أرشيف

اليمن: السلطة والمعارضة تدخلان «معركة سياسية» ومخاوف من إلغاء الانتخابات بحجة عدم تهيئة الأجواء

 صعّدت السلطة في اليمن من لهجتها السياسية ضد أحزاب المعارضة لدرجة غير مسبوقة، في محاولة منها للرد على انتقادات المعارضة لها واتهامها بعدم الجدية في تهيئة الوضع السياسي لإجراء الانتخابات النيابية القادمة في أجواء حرة ونزيهة.

وشهد اليومان الماضيان تصعيدا سياسيا كبيرا بين السلطة والمعارضة لدرجة شعر العديد من السياسيين بأنها وصلت إلى درجة (اللارجعة) والمرشحة للتصعيد الخطير الذي قد يشهد معه الوسط السياسي اليمني انتكاسة وإلغاء للانتخابات النيابية القادمة المقررة في نيسان (إبريل) من العام القادم، بعد أن كان الطرفان اتفقا مطلع العام الماضي على تأجيلها لمدة سنتين لتسوية الوضع الانتخابي، لكن لم يشهد الوضع السياسي أي تقدم في هذا الجانب.

وكلما اقترب موعد الانتخابات النيابية اليمنية، ازدادت حدة التصعيد بين الجانبين، وهو ما يعطي مؤشرا قويا بدخول البلاد في موجة من الحرب السياسية مع المعارضة عقب إيقاف الحرب المسلحة مع المتمردين الحوثيين في صعده بشمال اليمن، ومحاولة تهدئة الأوضاع في المحافظات الجنوبية.

ويتبادل الطرفان، السلطة والمعارضة، الاتهامات باستمرار حيال تعكير الوضع السياسي في ظل الاخفاق في الجلوس إلى طاولة (الحوار) بدلا من التصعيد السياسي والاعلامي، وذلك إثر عدم ثقة أي من الطرفين بما يتم التوصل إليه من التزامات واتفاقات مبرمة بينهما.

وفي ظل هذا الوضع اتهمت السلطة أحزاب اللقاء المشترك المعارضة (تكتل لستة أحزاب رئيسية) أمس بأنها تضع العراقيل والشروط التعجيزية لإعاقة تنفيذ الاتفاقات المبرمة معها 'في إطار مخطط مكشوف لعرقلة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد وإدخال البلاد في متاهات الفراغ الدستوري'.

وقال حزب المؤتمر الحاكم أمس 'إن من العار على قيادات أحزاب المشترك أن تدعي التزامها باتفاق شباط (فبراير) ـ اتفاق تأجيل الانتخابات لمدة سنتين لتسوية الوضع السياسي لذلك ـ وهي التي تعمل بكل ما أوتيت من قوة على إجهاضه والتنصل منه وعدم تنفيذه فمرة تختلق قصة المجرمين وقطاع الطرق والخارجين عن الدستور والنظام والقانون من العناصر التخريبية والانفصالية الذين تحالفت معهم ومرة تختلق قضية حلفائها من المتمردين والخارجين على الشرعية من العناصر الحوثية التي أشعلت الفتنة في صعده ومرة تضع في طريق تنفيذه الإدعاءات الباطلة والشروط التعجيزية التي لا تنتهي'.

واتهم حزب السلطة تكتل (المشترك) المعارض بالسعي إلى عدم إجراء الانتخابات في موعدها المقرر من العام المقبل وإلغاء الهيئات والمؤسسات الدستورية من أجل الوصول إلى حالة الفراغ الدستوري والفوضى حتى يتمكن من تحقيق مآربه، مع أن الاتفاق خصص لإجراء تعديلات دستورية لتطوير النظام السياسي والانتخابي في البلاد وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإجراء التحضيرات للانتخابات النيابية القادمة.

