أهم الأخبارالساحة القضائيةالعرض في الرئيسةفضاء حر

من الصفر إلى رئاسة هيئة التفتيش القضائي… عبثٌ لم يسبق له مثيل!

يمنات

في واقعة تُعدّ سابقة خطيرة في تاريخ القضاء اليمني، أصدر مجلس القضاء الأعلى قرارًا بتعيين أحد المواطنين العاديين ” — ممن لم يمارس القضاء يوماً واحداً، ولم يعقد جلسة، ولم يحرر حكماً، ولم يتدرج في أي من المراتب القضائية أو الإدارية — رئيسًا لفرع هيئة التفتيش القضائي بمحافظة صعدة!

هذا القرار لا يمثل مجرد مخالفة إجرائية، بل هو طعنة مباشرة في مبدأ الكفاءة والجدارة الذي يقوم عليه القضاء، وإساءة صريحة لهيئة التفتيش ذاتها التي يفترض أن تكون “العين الحارسة على سلامة الأداء القضائي” لا حقل تجارب للمجاملات والتعيينات السياسية أو المذهبية.

هيئة التفتيش القضائي، بحسب القانون، جهاز رقابي فني بحت، يتولى فحص أعمال القضاة وتقاريرهم وأحكامهم وسلوكهم المهني، ويضع تقييماتهم ويرفع التوصيات بشأن ترقياتهم أو مساءلتهم.

فكيف يعقل — قانوناً ومنطقاً — أن يتولى من لم يعتل منصة القضاء يوماً واحداً مهمة تقييم من أمضوا سنوات طويلة في ساحات العدالة؟

إن هذا التعيين يمثل انحرافاً بالسلطة عن غاياتها، واستعمالاً للوظيفة القضائية في غير ما أنشئت له، ويهدم مبدأ استقلال القضاء وكفاءته المنصوص عليه في المادة (149) من الدستور التي تقضي بأن “القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون”.

ومن الناحية القانونية، فإن هذا القرار يفتقر لأبسط مقومات المشروعية لعدم توافر شرط الأهلية الفنية والتأهيل القضائي المنصوص عليه في قانون السلطة القضائية، كما يشكل إخلالاً جسيماً بمبدأ التسلسل القضائي والتدرج المهني، ويمثل إهانة ضمنية لكل القضاة الذين أفنوا أعمارهم في خدمة العدالة.

إننا في بوابة القانون والقضاء اليمني نحذر من أن مثل هذه القرارات العشوائية ستؤدي إلى انهيار ثقة الناس بالقضاء، وتكرّس ثقافة التعيين بالمحاباة والانتماء لا بالكفاءة والنزاهة، في وقتٍ يحتاج فيه اليمن إلى قضاءٍ نزيه ومستقل، لا إلى سلطة شكلية تُدار بالمجاملات والتوازنات.

فلتتوقفوا عن العبث…

القضاء ليس حقل تجارب، ولا سُلّماً للمجاملات، ولا ميداناً للترضيات السياسية.

القضاء مهنة شرفٍ وعدلٍ ورسالةٍ سامية، ومن يعبث بها، إنما يعبث بأساس الدولة نفسها.

المصدر: بوابة القانون والقضاء اليمني

زر الذهاب إلى الأعلى