أرشيف

الفقر يجتاح البلاد..والأزمة السياسية تنذر بتدهور الوضع الاجتماعي أكثر فأكثر

لا يختلف اليمن عن معظم بلدان المنطقة، حيث توجد هوة سحيقة بين طموحات السلطات والنخب السياسية وعامة الناس.
 « الجريدة » استطلعت آمال وهموم مواطنين يمنيين في أعتاب العام الجديد، في ظل جدل سياسي واسع حول تعديلات دستورية أحيلت إلى لجنة خاصة في البرلمان من شأنها أن « تصفر عداد الرئاسة » وتمكن الرئيس علي عبدالله صالح التي تنتهي ولايته عام 2013، من الترشح مجدداً لدورات لا نهائية.

منذ حوالي عشر سنوات، تحرص السيدة فاطمة على أن يواكب نشاطها التجاري البسيط شروق الشمس، حيث تأخذ صباح كل يوم، مكانها المعتاد في أحد الأرصفة في شارع الزبيري وسط العاصمة صنعاء، لتعرض على المارة، بضاعتها المكونة من بعض الأعشاب الغذائية أو العلاجية.
 
« لا يتعدى مردود ما تبيعه تلك المسنة 500 ريال يومياً (2.5 دولار أميركي)، حسب قولها. غير أن ذلك يمثل الطريق الوحيد والأنسب للحصول على قوت أسرتها اليومي » بدلاً من اتجاههم إلى التسول أو ممارسة أعمال غير سوية. منذ بداية نشاطها قبل حوالي عقد من الزمن، لا يتعدى مطلع كل عام جديد عند المرأة السبعينية، كونه استمرارا لمعيشتها الصعبة، غير أنها تعتقد أن كل عام يأتي أتعس وأقسى من العام الذي سبقه.

ولذا فإنها تأمل أن تجد نفسها في العام الجديد، أمام حياة آمنة معيشياً هي وكل الأسر الفقيرة في مختلف المحافظات اليمنية. السيدة فاطمة مثلها مثل ملايين اليمنيين ودعوا عام 2010 وهم على أمل أن يكون المقبل أفضل من الناحية المعيشية بعيداً عن الأزمات الأخرى التي تشغل عبثاً المسؤولين.
 
فيحلم محمود الجعشني (19 عاماً) وهو بائع متجول لعلب المناديل الورقية ولعب الأطفال البسيطة في شوارع صنعاء، أن يعود إلى مواصلة دراسته التي قطعها بسبب الفقر. عبدالله نائف (25 عاماً)، وهو طالب جامعي، يعتقد أن خصم اليمنيين هو الفقر، وطموحهم هو العيش بأمن وسلام، مؤكداً أن مشاغل المسؤولين في السلطة والمعارضة لا تتسق وطموحات الملايين من الناس في الوقت الحاضر.

« ويشدّد نائف على أن اليمنيين بحاجة لأن يعيشوا عامهم الجديد بكل أمل وفرح وتفاؤل، مشيراً الى بعض الأحداث التي أبهجت الشارع اليمني في 2010 رغم هموم المعيشة والفقر، ومنها على سبيل المثال النجاح في تنظيم بطولة » خليجي 20 « أو فوز شاب يمني بلقب نجم الخليج في الغناء. وكغيره من المواطنين الذين استطلعت آراءهم » الجريدة حول طموحات العام الجديد، يقول المواطن حسن محمد (33 عاماً) إنه ليس الهاجس المعيشي فقط هو الذي يشغل تفكيره، ولكن هناك تطورات على الساحة السياسية المحلية والعربية تدعو إلى القلق أكثر وأكثر في العام الجديد.

« ويشير إلى انشغال السلطة والمعارضة بأزمة الانتخابات المقرر عقدها في أبريل المقبل، والتي قرر الحاكم أن يدخلها بمفرده بعد أن أعلنت المعارضة مقاطعتها، معتبرا أن هذا الأمر » مؤسف.

« ويبين أن انفصال جنوب السودان إذا ما تم فإنه سيؤثر على أزمة الجنوب اليمني، من خلال فتح شهية المطالبين بالانفصال، على حد تعبيره. وبالتالي سيدخل اليمن أزمة أكبر تضاف إلى ما هو موجود من مشاكل عسكرية وسياسية أخرى، فضلاً عن آفة تعد أكبر هموم العام الجديد وكل الأعوام السابقة، واسمها » الفقر « ، الذي تتسع رقعته في أوساط الشعب كل يوم. أرقام الفقر ويذكر تقرير للجنة البرلمانية المكلفة دراسة مشروعات الموازنات العامة للعام المالي 2011، ان فقراء اليمن بلغوا في عام 2010 زهاء 42.8 في المئة قياساً بـ 33.8 في المئة في عام 2009. ويشير التقرير إلى أن الظاهرة تتصاعد في المناطق الريفية، حيث بلغت نسبتهم بحسب مصادر الحكومة، 47.6 في المئة خلال عام 2010 مقارنة بـ 38.5 في المئة عام 2009. وارتفع معدل الفقر في المدن إلى 29.9 في المئة قياسا بـ 19.7 عام 2009. ويؤكد التقرير البرلماني أن تصاعد هذه المؤشرات يبيّن أن نمط النمو الاقتصادي الذي تحقّق في السنوات الماضية كان غير مناسب لتحسين أوضاع الفقراء ويعكس عدم كفاية الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة وفعاليتها للحدّ من ظاهرة الفقر، خلافاً لأهداف الخطة الخمسية الثالثة 2006-2010، والتي وضعت في الأساس لخفض معدلات الفقر. مقابل ذلك، تدافع الحكومة اليمنية عن جهودها في المكافحة من اجل معيشة أفضل لمواطنيها في الأعوام المقبلة. وإذ أعلنت غير مرة أسباباً تتعلق بالآثار الإقليمية والدولية على مسيرة تنفيذ خططها السابقة لمكافحة الفقر، فإنها أعدت استراتيجة وطنية للأمن الغذائي بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء » IFPRI في واشنطن، والتي تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثّل في تقليل مشكلة الأمن الغذائي بنسبة الثلث بحلول عام 2015، وتحقيق الأمن الغذائي لـ 90 في المئة من السكان بحلول عام 2020، وتقليل سوء التغذية للأطفال بنسبة 1 في المئة على الأقل كل عام.
 
« الصراع السياسي في سياق متصل، وبينما بات طموح الشارع اليمني لا يتجاوز حدود تحسين المعيشة في عامه الجديد، فإن الأزمة بين الأطراف السياسية في البلد تقرر لها أن تتسع وتشتد أكثر. وهو ما يبعث على المخاوف من أن تنتهي بصراع بين حزب » المؤتمر الشعبي « الحاكم وحلفائه من جهة وأحزاب تكتل » اللقاء المشترك المعارض من جهة أخرى، يكون ضحاياه البسطاء من عامة الشعب.

وتعد هذه الأزمة هي الأشد منذ إعلان اتفاق 23 فبراير 2009 بين الطرفين، والذي قضى بتأجيل الانتخابات النيابية سنتين. وتأتي بعد فشل كل جولات الحوار السابقة بين الطرفين من أجل إجراء تعديلات على قانون الانتخابات، بينما قرر الحزب الحاكم الدخول في الانتخابات المقررة في ابريل القادم بمفرده، وهو الأمر الذي دعا المعارضة هي الأخرى إلى التمسك أيضاَ بإعلان مقاطعة الانتخابات في حال عدم تنفيذ اتفاق فبراير. الجريدة

جريدة الجريدو

زر الذهاب إلى الأعلى