وأضاف 'نحملكم مسؤولية ما يجري من إضرار بالوطن أما المؤتمر الشعبي العام فسيتحمل مسؤولياته بكل شجاعة ولن يحتاج من صناع الأزمات والداعين إلى الفتنة حماية الأمن الذي هم وحلفاؤهم يستهدفونه بأفعالهم وأعمالهم الخارجة على النظام والقانون'. مشددا على أن حزب المؤتمر الحاكم سيمضي إلى إجراء الانتخابات باحترام ودعا أحزاب المعارضة إلى توقيع الآلية التنفيذية لاتفاق تأجيل الانتخابات المبرمة بينهما العام الماضي، التي تم التوافق عليها 'بدلاً من هذا العبث وضياع الوقت واللجوء إلى التضليل والمؤتمرات واستخدام العبارات والجمل الممجوجة والهروب من تحمل المسؤوليات'.

وكانت احزاب المعارضة اتهمت السلطة وحزبها الحاكم خلال مؤتمر صحافي بالسعي إلى التنصل من اتفاق شباط (فبراير)، وتعكير الأجواء السياسية ومن ثم الانتخابية.

وقال رئيس المجلس الأعلى لتكتل أحزاب اللقاء المشترك الدكتور عبد الوهاب محمود ـ زعيم حزب البعث ـ ان 'المشترك لا يزال حريصا على إزالة وترميم كل العقبات التي تقف أمام الحوار'.

وحمل الحزب الحاكم مسؤولية عدم تنفيذ اتفاق شباط (فبراير)، إثر وجود تناقض بين أطراف السلطة وتعدد آراء في هذا الجانب.

وأضاف محمود 'كلما وصل الاتفاق مع الحزب الحاكم إلى المرحلة الأخيرة تعود مرة أخرى إلى الصفر بسبب رفض الحزب الحاكم تهيئة الأجواء السياسية للحوار، وأن الكرة لا تزال في مرمى الحزب الحاكم'.

وفي الوقت الذي أكد فيه رغبة أحزاب تكتل المشترك في السير مع السلطة إلى مرحلة الحوار الوطني الشامل، قال ان 'توقف الاتفاق الأخير مع الحزب الحاكم كان بسبب تحفظ رئيس الجمهورية على بندين هما حيادية وسائل الإعلام، والإفراج عن المعتقلين'.

من جانبه أكد الأمين العام لحزب الاصلاح وعضو القيادة العليا لتكتل اللقاء المشترك عبدالوهاب الانسي أن أحزاب المعارضة لم تجد عذرا واحدا لما تمارسه السلطة من انتهاكات، وأن تكتل المشترك متضامن مع القضايا المطلبية الحقوقية لأبناء المحافظات الجنوبية والتي لن تحل إلا عبر حوار وطني شامل وهي التهمة التي تحاول السلطة إلصاقها بالمعارضة بدعم الحراك الجنوبي المناهض للوحدة.

'وعن اتفاق تكتل المشترك مع جماعة الحوثي أوضح الانسي أن 'الاتفاق مع الحوثيين نص على نبذ العنف واعتماد النضال السياسي السلمي ومؤتمر الحوار الوطني ووثيقة الإنقاذ طريقا لحل قضية صعده وتداعياتها وآثارها والتمسك بالتسامح والتعدد والمواطنة المتساوية والوحدة الوطنية والدستور والقانون'.

إلى ذلك أكد الأمين العام للحزب الاشتراكي وعضو المجلس الأعلى لتكتل اللقاء المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان أن 'خطاب الحزب الحاكم ينم عن استهلاك الوقت بدليل تكرار نفس الكلام في كل خطاباته باستثناء أنه أضاف في خطابه الأخير الحوار تحت قبة البرلمان'. وأشار إلى أنه لا توجد لدى أحزاب تكتل المشترك أي حساسية تجاه البرلمان 'إلا أن الحزب الحاكم يتعامل مع هذه المؤسسات الرسمية وكأنها ملكية خاصة'.

واتهم نعمان الحزب الحاكم بالانقلاب على اتفاق شباط (فبراير) أكثر من مرة فيما 'المشترك أعلن ولا زال يعلن تمسكه بالاتفاق باعتباره مرجعية الحوار الوطني'.

وعبّر الأمين العام للاشتراكي اليمني عن استغربه لتخلي السلطة عن مسؤوليتها ممن أطلقت عليهم قطاع الطرق والقتلة فيما هي تمارس القمع والقتل والإرهاب ضد الصحافيين والسياسيين والناشطين الحقوقيين.

 'القدس العربي' ـ خالد الحمادي

زر الذهاب إلى الأعلى