبله. وجوهر المصلحة حماية سلامة أوطاننا ووحدتها، وسلامة أنفسنا، لأن هذا الطيش وشططه حتما تهديد للجميع. والأيام دول.

فهل تفقهون او تتعضون؟

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى