أرشيف

القضية الجنوبية….بناء الدولة اليمنية

سوف اعتمد في تقييمي لمواقف وادوار الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في المرحلة الراهنة والحرجة التي تعيشها بلادي اليمن على القول المعروف الذي ازعم أنه قولاً علمياً صرف القائل (الشرع بالظاهر).


لهذا لن نعود إلى دوافع وخلفيات مواقفهم التي أثق أنها متشعبة وربما يسود بعضها شئ من ردود الأفعال الشخصية أو حتى فقدان مصالح أو لخلافات شخصية أو حتى لطموحات ربما تصل إلى أن تكون غير مشروعة ذلك إن هذا متروك للزمن والأيام القادمات لتقول عنه وتقيمه سلباً وإيجاباً حيث الأفراد والجماعات أيا كانت كما يقول علم الاجتماع إنما تصنع أو تغير مواقعها يميناً أو يسارا بفعل أحداث وممارسات حياتيه أحيانا يكون بعضها متناهية في الصغر أو التفاهة إلا أنها تضع صاحبها وفقاً لكيفية تلقيها أو تفسيرها أما في موضع الأبطال المحليين أو القوميين أو العكس لتحط من قدرة أن كان له قدر وتحوله إلى الانحطاط. أن ما نحن بصده اليوم هو الموقع والوضع الذي قرر فيه الأبناء إن يضعوا أنفسهم فيه دفعة واحدة في ظل وضع دقيق وخطير تعيشه الساحة اليمنية جراء نشوب ثورة شبابية شعبية سلمية عارمة ضد النظام الذي كان والدهم من أعمدته إلى سنوات قريبة بل ويصف بأنه صانعه وداعمة الأول.


نحن اليوم على بعد قليل اقل من عشرين يومياً منذ اكتمل الأبناء جميعهم ضمن نهج واحد معلنين وقوفهم إلى جانب ثورة الشباب السلمية واستعدادهم للتضحية من اجل انتصارها وبناء نظام جديد تسوده الديمقراطية ألحقه والحرية والنظام والقانون والمساواة وفقا لشعارات الثورة التي أعلن الأبناء تأييدهم المطلق لها. إن لهذا التحول بدايات هامة سجل فيها السبق والدهم المغفور له الذي كان يشكل ثقلا كبيراً في الساحة السياسية والاجتماعية كأحد اكبر مشايخ اليمن وذلك عندما أعلن بأن البلد تسير في نفق مظلم طالب بتدارك أخطاره بإجراء إصلاحات في إطار برامج الحكومات والسياسات العامة.


هذا التصريح الذي قرئ خطأ من قبل النظام بردة فعل سلبية كان اعلانها بطريقة غير لائقة بل وبذيئة عبرت عن عدم القبول بالتصريح أو الإعتراف بالحقيقة التي كانت واضحة للكثيرين بما قاله الشيخ الذي كان حينها رئيساً لمجلس النواب ورئيساً لحزب تجمع الإصلاح المعارض.


لقد أسرع الحاكم بالسير بخطى حثيثة في الاتجاه الخطأ ليترك للفساد تغولة في كافة مناحي الحياة وهو الأمر الذي قاد إلى تغيرات كبيرة في التركيبة السياسية وإفراز تحالفات وتبديلات في المواقف كثيرة من الشخصيات.


ولأننا بصدد تقييم موقع ومواقف أولاد الشيخ الأحمر غفر الله له, فان من اللافت بشكل لا غبار فيه تمرس كل أبناء الشيخ اليوم في صف الثوار الذين يضمون في صفوفهم الاشتراكيين والناصرين والبعثتين والرابطين والحراكيين والحوثيين والشعبيين والاهم من ذلك أنهم مع شعارات الثورة وأهدافها في بناء الدولة المدنية الحديثة المعتمدة على النظام والقانون والديمقراطية والحرية والمساواة وهو الأمر الذي يؤكد كل الباحثين وعلماء الاجتماع بأنها على النقيض مما كان يحافظ عليه رجال اليمن التقليديون الذين يأتي على رأسهم المرحوم الشيخ عبد الله وذلك من الاعتماد على الأعراف والتقاليد القبلية المتوارثة من عصور ما قبل الدولة والتي كان لها الأثر السلبي في مسيرة تطور البلد.


اننا أمام شباب أن جاز لنا التعبير تجاوزوا لعمر الشيخ صادق, لا يستطيع اليوم أن ينكر دورهم أو مواقفهم أكبر جاحد أو حاقد من أنهم قد شكلوا رافدا كبيرا وعظيما وهاما لهذه الثورة بحكم ثقلهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ليسجلوا مواقف وأفعال تسند الثورة بشكل كبير له الأثر لا البالغ أن استمروا في خطاهم هذه دون انحراف وذلك في ضمان الوصول إلى مجتمع يمني عروبي جديد وخلاق.


صحيح أن عماد هذه الثورة هو الشعب وقادته البارزون من السياسيين ورجال الثقافة والفكر ومعهم قيادات منظمات المجتمع المدني وقواه الاجتماعية الفاعلة, الا ان الصحيح أيضاً وما لا يستطيع أن ينكره أحد هو القدر الكبير من الدفع والنجاح والبروز الذي شكله أيضاً شباب بن الاحمر لهذه الثورة حيث يمكن لنا أن نلمح ثلاثة مجالات رئيسية هامة كانوا فيها الأبرز في التأثير الذي انعكس إيجابيا بشكل كبير في نصرة الثورة والدفع بها إلى الأمام بثبات وقوة.


الأول: التأثير الواضح والواسع في طائفة كبيرة من مشائخ البلد وقبائلهم وهو ما أدى إلى إعلان الكثير منهم الانضمام إلى صفوف الثورة ووقوف البعض على الحياد, على أن العظيم هنا هو القفزة الكبرى والهائلة التي يلحظها المراقب بمستوى الوعي الذي انتشر وتعزز برفض محاكاة أساليب وممارسات العنف والإصرار على السلوك السلمي حتى الآن وهو الأمر الذي يمثل نقلة هائلة جدا وخروجا عن المألوف الذي جبلت عليه قبائل وشخصيات اليمن منذ الأزل يمكن لنا معها إن نقول بأن هذا الأمر بذاته يمثل ثورة كبرى بكل معنى الكلمة في طرق التعامل بالحوار والحديث والتظاهر بعيدا عن السلاح الناري والأبيض وما يؤدي إليه من قتل ولعل ذلك لأول مرة في تاريخ اليمن.ٍ


الثاني:الدعم المادي المباشر والغير مباشر وهو الأمر الذي يشكل عمود أي نشاط عام ويكفي هنا الإشارة إلى قناة سهيل الفضائية التي يمكن لنا إن نسميها بنصف الثورة.


الثالث: الدخول بالثورة على الخط بشكل مؤثر على المستوى الخارجي بأكثر من دائرة أكانت إقليمية أو دولية ومنافسة النظام في بعض منها بعد أن كانت في السابق مغلقة عليه وحسب.


أعرف أن كثيرين سيحنقون من مضمون مقالتي هذه او زمنها إلا أنه لا يستطيع أي فرد أن يحزم بعدم وجود فوائد لطرح من هذا النوع خاصة إذا ما بينا المحك الذي هم فيه أولاد الشيخ في المرحلة اللاحقة للتغيير فبمقدار ما شخصنا حالة نزعم بأنها حقيقية كما اشرنا في المقدمة فإننا لابد من إن نختتم ذلك بما نتمناه من أولاد الشيخ وما يمثل بالتالي نصيحة من محب لوطنه وشعبه في المقام الأول.


من ناحية ثم ما يمثل المحك الصعب والخطير الذي سيواجهونه ويتطلب منهم الصمود إزاءه من ناحية أخرى .


إننا اليوم لا نكره علي عبد الله صالح كشخص ولا أولادة إخوانه ولكنا نكره السلوك والأفعال التي لا تخفى عن أعين اكبر المزايدين أو المناصرين حجم سوأتها وخطورتها وكارثتها وقد كان كاتب السطور في أكثر كتاباته الناقدة للفساد دائما ما يختتمها بتمني أن يتم التغيير على يدي الأخ الرئيس علي عبد الله صالح للعديد من الأسباب التي يعرفها العقلاء.


واليوم يجوز لنا أن نمدح بحق سلوك أولاد الشيخ عبد الله ونشيد بمواقفهم مع الشعب وقواه السياسية والمعارضة ولابد أن نكبر فيهم هذا النبل وهذا الصمود على أن ما يزيدهم احتراما ورفعة تمسكهم بالسلم وعدم انجرارهم إلى العنف وتواضعهم المقدر في التعامل مع كل ذي صاحب رأي أو موقف او عقل في أحزاب المعارضة وقادتها والتشاور معهم وأخذ آرائهم دون النظر إلى أوضاعهم الاجتماعية والذي يمثل بحق. نقلة كبيرة وعظيمة في مستوى إدراكهم لحجم المتغيرات أن على الساحة الوطنية أو الساحة الإقليمية والدولية إنهم أمام الامتحانات ما ستعلن المرحلة الانتقالية قريبا بعد دخول الأخوة الخليجيين على الخط وستضع الايام القادمة الاولاد أمام المحك الحقيقي والصعب فاما النزوع الحقيقي إلى التغيير والدخول الى روح العصر وبالتالي التخلي عن كل ماله صله بموروث التخلف من العادات والتقاليد التي لم تعد تتناسب وروح العصر وهو ما سوف يجعل أسماءهم تكتب بأحرف من نور في سجلات التاريخ كمساهمين فعليين مع بقية القوى الخيرة والفاعلة في ما يمكن القول بأنه الثورة الكبرى التي ستعيد لليمن الاعتبار ليحل مكانه اللائق بين شعوب المنطقة والعالم.


