شرطة مكافحة التسول تنهب حنان خاتماً وثمانمائة ريال
فتاة يمنية اسمها (حنان).. عمرها لا يتجاوز الـ(17) عاماً, لا يوجد ما يُميزها.. لأنها مثل ملايين اليمنيين سمراء ومتوسطة الجمال.. وفقيرة.. تعيش في كنف أسرة قتلها الفقر وأدامها العوز.. والدها طريح الفراش.. مُصاب بأورام سرطانية أعجزته عن الحركة والعمل.. ووالدتها متوفية.
وجدت (حنان) نفسها مسؤولة عن رعاية أسرة.. وتحمل أعباء بيت.. لأول مرة خرجت (حنان) صباح يوم كئيب من المنزل باتجاه مدينة حدة، لغرض مُحدد.. وهو أن تجد من يُحسن إليها، ويُقدم لها صدقة بأي مبلغ كان، كي تتمكن من شراء حبة دواء، وكسرة خبز، ولم يدر في خلدها أنها ستفقد ما كانت تملكه أصلاً!.
في ذات اللحظة التي كانت فيها (حنان) تقف إلى جوار سيارة (مرسيدس).. أقبلت حافلة (باص).. تقل ثلاثة من الجنود والمدنيين.. في تلك الأثناء أيضاً أستطاع جمع من المتسوّلين المحترفون الفرار من المكان، لم تكن هناك سوى الفتاة (حنان) التي بدأت رحلة التسوّل صباح ذلك اليوم.
عندما فُتح باب ذلك الباص، وترجل منه أحد الجنود (هنا تأكدت حنان أنها هي الهدف) وقام وبطريقة عنيفة وغاية في الوحشية بانتشالها (حنان) وقبض عليها من الرقبة، وحملها وكأنها طير ذُبيح وقذف بها إلى وسط (الباص).
كان المشهد مستهجناً ومؤلماً، لم تشفع لـ(حنان) توسلاتها وبكاؤها.. ولم تجد تدخلات المواطنين الذين استنكروا هذا الفعل المشين.
ظليت للحظات مُسمراً أمام هول المنظر، وحين تحرك (الباص) دفعني الفضول الصحفي للحاق بهم بدراجة نارية (موتر) لمعرفة المكان الذي سيصلون إليه.
(حنان).. رأت الرُعب!
لم أُصدق عيني.. وأنا في جولة المصباحي، بعد أن توقف (الباص)، وترجلت منه (حنان)، وهي تجهش بالبكاء.. وتذرف الدموع بحرقة وألم، وللمرة الثانية.. أقتربت منها محاولاً معرفة ما حدث؟.. وكيف جرى التعامل معها؟.. فقالت حنان إن الجُندي الذي قبض عليها قام بتفتيشها بدقة، ولم يجد معها شيئاً انتزع بعُنف خاتم الذهب من أصبعها، وهو الخاتم الوحيد الذي تملكه، والذي كانت قد ورثته من والدتها.. وهو الذكرى الوحيدة لها.
ولم يكتف بذلك.. بل أستلبها ثمانمائة ريال كانت بحوزتها إلى جانب هاتف جوّال صناعة صينية مستعمل لا يتعدى ثمنه أكثر من ألفي ريال.
وبعد أن أنهى مُهمته.. قذف بها إلى رصيف الشارع.. وهذا في أسلوب جديد لمكافحة التسول باليمن..