شاب يرحل إلى العالم الآخر تاركاً قاتله في الصندوق
الغائب عاد إلى أرض الوطن يحمل على كاهله جبالاً من الهموم، لم يمضِ على رحيله سوى بضع سنين. الغائب لم يكمل دراسته الجامعية، لم يصبح طبيباً بعد ولكنه عاد إلى أرض الوطن.. عاد ليكسر قلب أمه ويقصم ظهر والده.. عاد ليدهس بقدميه أحلام إخوته، الغائب رحل مرة أخرى ولن يعود أبداً.
في وجه المدفع
شحذ الوقت سكينه وانكب يقطع من الليل الوصلة تلو الوصلة حتى كاد يقضي عليه تماماً. جفنا والدة )س . ع . أ ( تمردا على النعاس، شيء ما كان يؤرق مضجعها يبني قصراً من القلق داخلها، الأم الخائفة تركت الفراش، ذهبت لتتوضأ لتصلي ركعتين لله بأن يزيل عنها القلق ولتتأهب لصلاة الفجر، الباقي أجزاء من الساعة على تعالي أصوات مؤذني المساجد للإعلان عن حلول وقتها، الأم الخائفة لاحظت باب حجرة )س . ع . أ ( مفتوحاً ومن الظلام تسخر مصابيح الحجرة المشتعلة. )س . ع . أ ( هو فرحتها الأولى لم يمض على قدومه من إحدى الدول الأوربية التي يدرس فيها الطب سوى أيام، الأم سارت نحو الحجرة وعند بابها تسمرت كالصنم وصرخت بصوت دوى في أرجاء المنزل لترتمي بعد ذلك على الأرض مغشياً عليها، لحظة فقط اجتمع بعدها من في المنزل حول الأم المغمى عليها.. حول من وقفت في وجه المدفع وتلقت القذيفة التي أصابت بعد ذلك باقي أفراد الأسرة.
ليلة فتح الصندوق
يا لذلك المنظر بل يا لتلك الفاجعة )س . ع . أ ( ابن الأسرة الأكبر وحلمهم المنتظر صار جثة هامدة، أقدم على الانتحار، ربط حبلاً إلى سقف حجرته وانتحر به، ورقة صغيرة كتبها قبل انتحاره وضعها في مكان لافت للنظر، الورقة تحوي عبارة )لقد تركت لكم رسالة والشهادة التي عدت بها من الخارج في صندوقي الخشبي، وصيتي أن لا يطلع عليها أحد حتى أدفن(
في اليوم التالي دفن )س . ع . أ ( في مقبرة ليست بعيدة عن منزل والده، وفي ليلة يوم دفنه اجتمع أفراد الأسرة وفُتح الصندوق )س . ع . أ ( شرح في الرسالة سبب انتحاره، كتب تفاصيل قصته في بلاد الخارج، تحدث عن أيام قضاها بعيداً عن كتب الطب ومحاضرات الجامعة؛ قضاها بالتسكع مع الفتيات في شوارع المدينة التي كان يقطنها والتي تعرف فيها على كل راقصات ونادلي باراتها لتكن الشهادة التي عاد بها شهادة طبية وتقرير مخبري يؤكد إصابته بمرض الإيدز.