وأما النكوص والتراجع عن إعلان وقوفهم مع الشعب وبالتالي الركون إلى نفس الأساليب والبرامج السابقة الممقوتة من شعبنا والمتسببة في انتشار الفساد وزرع كوابح التقدم والرقي وهو ما سوف يضعهم حتما في مزبلة التاريخ وهو الموقع الذي لا نرجوه لهم بكل صدق.


إنهم بالفعل أمام امتحان ليس بالصعب إلا أن نقول أمام الانجذاب والاسر للموروث من التقاليد السيئة أو التي تجاوزها العصر وما إلى ذلك من تقاليد الشيخ التي عطلت القوانين والنظام والمساواة ويمكن أن نجزم بأن عصرهم الآن يساعدهم بقوة بخلاف ظروف زمن والدهم الله يرحمه حيث الآن العالم يعج بالثورات والتغيرات الكبرى.


القضية الجنوبية


إن أمامهم أن يقفوا مع الجميع ان لم يتصدروا القيام بالعمل الفوري باتخاذ كافة التدابير لحل القضية الجنوبية التي لن تمحي آثارها السلبية من جراء سلوكيات وتصرفات النظام وكل متنفذيه وأتباعه إلا بالعودة إلى النظام الفيدرالي لإعطاء الجنوبيين رسالة في الوقت الصح ليثقوا بإخوانهم الشماليين الراضيين بالاتحاد على أسس صحيحة وليس كما خلق النظام الانطباع لدى الغالبية من الأخوة الشماليين مع الأسف من إن الوحدة أنما هي ضم والحاق وفيد والذي مثل في الحقيقة خلفية وأساس لكل التصرفات السابقة وزرعت انطباعا عاما للجنوبي بشيوع الإجحاف من كافة الأطراف الشمالية.


بناء الدولة المدنية الحديثة


كما أن أمامهم مهمة بناء الدولة المدنية الخالصة والحديثة التي لا يحكمها إلا القانون والمساواة أمام كل فرد في المجتمع أيا كان وضعه. إننا لنأمل أن يكونوا رئيسيين في الأسرع بإصدار قوانين منع الثأر ومعالجة قضاياه السابقة وبالتالي المنع المطلق لحمل السلاح في المدن والمناطق السياحية ثم الاتجاه إلى معالجة مشكلة القات والعمل على رفع شعار يمن بلا قات خلال زمن معين وقبل ذلك العمل على إعادة الروح في التطبيق لمواد العقوبات بالحق العام على كل جريمة مهما صغرت لأنها المادة التي اسقط تنفيذها عمدا وليس شرعا وهي التي تعزز الالتزام وتسهم في خلق الوعي بالقوانين وتردع الآخرين من ارتكاب المزيد من الجرائم. وأخيرا فإن ما هو مطلوب من أولاد الأحمر بصفة خاصة:-


أن يحجموا عن طموح الوصول إلى كرسي الرئاسة خلال العقد الأول لما بعد التغيير كتأكيد على صدق تصريحاتهم ونياتهم المخلصة نحو بناء الدولة المدنية الحديثة.


-العمل بشكل اكبر وفعال نحو التنسيق بشان تحجيم النفوذ السعودي باليمن الذي لا مجال لإخفائه من ناحية أو مناقشة أسبابه الآن حيث يبرر السعوديون خوفهم من اليمن نتيجة لعوامل عديدة منها خاصة برامج وإعلان بعض الأحزاب القومية واليسارية.


لقد ظل هذا الدور عاملاً سلبياً كبيراً أسهم مع عوامل أخرى في تأخرنا كثيراً وبالتالي كبح مشاريع التنمية وبناء الدولة والتقدم والرقي.


فإلى الأيام القادمات……..


8/إبريل 2011م


سعيد صالح أبو حربه


نقلا عن صحيفة الوسط

زر الذهاب إلى الأعلى