أرشيف

ياسمين .. هربت من جحيم الحالمة فافترستها ذئاب العاصمة

ضحية العُنف الأسري

تعددت حالات العُنف الأسري.. في المجتمع، وهذه الواقعة ليست الوحيدة، فهناك وقائع كثيرة ، وكلها تستحق التوقف والتأمل، ومن ثم السؤال: إلى متى يظل الأزواج يتعاملون بالعنف؟!.

 تلذذ بالسادية!

ياسمين في بداية العقد الثاني من العمر فقدت والدها وهي لم تكمل بعد ربيعها الحادي عشر، وبعد رحيل والدها عاشت حياة الذل والبؤس والشقاء.. وذاقت صنوفا شتى من التعذيب والإهانة والإذلال على يد زوج أمها الذي تزوجت به بعد عام من رحيل والد ياسمين.. الذي رحل عن الدنيا دون أن يورث لزوجته وابنتهً سوى منزل قديم يتكون من غرفتين، ويقع في إحدى أرياف محافظة تعز، كان قد ورثه عن والده.

الفتاة قالت بألم وحسرة أن زوج والدتها كان يعتدي عليها بالضرب المبرّح، على أي تصرف وإن كان تافهاً، بل أنه كان يتلذذ حين يسمع صرخاتي وبكائي وكأنه مرض متأصل فيه.

ولتفادي استمرار الاعتداءات من الزوج كانت الفتاة ياسمين لا تجد من تشكو إليه حالها سوى أمها، لعلها تضع حداً لذلك.. لكن الأم كما تقول ياسمين تعيش هزيمة نفسية، وخوفا ورعبا من رد فعل زوجها، فكانت مسلمة بالأمر، صاغرة له، كما لو أنها مباركة وموافقة على تصرفاته والعنف الذي يتعامل به مع ابنتها.

الهروب من الجحيم!

عندما وجدت ياسمين نفسها وحيدة.. بدون سند ولا حماية.. وعاجزة عن مقاومة هذا الزوج المتوحش لوالدتها.. قررت الهروب والابتعاد عن المنزل بأي طريقة، والاتجاه صوب العاصمة صنعاء، كي تستطيع تحمل مسؤولية نفسها، وتحقق أحلامها.

كانت ياسمين تحرص دائماً على البحث عن عمل يؤمن لها أدنى متطلبات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب.

حين وصلت إلى العاصمة صنعاء سرعان ما اصطدمت بالحقائق على أرض الواقع، وتحطمت أحلامها في إيجاد فرصة عمل شريفة.

ومع بداية مشوارها لم تجد سوى بشر لا ضمائر لهم ولا قيم.. تعمدوا مضايقتها، وإيقاعها بشباكهم، ويذهب البعض الآخر منهم إلى تصنّع الحب كحيلة للوصول إلى أغراضهم الدنيئة.

تبدأ رحلة هذه الفتاة عندما وجدت عملاً في إحدى المحال التجارية الخاصة بالاتصالات الهاتفية.. براتب شهري قدره عشرون ألف ريال، دون أن تعلم أن هذه الوظيفة ماهي في الحقيقة إلاّ شرك رسمه صاحب المحل لغرض آخر تماماً.

المهم.. ما كادت تتذوق حلاوة الأمان والاستقرار في أول شهر من عملها، حتى كشف الذئب الآدمي نواياه الحقيقية، وأقدم في إحدى الليالي الكئيبة المظلمة على اغتصابها، وقام بتهديدها بالقتل في حالة فضح الجريمة.

أمام ذلك التهديد بالقتل رضخت (ياسمين)، ووجدت نفسها منصاعة لأوامر صاحب المحل وملبية لطلباته.

تحولت الفتاة إلى رمز للصمت، وتحوّل الرجل إلى رمز للخطيئة.

الذئب البشري.. جعله ذلك الصمت أكثر جرأة ووحشية، فاستمر يكرر عملية الاغتصاب مع الفتاة، حتى وصلت الفتاة لمرحلة كانت فيها على استعداد لممارسة الرذيلة برضاها وقناعاتها.

 من الاغتصاب.. إلى الخطيئة!

جرأة ياسمين.. هذه المرة أكثر بُعداً، فقد قررت ترك العمل غير عابئة بالنتائج، ومن جريمة الاغتصاب التي تعرضت لها، إلى جريمة أكثر خطورة، وأشد فتكاً وقعت فيها، وساهمت فيها قساوة الظروف.. وظلم المجتمع.. وكانت نهايتها أن أصبحت هذه الفتاة إحدى بائعات الهوى.. في فنادق.. وشقق أمانة العاصمة.

 المصير المظلم!

من المؤكد أن التفاصيل التي وردت في هذه القضية.. هامة للغاية، ومن المؤكد أيضاً أنها تحمل دلالات غاية في الخطورة سواء على الجانب الاجتماعي العام أو على المستوى الشخصي.

(ياسمين) التي تعد في نظرنا ضحية، تدرك تمام الإدراك أن مصيرها مُظلم، وأنها تمارس عملاً.. كُله حقارة وانحطاط، ومع ذلك لابد من الإشارة إلى أن (ياسمين) بدت واثقة من نفسها.. وهي تُحمِّل أمها وزوج أمها تبعات ما آلت إليه حالتها.

 أُمنيات.. بعيدة المنال!

رغم هذا المشوار المليء بالمخاطر والخطايا، إلاّ أن ياسمين لم تزل تتمسك ببصيص من الأمل، فهي كما قالت: تحلم بالزواج من إنسان محترم وطيب يقدر الحياة الزوجية، حتى لو كان فقيراً، فهي على استعداد للعيش معه في خيمة، لكنها استدركت الواقع الذي تعيشه، وسألت: من هو ذلك الإنسان سيرتضي بها ويقدم على الزواج بها، وهو يعرف تاريخها وما مرت به من خطايا.

وقالت: أنها وجدت أناسا عندما يستمعون لقصتها ينصبون لها محاكمة، وتُعلق على ذلك بالقول: إن من يستحق أن تنصب له المحاكمة هو والدتها وزوجها.. وليس هي!.

 

زر الذهاب إلى الأعلى