توماس جوردان، رئيسا جديدا للمصرف الوطني السويسري
مثلما كان متوقعا، قامت الحكومة السويسرية بتعيين توماس جوردان رئيسا جديدا للمصرف الوطني السويسري (البنك المركزي).
ويعتبر جوردان، وهو أستاذ جامعي، من ذوي الخبرة ومن الوجوه المحافظة، كما أنه كان يتقلد هذا المنصب بشكل مؤقت منذ بداية العام 2012.
ويبلغ الرئيس الجديد للمصرف الوطني السويسري من العمر 48 عاما، وهو ذو شخصيته هادئة جدا، كما أنه من ألدّ أعداء التضخم ومن أبرز منتقدي سياسات الاتحاد النقدي الأوروبي.
ويختلف توماس جوردان عن فيليب هيلدبراند من عدّة نواح، فالرجل أكاديمي بمعنى الكلمة، هادئ الطبع لدرجة السكون، يهتم كثيرا بالدقائق والتفاصيل، وأسلوبه في التعامل، مقارنة بسلفه، يميل “أكثر إلى البساطة والكتمان، بالإضافة إلى أنه يعرف تماما ماذا يريد”، هكذا وصفته الصحيفة اليومية باسلر تسايتونغ قبل بضعة أسابيع.
ويرى الخبراء بأن توماس جوردان يملك بالتأكيد القدرة على العمل بأسلوب مغاير لسلفه فيليب هيلدبراند، لكنه سيبقى يشاطره ذات الهدف، وقد أعلن هو بنفسه عن ذلك للصحافيين، بعد أيام قليلة من تعيين الحكومة له رئيسا مؤقتا، حيث قال بأنه يجب أن يبقى الحد الأدنى لسعر صرف اليورو في مقابل الفرنك في حدود 1,20 فرنكا لليورو الواحد.
ويُذكر بأن الحكومة السويسرية كانت قد عينت جوردان على رأس المصرف المركزي يوم 9 يناير الماضي، خلفا لهيلدبراند الذي اضطر إلى الانسحاب القسري على اثر قضية تحويلات مالية مثيرة للجدل، قامت بها زوجته وجاءت قبل وقت قصير من قرارات تهم السياسة النقدية اتخذها المصرف المركزي السويسري.
نظيف السيرة
وفي 7 مارس 2012، جاء إعلان المجلس الإداري للمصرف المركزي السويسري بأن تحقيقا أجري بشأن المعاملات المالية الخاصة وأظهر بأن توماس جوردان لم يرتكب أي خطأ، مما مهّد الطريق أمام تعيينه رئيسا للمصرف المركزي بصفة دائمة.
أما الصحافة التي انتقدت منذ يناير 2012 بطء إجراءات الحكومة من خلال أعمدتها الإخبارية الخاصة بالاقتصاد السويسري، رأت أن الإعلان جاء متأخرا، فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر الإعلان عن سلامة جانب جوردان أو فتح الطريق أمامه من حين تم تعيينه في منصب نائب الرئيس.
وقطاع الاقتصاد، وخاصة قطاع التصدير، كان ينتابه قلق بالغ من قوة الفرنك، ولم يكن يرغب لكرسي الرئاسة أن يبقى شاغرا، الأمر الذي أخذه المصرف الوطني في الاعتبار حين استجاب لتلك التخوفات وقام في سبتمبر 2011 بتثبيت المعدل الأدنى للصرف عند 1,20 فرنك لليورو الواحد.
أضف إلى ذلك، أن القطاع الاقتصادي كان يرأى في توقيت انسحاب فيليب هيلدبراند بأنه لم يكن موفقا، لاسيما وأن الرجل في اعتبار هذا القطاع وضع سياسة نقدية ذات مصداقية وناجحة.
أما صحيفة آرغاوار تسايتونغ اليومية، من جانبها، فقد اعتبرت الإعلان عن طهارة جناب توماس جوردان بأنه وضع حدا لكل الشكوك والتوجسات، وعلّقت قائلة: “إن كل الاعتراضات والتعلات التي كانت تدور خلف الكواليس حول الاتجاه المستقبلي للبنك الوطني، لم تعد ذات قيمة”، ومن وجهة نظر الصحيفة أن الحقائق كانت على الطاولة وأنه لم يكن أمام الحكومة سوى سرعة التحرك.
ولا ننسى كذلك الإشارة إلى ضرورة ملحة كانت وراء تعجل الأوساط الاقتصادية وبالتالي الإعلامية لشغل منصب رئاسة المصرف المركزي، وتتمثل في إتاحة الفرصة أمام توماس جوردان بتعيينه رئيسا دائما – وفقط في هذه الحالة – ليشارك في الاجتماعات الدولية، ولعل الأهمية تبدو أكثر إلحاحا عندما يتعلق الأمر بإنقاذ اليورو أو بمسألة تنظيم الأسواق المالية.
سياسة نقدية “غير مرتبط بشخص”
ليس سرا القول بأن الساحة المالية السويسرية تميل أكثر إلى العملة القوية والمستقرة وإلى تضخم منخفض، هذه هي وجهة نظر النائب السابق والمشرف على الأسعار رودولف شتراهم وغيره من خبراء الاقتصاد السويسريين، بينما تفضل الأوساط الصناعية انخفاضا نسبيا في قيمة الفرنك ونسبة مائوية معينة من التضخم بدلا من خفض نشاطها.
وبالنسبة لهذا الموضوع، فإن سلف توماس جوردان جعل سعر الصرف، وبكل وضوح، على رأس الأولويات، وهذا معناه أن الحفاظ على سعر صرف لليورو، في حدود 1,20 فرنك، سيقود، بالضرورة، إلى مخاطر تضخم ليست بالهينة.
غير أنه عندما استلم توماس جوردان رئيسا مؤقتا للمصرف الوطني السويسري، في يناير 2012، صرح لصحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الرصينة، أن السياسة النقدية للمصرف الوطني غير مرتبطة بشخص، وإنما “تضبطها سياسة برلمانية موكل بها المصرف الوطني المركزي”.